سوريا ومعركة العقوبات والامعاء الخاوية

سوريا ومعركة العقوبات والامعاء الخاوية
الخميس ١٨ مارس ٢٠٢١ - ٠٣:٣٩ بتوقيت غرينتش

انها معركة العقوبات والامعاء الخاوية، معركة استهداف الانسان بذاته، هي معركة ممتدة من رغيف الخبز في سورية، الى ابعد من حدود شرق المتوسط، خططت لها دول العدوان للوصول الى خضوع دمشق لمخططاتهم، الا ان الموقف ثابت، فالمصالحة اعتراف بالخصم الذي تجاوز كل حدود القانون الدولي الإنساني، نعم هي معركة اصعب من المواجهة العسكرية، وها هي سوريا في ميدانها. 

العالم - قضية اليوم
بالخبر، أعلنت بريطانيا، عن عقوبات جديدة تستهدف ستة أعضاء في الحكومة السورية، بينهم وزير الخارجية فيصل المقداد، وتأتي هذه الإجراءات، التي تشمل منعاً للسفر وتجميد أصول، في الذكرى العاشرة للعدوان والحرب المفروضة على البلاد، حيث استهدفت العقوبات ايضا، مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد، لونا الشبل، ورجُلَي الأعمال، يسار إبراهيم ومحمد براء قاطرجي، وقائد الحرس الجمهوري مالك عليا واللواء في الجيش زيد صلاح.
وهذه العقوبات هي الأولى التي تُفرض على دمشق، بموجب سياسة بريطانيا المستقلّة للعقوبات بعد بريكست، حيث اتقن فيها وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب الدور التاريخي لبريطانيا، كتابع للولايات المتحدة الامريكية وساعي بريد للحروب الأميركية، والمنفذ لأمر العمليات الأميركي، عبر استخدام السلاح السياسي، وفرض العقوبات الجارحة اقتصاديا، لتجويع الشعوب، بهدف تعويض النقص السياسي، وتحقيق انتصارات وهمية، تغطي فشلهم عسكريا.
بريطانيا هذه نفسها التي تمثل قمة المصالحة الغربية والصهيونية، من وعد بلفور الى سايكس بيكو، مرورا بالدعم الدائم والمستمر للكيان الصهيوني، ومن بعده للمجموعات المسلحة، التي تشكل رأس حربة في تأجيج الصراع الطائفي والمذهبي في المنطقة، تسعى بدورها الذي رسمه الأمريكي، الى المساهمة في تقسيم سوريا، كون السنوات العشر التي مرت من عمر الحرب على سوريا، تثبت تماما التناغم التام بين الفكر المتطرف للمجموعات الإرهابية في سوريا، وحتى التي تتستر خلف النشاط الإنساني المشبوه والمسمى بجماعة الخوذ البيضاء، الامر الذي يجعل سلوك بريطانيا وكل سياساتها في شرقنا، مدان، في ظل صمت مريب للمنظمات الدولية التي تسمع وترى العقوبات على الشعب السوري ولا تحرك ساكن.

لا شك ان السياسية الخارجية البريطانية التي أنتجت قراراً يشبه سياستها ويتطابق مع نهجها في مواجهة شعوب منطقتنا، وفرضها للعقوبات، في وقت يتجه فيه المشهد الإقليمي، وحتى الدولي، الى الاستعصاء السياسي والبعد عن الحلحلة، بالذات في الملف السوري، ليؤكد التصرف البريطاني ان القلق السياسي في دوائر صنع القرار الغربية هو السائد، ليتم رفع سقف العقوبات، لاستهداف شخصيات جديدة في سوريا، لتؤكد دول العدوان انها لا تتجه نحو التفاهم على نقاط أساسية في طريق الحل السياسي في سوريا، بل تقرع بقوة طبول المواجهة مع الشعب السوري، خصوصا مع هذا الكم الهائل من المخالفة للأعراف الناظمة للعلاقات الدولية، وتشكيلات الإيقاع السياسي العام الذي يبعد المواطن في أي دولة عن المشهد السياسي وإرهاب العقوبات، والتي تشبه القصف التمهيدي في المعركة العسكرية، والذي ينذر بقرب الانفجار، في وجه تلك الدول وجيوشهم البديلة، وتغيير حقيقي في قواعد الصراع والاشتباك، بعد هذا الاستهداف المباشر للمواطن في لقمة عيشه، قد يضع المنطقة امام زلزال، يبعدها عن مفاتيح التسوية.
ان طوابير الشعب السوري التي تقف امام محطات الوقود او افران الخبز، تدرك تماما ما الحقته العقوبات الامريكية والاوربية بشكل عام، بالاقتصاد السوري، وانه في جبهة مواجهة اقتصادية حقيقية، وان ما يجري على الأرض، هو سلاح مضاد بعد ان استطاعت قوة المقاومة من استثمار الانتصار العسكري سياسيا، وحولت مجريات العدوان الى سلاح في يدها لإنهاء التواجد الأمريكي والغربي بشكل عام من المنطقة، وان إرهاب العقوبات لا يشكل الا حالة من حالات الرعونة السياسية، وصيغة بسيطة وواضحة من صيغ محاولات الهيمنة والحماقة، ومسير واضح في مضمار العجز السياسي، وكل ذلك دفع دول تابعة للولايات المتحدة للدخول على خط هذه المواجهة الاقتصادية، لتمارس دورها الوظيفي في الإقليم، وبريطانيا تمثل حالة من حالات الاصطفاف الاعمى الى جانب أمريكا، ومساند لها في الهذيان السياسي والاقتصادي، وتدعم الهوس الأمريكي الذي يحاول العودة للتفرد بالقرار السياسي الدولي، واستغلال منصات عدة منها سياسية او اقتصادية او امنية، كركائز لزعزعة الاستقرار الذي رسخه الجيش السوري ومؤسسات الدولة في سوريا، حتى ولو كان على حساب الانسان، واستهداف غذائه ودوائه، الا انها لن تنجح والأيام ستثبت ذلك.

حسام زيدان