سجناء الرأي في البحرين بين الانتقام السياسي ووباء كورونا

سجناء الرأي في البحرين بين الانتقام السياسي ووباء كورونا
الخميس ٠٨ أبريل ٢٠٢١ - ٠٣:٣٥ بتوقيت غرينتش

أحدث استشهاد السجين "عباس مال الله"، في سجن جو المركزي، صدمة كبيرة في البحرين، حيث تعرض الشهيد، بحسب بيان وزارة الداخلية البحرينية، لـ»نوبة قلبية» أدت إلى وفاة طبيعية، في حين اتهمت جمعية «الوفاق» المعارضة إدارة السجن بالتقاعس والإهمال في نقله إلى المستشفى، لافتة إلى أن مال الله هو مصاب سابق بطلقة من سلاح «الشوزن» المُحرم دولياً، وهو ما يعني بقاء شظايا صغيرة في جسمه طوال حياته لا يمكن إزالتها.

العالم - البحرين

أيا يكن، يعد عباس مال الله أول شهيد في عهد ولي العهد، رئيس الوزراء سلمان بن حمد، الذي تم تعيينه في هذا المنصب من قبل أبيه في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، بعد وفاة رئيس الوزراء السابق، خليفة بن سلمان، الذي بقي طوال 49 عاما في منصبه. وسوف يلقي هذا الحادث بظلاله على عهد رئيس الوزراء الجديد، الذي ورث تركة ثقيلة من الأزمات السياسية والانتهاكات الممتدة في مجال حقوق الإنسان.

وهنا، يمكن القول إن التبريرات التي قدمتها السلطات بشأن وفاة مال الله لم تكن مقنعة ولا مقبولة لدى أهالي السجناء، أو منظمات حقوق الإنسان، فضلا عن المعارضة السياسية، إذ لا يستقيم أن تتبرأ السلطات الحاكمة من الاتهام، فهي تتحمل المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية بوصفها الجهة التي اعتقلت عباس وسلبت حريته في ظل هذه الظروف الصحية الحرجة.

لا شك في أن الحالة السياسية، بعد 10 سنوات من بدء الأزمة، ما زالت تراوح مكانها، فيما لم تستطع الحكومة أن تبعث برسائل إيجابية لإحداث انفراجة ما، وبالأخص في ملف السجناء السياسيين الضاغط على الأهالي والحكومة في آن واحد. تبين بالمتابعة أيضا، أن الحكومة تراوغ في تطبيق الحلول التي استحضرتها من الخارج، وبالتحديد «قانون العقوبات والتدابير البديلة» الذي لم يغير في واقع السجون شيئا منذ تاريخ إقراره من قبل ملك البحرين في شهر تموز/ يوليو من العام 2017.

الحكومة تتهرب من تطبيق توصيات «تقرير بسيوني» الشهير

من هنا، أضحى ملف السجناء محرجا للسلطات - وإن قالت إنهم «جنائيون» وليسوا سجناء رأي -، إذ إنه ينم عن سيادة المنهج الأمني في التعامل السياسي وتحكمه في صيرورة الأحداث.

فالبحرين هي الأولى خليجيا في عدد السجناء السياسيين قياسا إلى عدد سكانها ورقعتها الجغرافية، حيث تقدر المعارضة أعدادهم بما بين ألفين وثلاثة آلاف، يتوزعون على 4 سجون هي: جو، الحوض الجاف، القرين العسكري، وسجن مدينة عيسى المخصص للنساء.

سجون أربعة لا تتمتع بالرعاية الصحية اللازمة، التي من بين وجوه انعدامها الحرمان من الحصول على العلاج، وهو ما يتهدد حياة هؤلاء السجناء الذين تطلق عليهم السلطات «النزلاء»، خصوصا في زمن «كورونا» حيث تجاوز عداد المصابين 77 مصابا. وتصف جهات مراقبة حال السجناء السياسيين بأنهم في محنة، بين مطرقة الانتقام السياسي والعقاب الجماعي من قبل النظام، والتي قد تفضي إلى الموت، وسندان تفشي «كورونا»، وهو موت ماثل يلاحق كبار السن وذوي الأمراض.

يلاحظ، أيضا، أن الحكومة تتهرب من تطبيق توصيات «تقرير بسيوني» الشهير الذي صدر في 23 شباط/ فبراير 2011، ونص بشكل صريح على قيام حكومة البحرين «بإعداد برنامج للمصالحة الوطنية يتناول مظالم المجموعات، التي تعتقد أنها تعاني من الحرمان من المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية».

تبقى الإشارة، وبعيدا عن «التناول الطائفي»، إلى أن كل السجناء السياسيين الآن هم من الطائفة الشيعية، وهذا يكشف عن أزمة في «سياق الثقة» بين النظام وهؤلاء المواطنين الذين يشكلون أغلبية 60٪ من السكان، على رغم تأثيرات «التجنيس السياسي» الذي يستهدف التغيير الديموغرافي في التركيبة السكانية للبلاد. ومن هنا، ينبغي فهْم مطالب الحرمان الذين يعاني منه أفراد هذا المكون الاجتماعي الواسع في البحرين، وهي في الأساس مظالم تتلخص في التجهيل السياسي والعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة.

المصدر: جريدة الأخبار