العدوان على اليمن.. قفزات بالأسعار ومخابز تغلق أبوابها

العدوان على اليمن.. قفزات بالأسعار ومخابز تغلق أبوابها
الأحد ٢١ مارس ٢٠٢١ - ٠٧:٢٢ بتوقيت غرينتش

تشهد صنعاء وعدة مدن يمنية أزمة غذائية حادة بسبب ارتفاع أسعار الدقيق بعد فترة من الاستقرار، بينما يعاني أغلب اليمنيين من تراجع حاد في القدرة الشرائية، في ظل انخفاض الدخل وتوقف صرف رواتب الموظفين، وكل ذلك بسبب العدوان والحصار الذي تشنه السعودية وحلفاؤها.

العالم - اليمن

وقفز سعر كيس الدقيق "50 كيلوغراماً" في صنعاء ومناطق شمال اليمن إلى نحو 16 ألف ريال مقابل 12 ألفاً سابقاً، بينما يزيد بنسبة كبيرة في عدن وجنوب البلاد، بوصوله إلى ما يناهز 24 ألف ريال، في ظل انهيار متواصل للعملة الوطنية التي سجلت أرقاما قياسية بتجاوزها حاجز 900 ريال مقابل الدولار الواحد، بينما تبلغ في صنعاء نحو 603 ريالات للدولار.

ويتبع الخمسيني زاهر البرعي، وهو رب أسرة مكونة من 8 أفراد، نظاما معيشيا مختلفا منذ مطلع الشهر الحالي، نتيجة للأزمة الغذائية المتفاقمة مؤخراً في اليمن، حيث اضطر إلى الاستغناء عن العديد من السلع، ومنها الخضروات، لتتركز نفقاته على رغيف الخبز، الذي لم يعد أيضا في متناول الكثيرين، بعد أن زاد سعره وخف وزنه خلال الفترة الماضية.

ويقول البرعي، الذي يعمل في مهنة إصلاح السيارات، إن ارتفاع سعر الخبز شكّل صدمة كبيرة له كمواطن محدود الدخل، إذ أصبحت وجبة الإفطار وحدها تكلفه نحو 900 ريال، لتوفير رغيف الخبز بعد أن كانت لا تزيد عن 500 ريال.

واستغلت المخابز ارتفاع أسعار الدقيق، ليس فقط في رفع قيمة الخبز، بل أيضا تقليص وزنه مقارنة بالوزن المحدد من قبل الجهات المعنية، الأمر الذي دفع الجهات الرقابية إلى شن حملات لضبط المخابز غير الملتزمة بالوزن والتسعيرة الرسمية، ما تسبب في زيادة الأزمة، إذ أجبرت هذه الحملة الكثير من المخابز على الإغلاق والتوقف عن العمل لأيام، قبل أن تعاود بعضها العمل بالتسعيرة التي حددتها، والتي تصل إلى 25 ريالا لرغيف الخبز في صنعاء مقابل 20 ريالاً سابقاً، بينما يباع في عدن بقيمة 30 ريالاً، فيما في محافظة حضرموت شرقي البلاد يصل إلى 40 ريالاً.

وعلى الرغم من حملات الجهات المختصة في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، على القطاعات العاملة في مجال الغذاء، يشير عبد الرحيم الأسدي، مالك أحد المخابز العاملة في صنعاء، إلى عدم قدرة أصحاب المخابز على تحمّل تكاليف الإنتاج ومكونات إعداد الرغيف، وأن ما يتم فرضه من زيادة تمثل الحد الأدنى بهدف تقليل خسائرهم مراعاة لظروف المواطنين اليمنيين وتردّي أوضاعهم المعيشية أيضا.

ويلفت الأسدي، بحسب موقع "العربي الجديد"، إلى أنه اضطر إلى إغلاق مخبزه لمدة يومين، خصوصاً بعد استلامه فاتورة الكهرباء التي فوجئ بزيادة مضاعفة في قيمتها بسبب أزمة الوقود، لكنه اضطر إلى معاودة العمل، لأنه لا يستطيع التوقف كثيراً، نظراً لأن مخبزه يعمل فيه أكثر من 10 عمال يعيلون أسرهم.

في السياق، يقول رئيس جمعية المخابز والأفران في عدن، عبد الجليل عبده أحمد، إن الزيادة الحالية في أسعار الدقيق وتفاوتها من منطقة لأخرى، ترجع إلى قيام المخابز بمراجعة التسعيرة وفق التكلفة التي أصبحت باهظة مع ارتفاع أسعار الدقيق، إذ لا تستطيع المخابز تحمل زيادة التكاليف.

ويضيف أحمد أن المخابز لم يعد باستطاعتها التعامل بالتسعيرة السابقة البالغة 20 ريالاً للرغيف الواحد بوزن 50 غراما، خصوصاً أن هناك أزمة خانقة في الوقود وارتفاع أسعاره في السوق السوداء، ما فرض على المخابز خيارات صعبة لتوفير مختلف مستلزمات الإنتاج.

وتكفل الاتفاقيات الرسمية التي يتم التعامل بها حصول المخابز والأفران على أسعار تفضيلية للدقيق بفارق 1500 ريال للعبوة زنة 50 كيلوغراماً عن سعره المتداول في الأسواق، والحصول على الوقود من قبل شركة النفط الحكومية بالسعر الذي تحدده الشركة مع نسبة تفضيل بسيطة، وذلك مقابل التزام المخابز ببيع رغيف الخبز (50 غراماً) للمستهلك بسعر 20 ريالاً.

لكن عضو الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية، علي عيسى، يقول إن هناك ارتفاعا عالميا في أسعار القمح، رغم محاولات القطاع الخاص احتواء تبعات ذلك وتلافي أي انعكاسات سعرية كبيرة على المواطنين في ظروف صعبة وحرجة.

ويضيف عيسى، أن القطاع الخاص في اليمن يعاني من سلسلة إجراءات وتضييق وجبايات متعددة، فضلا عن صعوبة النقل، وارتفاع تكاليف الشحن، وأزمة الوقود المتلاحقة، وانخفاض القدرات التشغيلية لمطاحن الحبوب، وهو ما يتطلب تعاون الجميع في السلطات المتعددة والقطاع التجاري والصناعي، لإيجاد الحلول المناسبة لتخفيف وطأة كل هذه العوامل وتداعياتها على المواطن، الذي يعد المتضرر الرئيسي من الصراع المستمر في اليمن منذ عام 2015.

وتقدّر جمعية المخابز والأفران حجم الاستهلاك اليومي للخبز في اليمن بنحو 80 مليون رغيف. ويعتمد 80% من الأسر على المخابز في توفير احتياجاتها من الخبز، فيما تعمل حوالي 20% من الأسر على إعداد الخبز في منازلها.

ورغم إحالة أصحاب المخابز رفع أسعار الخبز إلى زيادة أسعار الدقيق والطاقة ومستلزمات الإنتاج الأخرى، إلا أن الباحث الاقتصادي فيصل العمراني، لا يرى وجود أي مبرر لهذه الزيادة السعرية في سلعة أساسية، خاصة في صنعاء ومناطق شمال اليمن التي تشهد استقراراً في سعر صرف العملة الوطنية والتي تبلغ نحو 603 ريالات للدولار.

ويلمح العمراني إلى أن القطاع التجاري دائماً ما يتحجج بالعملة وتدهور سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية في ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، رغم وجود أسباب أخرى يشكو منها القطاع التجاري تتعلق بالجبايات المفروضة عليه من قبل أكثر من سلطة وطرف على امتداد منافذ وخطوط النقل.

وكانت منظمات أممية قد أطلقت مؤخرا تحذيرات من تردي الأوضاع المعيشية وانعدام الخدمات وتفاقم معدلات الجوع بصورة كارثية تطاول جميع المناطق اليمنية. وتتزايد الأزمات مع المستويات القياسية المسجلة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

ويشهد اليمن عدوانا منذ 6 سنوات، أودى بحياة عشرات الآلاف، وبات 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة، ويعيش الاقتصاد انهياراً غير مسبوق، وتطل بين الحين والآخر أزمة وقود خانقة تلقي بظلال سلبية على مختلف القطاعات.

تصنيف :