حرب صناعة العقول

حرب صناعة العقول
الجمعة ١٦ أبريل ٢٠٢١ - ١١:٢٠ بتوقيت غرينتش

شعارات طنانة رنانة تحاكي احلام الشباب، عبارات وكلمات تنفس المكبوتات لديهم، برامج ومسلسلات تدس السم في العسل، دراسات وأبحاث ومنشورات تمجد الدولار والبترودولار وتصور أن من يسير على خطاهم يعيش بنعيم وسلام، محللون وإعلاميون وكتبة باعوا ضمائرهم للعملة الخضراء يملأون الشاشات يمارسون غسل الادمغة بأسلوب احترافي يجعل من الجلاد الضحية، يقلبون الحقائق ويشتتون الإذهان بأفكار ما أنزل الله بها من سلطان.

العالم - سورية

كل ما ذكرناه يقف خلفه جماعات ترصد، تراقب منذ عقود طويلة، وبالطبع أسستها حكومات الدول الاستعمارية الكبرى وتوسعت بأعمالها وأنشطتها في الآونة الأخيرة بعدما فشلت فشلا ذريعا بحروبها العسكرية، فتوجهت إلى حرب من نوع آخر واخطر الا وهي استيلاب العقول لاذعان اهم فئة بالمجتمع قصدنا بها فئة الشباب لتكون ادوات في حربها مع محور المقاومة ومن داخل المجتمعات التي يتواجد فيها بيئة وثقافة خاصة بالمقاومة لضرب البنية النفس اجتماعية وذلك عبر تفتيت وتدمير المنظومة الفكرية والثقافية وخلق منظومة جديدة ، فوضعت هذه الدول إمكانات مالية ضخمة ووسائل إعلامية وتكنولوجية هائلة وأسست لمئات مراكز الدراسات لتضع الاستراتيجيات الخاصة والدقيقة بإستقطاب الشباب وإعادة صناعة عقولهم واتجاهاتهم وميولهم بما يتناسب مع خططها الاستعمارية، فتابعوهم انطلاقا من أساليب علم النفس الاجتماعي، وحاكوا كل فئة بلغة خطيرة وخطورتها تكمن بأنها تتوغل في قلوب وعقول هؤلاء الشباب... وبالطبع لاقت أصداءً عند البعض منهم.

وهنا نسأل عن أي فئة من الشباب نتحدث؟ بالطبع نحن نتحدث عن الشباب الذين ليس لديهم أي حصانة ثقافية إيمانية عقائدية، الفئة التي تشعر بالتهميش الاجتماعي وتعيشه وتبحث عن هوية جديدة لها، هوية رافضة لواقعها معارضة لمحيطها، أضف إلى ذلك غياب التقدير الذاتي، فتجد ملاذها عند هذه الجماعات، سيما أن أغلب السلطات الموجودة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية لا تعير أهمية لفئة الشباب في خطتها الحكومية، ولا يوجد آليات تعمل على استثمار طاقاتهم وكفاءاتهم ... فتأتي هذه الجماعات وعلى رأسها الصهيونية والأميركية والبريطانية وغيرها لتلعب على وتر أفكارهم ومعتقداتهم واوجاعهم ونقاط ضعفهم وتنمي لديهم الاعتقاد بأن الانتماء إلى هذه الجماعات إن كانت تكفيرية إرهابية أو تجسسية تعطي الشاب الجاه والمال والسلطة والقوة التي تقوم بإخضاع وإذلال الآخرين، وتزرع بداخلهم الثقة بالذات الهشة، فتكون النتيجة الانتماء إلى هذا المعتدي ويصبح هذا الشاب أكثر عدوانية في المجتمع، ويقع بحالة استيلاب كاملة أمام مشغله، فيصبح أشبه ب "روبوت".

بالمقابل نجد ان من يتمعن بالثورة الإسلامية المباركة وبخطابات روح الله الموسوي الخميني (قده) سيما قبل حصول الثورة المجيدة نجد أنه حاكى عقول وقلوب ووجدان الناس سيما الشباب منهم، وذلك عبر خطاب واقعي عقلاني ايماني جسد فيه الرسالة المحمدية الاصيلة، فقد أعطى حيزًا هامًا للشباب لا بل اعتبرهم أساس نجاح الثورة والوقوف في وجه الظلم، وهذا كله ليس من أجل شخصه المقدس ولا من اجل اي أمر دنيوي لا بل من أجل العزة والكرامة وحقوق المستضعفين المضطهدين، لذلك كان يشدد روح الله الموسوي (قده) تماما كما اليوم يفعل السيد الخامنئي دام ظله الشريف على ضرورة استثمار الطاقات الشابة لما فيه خير الأمة وصلاحها.

وقد كان الإمام الخميني إماما رؤيويا فحذر ونبه من انزلاق الشباب لاغراءات الغرب المزيفة التي تريد منهم أن يكونوا ادوات بيدها تنفذ أوامرها التخريبية التدميرية بداخل المجتمعات المعادية لمحور الشر، وعن هذا يقول روح الله الخميني (قده):" هؤلاء الاعزاء هم الذين يكون استقلال وحرية ورقي وتعالي الأمم مرهونا بجهودهم، وهؤلاء هم الهدف الأساسي للاستعمار ومستثمري العالم، وكل قطب يعمل بقصد صيدهم، وبصيدهم تجر الأمم والبلدان إلى الهلاك والاستضعاف".

لذلك نجحت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتحصين الشباب بالوعي والنضج والتوعية اللازمة لعدم الانجرار والوقوع في افخاخ هذه الأورام السرطانية الخبيثة التي وان تلونت بألف لون جوهرها ومضمونها شيطاني إرهابي فاسد.

وها هم الشباب المقاوم في لبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا وفلسطين وفي كل بلد يرفض الخضوع والخنوع لقوى الشر يلحقون الهزائم الواحدة تلو الأخرى بمحور الشر.. وسيبقون كذلك طالما انهم اعتنقوا مذهب العزة والكرامة والحق لتحرير أراضيهم من رجس العدوان...

*نسرين نجم / اختصاصية في علم النفس الاجتماعي