فشل خطة الدون كيشوت السعودي في شمال سوريا

فشل خطة الدون كيشوت السعودي في شمال سوريا
الثلاثاء ١٨ مايو ٢٠٢١ - ٠٤:٣٣ بتوقيت غرينتش

مرة جديدة في شمال البلاد فشلت خطة الدون كيشوت السعودي، الخارج من سلطة الخواء التي تواصل معارك طواحين الهواء في مختلف الدول في المنطقة. لم تثمر المحاولات التي زرعها تامر السبهان مع جماعة قسد في مواجهة الدولة السورية، ما سيترك اثره ايجابا على اقتراب نهاية الحرب المفروضة على سوريا. 

العالم - قضية اليوم

القصة بدات منذ ان خسر الداعم السعودي للحرب على سورية عدة مناطق، منها حلب وريف دمشق ودرعا، وبدأ يتقلص دوره في مناطق كالجزيرة السورية، هنا كان لا بد من تدخل ملحوظ للوزير السعودي ذو التوجه الاستخباراتي، ثامر السبهان، والذي وصل الى الشرق السوري بأكثر من زيارة، كانت بدايتها عام 2017 وحتى 2019، هذه الزيارات انطلقت من عدة اهداف، كان ابرزها، التصدي للدور القطري التركي في المنطقة، ومواجهة الاتراك لمقايضتهم لاحقا على ملفات اخرى، وهذا الخلاف مع قطر وتركيا، كان له ارتباطه بالأزمة في دول الخليج الفارسي، بعد مقاطعة السعودية والامارات والبحرين ومصر لقطر، وكانت خلف الكواليس في تلك القطيعة ايضا، قضية من يتحكم بالملف السوري، ومن جملة تصفية الحسابات بين الفرقاء في الخليج الفارسي، كان محاصرة قطر والاتراك في سوريا، وهذا مثبت بوثائق دبلوماسية اردنية، نقلت على لسان دبلوماسيين سعوديين، تحدد سبب الكباش السعودي التركي في شمال شرق سوريا، وعرض تقرير من السفير الأردني في الرياض علي الكايد إلى وزارة الخارجية الأردنية بتاريخ 2/11/2017 حمل موضوعه، التحركات السعودية في سوريا والخلاف مع تركيا، وقال التقرير " هناك تحول في الموقف السعودي تجاه الملف السوري، شاهِده زيارة الوزير ثامر السبهان المعني بشؤون الخليج الفارسي، ذو الخلفية الأمنية البحتة، إلى مدينة عين عيسى في الريف الشمالي لمحافظة الرقة السورية، إلى جانب منسق التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بريت ماكغورك، حيث حملت الزيارة عدة مقاصد ومعانٍ منها سعي السعودية إلى التأكيد على تثبيت مناطق النفوذ، وتوجيه رسالة بليغة إلى تركيا بأن التحالفات في طريقها إلى التغيّر، خاصة أن قوات سورية الديموقراطية - قسد تعد العدو لتركيا داخل سوريا، والتي التقى الوزير السبهان قيادات تنفيذية تابعة لهذه القوات المدعومة أميركياً ولكونها تحقق نوعاً من التوازن." وبعد ذلك بدأت تدخل القوات السعودية لتشارك القوات الامريكية بقواعدها في الشمال، بالاضافة الى ذلك الدعم اللوجستي لقوات قسد، والدعم المالي لما يسمى بالمجالس المحلية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، في محاولة من السبهان وقيادته، استمالة العشائر، واستثمارها في وجه الدولة السورية، وهذا كان واضحا من زيارة السبهان لمناطق ذات طابع عشائري، والانطلاق في تشكيل قوات عسكرية من العشائر في وجه دمشق وحلفائها، ولم تترك السعودية ايضا المكون العشائري داخل قسد، حيث خصته ايضا بالدعم ، في الوقت نفسه كانت الولايات المتحدة المستفيد الاكبر من حضور السعودية في المنطقة، وذلك بهدف استمالة العشائر العربية عبر السعودية نحو الجيش الامريكي، واستثمار العلاقة القوية بين العشائر والسعودية، ولم يمض وقتا طويلاً حتى طار وفد من قسد الى الرياض، وقررت السعودية في حينها افتتاح مكتب للجناح السياسي لقسد في الرياض، وهذا كان واجهة الدعم السياسي السعودي لقسد. ولتثبت ايضا السعودية حضورها العسكري وصل ضباطها وجنودها عبر قاعدة التاجي في العراق الى قاعدة الشدادي الامريكية، وبقيادة ضابط سعودي يدعى سعود الجعيفي، كل ذلك سعت له السعودية والولايات المتحدة الامريكية للامساك بأوراق جديدة في وجه الدولة السورية، للحفاظ على دور لها في المنطقة، وحجز مقعد متقدم في الحل السياسي القادم، للتأثير على قسد والعشائر بما يخص الحوار مع الدولة السورية، بالاضافة الى اهدافها الخاصة.

بالطبع كل ذلك الحراك السعودي كان يدور في الفلك الامريكي، والفعل السعودي في شمال شرق البلاد ليس بريئاً، ولا يمكن أن يكون كذلك، وهو لعب في الوقت المستقطع، بالذات عندما يكون هذا العدوان السعودي والتدخل المباشر في شمال شرق البلاد، محددا بأهداف وغايات ليست بعيدة عن الأجندات الأميركية المعمول بها، داخل حزام من الافتراضات الموازية، وحسابات مضحكة، ولا تضيف الى معادلة الصراع في نهاية المطاف الا زيادة تعقيد.
إن الاحاطة بالمشهد العام في مناطق تواجد قسد، ندرك انما يحدث هو من المسلمات المعمول بها امريكيا، ومن ورائه كل حلفائها في هذه الحرب المفروضة على سوريا، هو جزء من حالة الضغط على الدولة السورية، وهذا الضغط المستمر هو جزء من سياسة واشنطن، للتخفيف من نقاط الضعف لمحور العدوان، التي ظهرت في مختلف المحاور، لذلك فإن الرياض لم تنجح في تحقيق حضورها الفاعل في المناطق الشرقية في سوريا، وخسرت الرهان، وباءت مخططاتها بالفشل الذريع، وهذا كله مبني على المعلومات التي تتحدث عن انخفاض الدور السعودي منذ بداية العام الجاري وهذا جاء بناءا على تخفيض الدعم المالي للمجالس المحلية، وتخفيض الدعم اللوجستي العسكري لقسد، وغياب حقيقي لاي حراك سياسي سعودي في تلك المنطقة، لعدة اسباب، وهنا نؤكد ان هذه المعلومات اكدها قادة العشائر الذين قالوا ان الرياض " لم تلتزم بتعهداتها معهم " وبالذات المالية منها، وهذا ايضا يقاس على توقف الدعم لجيش العشائر الذي لم تستطع ان تكمل بنائه، نتيجة تجاذبات مع الولايات المتحدة الامريكية والاكراد، ويقتصر النشاط السعودي على جنودهم وضباطهم في قاعدة الشدادي وحقل العمر النفطي.
نعم هو الفشل الذي يلاحق المشروع السعودي الامريكي في المنطقة، وتحديدا في شمال شرق سوريا، وحصيله المؤكد يساوي الصفر نتائج، بينما سجل هذا المشروع السعودي ارقاما مرعبة لجرائم ضد الانسانية في سوريا، من استهداف للمدنيين وتدمير مدن وقرى بأكملها، ولم يكن لديهم حافزا في المنطقة الا الفشل للتمسك بالارهاب كحقل استثمار سياسي، له وظائفه ومهماته الاساسية، وله دوره في المفاضلة، من داعش والنصرة الى قسد والعشائر المنضوية تحت لوائها.

حسام زيدان

كلمات دليلية :