'رايت' إثر 'فلويد.. لافرق عنصريا بين شرطة ترامب وبايدن

'رايت' إثر 'فلويد.. لافرق عنصريا بين شرطة ترامب وبايدن
الثلاثاء ١٣ أبريل ٢٠٢١ - ٠٢:٤٧ بتوقيت غرينتش

يقال ان مدينة مينيابوليس الاميركية (أكبر مدن ولاية مينيسوتا) شهدت احتجاجات جديدة ضد التوجه العنصري لحكومات الولايات المتحدة الاميركية المتعاقبة بشقيها الجمهوري والديمقراطي، اثر مقتل المواطن الاميركي "داونت رايت" أول من أمس الأحد، وهي عملية القتل الثالثة التي حصلت هذه المرة على يد شرطة الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن. 

العالم - يقال ان

"داونت رايت" (20 عاما) شاب من أصول إفريقية تم قتله بالرصاص بعد نحو سنة على مقتل جورج فلويد، وعلى بعد 16 كيلومترا فقط من موقع مقتل الاخير، الذي اشعل حينها احتجاجات صاحبتها ردود فعل عالمية ضد سياسة العنف العنصري الرسمي الذي انتهجته في حينه ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب الذي تقرب أكثر من أيِّ رئيسٍ في الذاكرة الأمريكية الحديثة من الجماعات اليمينية المتطرِّفة، والعديد منها مُسلَّح توسم بالارهاب والعنف.

جاء مقتل رايت هذه المرة في وقت تجري فيه حاليا محاكمة شرطي بتهمة قتل "جورج فلويد"، ما ادى الى تجدد المظاهرات الاحتجاجية النابذة للتطرف العنصري والتوسل بالعنف، حيث تجمّع المئات من المحتجين خارج مركز شرطة في بروكلين سنتر، شمال غرب مينيابوليس، فيما أطلقت الشرطة الغاز المسيل والقنابل الصوتية باتّجاه المتظاهرين.

قصة مقتل رايت

الفرق بين مقتل فلويد ومقتل رايت، ان الاول تم توثيق جريمته بالقتل العنصري البشع من خلال الفيديو الذي انتشر كإنتشار النار في الهشيم مذكرا بالتعامل العنصري الذي كان يفرق ويميز عنصريا بشعا بين المواطنين الاميركيين البيض من جهة والملونين خصوصا منهم السود من أصول إفريقية في الشارع الاميركي أو في مؤسسات الدولة، حيث تلفت الاحداث الاخيرة الانتباه إلى التبجح العنصري المتطرف الذي كان سائدا في الولايات المتحدة قبل عقود ومقولة تفوق العنصر الابيض في تاريخ الولايات المتحدة "البيضاء".

قالت كاتي رايت والدة الشاب المغدور داونت رايت أمام حشد من المتجمهرين ليل الأحد، أنه اتصل بها لإبلاغها بأنه تم توقيفه من قبل الشرطة، وأنها سمعت خلال المكالمة عناصر الأمن يطلبون من نجلها ترك هاتفه المحمول قبل أن ينهي أحدهم المكالمة، لتبلغها صديقته "بعد وقت قصير"، بأنه قتل بالرصاص.

رواية الشرطة

أكد مكتب التوقيف الجنائي التابع لمينيسوتا أنه "يحقق بشأن حادثة إطلاق نار مرتبطة بالشرطة" في بروكلين سنتر، لكنه رفض تحديد هوية الضحية، ووفق بيان لدائرة شرطة بروكلين سنتر، فإن عناصر الشرطة طلبوا من سائق التوقف بسبب مخالفة مرورية. وعندما اكتشفوا وجود مذكرة بإلقاء القبض عليه أساسا، حاولوا توقيفه، لكنه عاد إلى سيارته وأطلق أحد العناصر النار فأصيب السائق وتوفي فورا.. هكذا.. انهاء حياة انسان لمجرد وجود مذكرة توقيف ولانه عاد الى سيارته.

جاء في البيان أن راكبة كانت مع رايت في السيارة تعرّضت "لإصابات لا تشكّل خطرا على حياتها" ونقلت إلى مستشفى في المكان، دون أن يتم تحديد هويتها، فيما وصف رئيس بلدية مدينة بروكلين "مايك إليوت"، إطلاق النار بأنه "مأساوي" وطلب من المتظاهرين أن يحافظوا على السلمية، في وقت تجّمع فيه المئات من المحتجين في بروكلين سنتر ليل الأحد، حيث واجهتهم الشرطة بمعدّات مكافحة الشغب والغاز المسيل والقنابل الصوتية لتفريقهم، رغم مطالبة رئيس بلدية مدينة بروكلين مليك إليوت أن لا يتم التعامل مع الاحتجاجات السلمية بالقوة".

تظاهرتان في آن

انضمت الاحتجاجات ضد التوجه العنصري للشرطة الاميركية اثر مقتل الشاب من أصول أفريقية داونت رايت (20 عاماً)، بإطلاق النار عليه في أحد أحياء المدينة ليل الأحد – الإثنين، الى تلك المتواصلة منذ أيام في مينيابوليس المتزامنة مع محاكمة الشرطي شوفين قاتل فلويد، ما دفع بالشرطة الى استخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية باتجاه المئات الذين تجمعوا خارج مركز للشرطة في بروكلين سنتر، شمال غرب مينيابوليس، وبعد نحو ساعة، تراجع وجود الشرطة، وتحول الحشد إلى إضاءة الشموع، وكتابة رسائل على نحو "العدالة لداونت رايت" في الشارع، لتعود الاحتجاجات وتندلع مجدداً، ما دفع سلطات المدينة لفرض حظر تجول حتى صباح أمس الإثنين.

قال جاكوب فراي، عمدة مدينة مينيابوليس في مؤتمر صحفي: "أعلنت حالة الطوارئ يتبعها فرض حظر تجوال يبدأ من السابعة مساء الليلة وحتى السادسة من صباح الغد (الاثنين)"، ويمتد حظر التجوال إلى مدينة سانت بول المجاورة وبعض التجمعات السكانية المحيطة مثل حي هينيبين حيث قُتل الشاب داونتي رايت الأحد الماضي عندما استخدمت شرطية سلاحها الناري بدلا من الصاعق الكهربائي أثناء مواجهة مع الشاب رايت.

الجريمة العنصرية الثالثة خلال عام

وللتاريخ.. شهدت مدينة مينيابوليس مقتل فلويد اختناقاً بعدما ضغط الشرطي ديريك شوفين بركبته على عنقه لأكثر من 8 دقائق، ثم تبع مقتل فلويد مقتل مواطن أميركي من أصول صومالية اسمه "دولال إيد" بداية العام الحالي. وكان مقتل إيد قد مرّ دون صخب كثير، بعدما بادرت شرطة مينيابوليس، بشكل غير مسبوق، إلى نشر فيديو بعد 24 ساعة من مقتله، يظهر أنه بادر أولاً لإطلاق النار على عناصرها، رغم ما أثاره ذلك من علامات استفهام من ناشطين ومشككين، ثم جاءت الاحداث الاخير ومقتل الشاب "داونت رايت" لتؤجج الاشجان مجددا في الولايات العنصرية الاميركية.

الاحداث الاخيرة

يذكرنا توالي الاحداث العنصرية بما كان يحدث من تمايز عنصري فضيع شنيع قبل قرن من الزمان في الولايات المتحدة وتحديدا بعد الحرب العالمية الاولى وظهور جماعات عنصرية دموية متطرفة مثل جماعة "كوكلوكس" التي كانت في حيثياتها منظمة عنصرية تتوسل العنف كي تنتصر للجنس الابيض دون غيره من الاجناس التي تعيش في الولايات المتحدة.

ويذكر معظم الأميركيين هذه الجماعة الدموية العنصرية المتطرفة "الكوكلوكس" التي تقدس لون البشرة البيضاء على حساب المقاييس الانسانية الاخرى وهو نفس الأمر الذي توسل به الرئيس الاميركي السابق بتقريبه جماعات يمينية متطرفة لا تفترق كثيرا عن جماعة "الكوكلوكس.

الموقف السياسي الاميركي

لم يشهد الشارع الاميركي رغم حجم التظاهرات ضد العنصرية التي اندلعت بعد مقتل فلويد والتي استمرت لشهور ضد لعنصرية وعنف الشرطة وتوسع نطاقها الى الولايات الاميركية والى خارج الولايات المتحدة الاميركية وصولا الى اوروبا، اي تغيير في السياسة الاميركية التي بل على العكس شددت قبضتها بوجه المحتجين، فيما توسل الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب مع بدء حملته الانتخابية، بالعديد من أشكال الاستفزاز للحراك ضد العنصرية، كما دعم بشكل غير مباشر ممارسات الشرطة العنفية ضد المتظاهرين، ووجه رسائل اعتبرت داعمة أيضاً لحراكات نفذها يمينيون متطرفون بزعم "حماية" أحياء من "عنف" المتظاهرين ضد العنصرية.

بايدن كما ترامب.. على حد سواء

لم يحرك الرئيس الاميركي بايدن حتى اللحظة اي خطوة من شانها تقليل الاحساس العنصري لدى مكونات اجتماعية ملونة في الولايات المتحدة، خصوصا وهو من أكد بعد تسلمه السلطة، في كانون الثاني/يناير الماضي، معارضته بشكل قاطع "إنهاء تمويل الشرطة"، فيما اعتبرت حركة "حياة السود مهمة" أنه يراكم "استراتيجيات إصلاح أخفقت في تصحيح أوضاع المجتمعات المهمشة وتصحيح ظاهرة عنف الشرطة وطنياً"، بعد تمرير مجلس النواب الأميركي، في آذار/مارس الماضي، قانون جورج فلويد لإصلاح الشرطة، بانتظار تمريره أيضاً في مجلس الشيوخ.

السيد ابو ايمان