الأبواب المفتوحة بين دمشق وحماس

الأبواب المفتوحة بين دمشق وحماس
السبت ٢٢ مايو ٢٠٢١ - ٠٥:٤٩ بتوقيت غرينتش

في اجتماع جرى بين الرئيس الاسد وقادة الفصائل الفلسطينية وعلى راسهم الامين العام لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الاخ “زياد النخالة” ، اكد الاسد للحاضرين التزام سورية الكامل بدعم المقاومة الفلسطينية .

العالم - سوريا

ولا شك بانه الموقف الاكثر تميزا عربيا على اعتبار ان سورية تخوض منذ عشر سنوات حربا ضروسا دمرت بنيتها التحتية واقتصادها وحاولت الفتك بجيشها ومجتمعها، وبروز اصوات من النخبة السورية تنادي” بسورية اولا ” كخلاصة لتجربة الحرب . الا ان الرجل الذي يوصف بالعنيد في دمشق ترك طقوس الانتخابات والحملة الانتخابية في يوم الاقتراع للانتخابات الرئاسية في الخارج وجلس مع قادة الفصائل للوقوف على الوضع في فلسطين ومالات المنازلة بين المقاومة و"اسرائيل" في غزة .

لا يمكن اغفال الدور السوري في احتضان المقاومة الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 65 ، ولاحقا احتضان وتدريب وتسليح وحماية التيار الاسلامي في فلسطين المتمثل في حركتي الجهاد وحماس مطلع التسيعنيات من القرن الماضي. وما ترتب طوال عقود نتيجة هذا الموقف الداعم للمقاومة من اثمان باهظة دفعتها سورية الدولة والشعب من حصار وتهديد وضغوط دولية وصولا الى الحرب القاسية التي هدفت بالدرجة الاولى الى معاقبة سورية على موقفها من القضية الفلسطينية ومناهضتها "لاسرائيل" في كل المحافل ، وتغيير دورها في الاقليم وضرب حلف المقاومة . واعتقد ان فصول تلك الحرب بدات تتكشف تباعا ، وهناك الكثير مما سيقال ويكتبه المؤرخون المحايدون لاحقا عن اسرار وخفايا تلك الحرب القاسية على سورية .

الرئيس الاسد في موقف لافت عندما ابلغ قادة الفصائل ممن كانوا في ضيافته ان ابواب دمشق مفتوحة لكل المقاومين الفلسطينيين وكل الفصائل الفلسطينية على اختلاف تسمياتها . واكثر من ذلك حملهم تحياته الى كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس ، والى مقاتلي حماس في غزة . هو الموقف الاول الصادر من دمشق منذ القطيعة مع حماس بسبب موقف الاخيرة الداعم للمعارضة السورية في الحرب .
كلام الاسد فيه الكثير من التعالي على الجراح ، وتقديم المصلحة الفلسطينية والقضية الفلسطينية حتى على القضية السورية . هكذا يظهر الاسد كزعيم تاريخي وقائد مبدئي ضمن مشروع استراتيجي ينهض بالامة وليس مجرد رئيس . وهكذا يثبت الاسد انه عنيد الى حد ان كل الحرب التي شنت على بلاده بهدف تغيير سلوكه ومقاربته للاحداث والقضايا جعلته يرسخ موقع سورية اكثر في مواجهة "اسرائيل" ، ويحث الخطى حتى قبل تعافي سورية الكامل نحو حمل راية القضية المركزية للعرب والمسلمين .

بالمقابل جاء اول رد من حركة حماس على لسان القيادي البارز في الحركة اسامة حمدان ، والذي سمع بموقف الاسد من خلال” قناة الميادين ” كما قال في اتصال اجرته معه القناة ، وانا من حاوره شخصيا واكد حمدان ان حركة حماس ترد التحية للاسد باحسن منها ، وان هذا الموقف ليس مستغربا من سورية ، وان موقف الأسد الداعم للمقاومة ليس غريباً ولا مفاجئاً و من الطبيعي أن تعود العلاقات بدمشق إلى وضعها السابق”.

لاشك انها مواقف تفتح الابواب المغلقة بين حماس ودمشق ببركة صواريخ المقاومة التي دكت تل ابيب والمستوطنات والمواقع العسكرية الاسرائيلية ، وبركة نصر الشعب الفلسطيني ، والشعب السوري ، وتؤسس لطي صفحة داكنه من العلاقة طوال السنوات العشر الماضية . ونقول تؤسس لان العلاقة بين الطرفين تحتاج الى المزيد من الوقت والنضوج ولا تعيدها تصريحات ايجابية فقط على اهميتها .

خلال السنوات الماضية حاول وسطاء كما اطلعنا في حينه سواء حزب الله او المسؤولين الايرانيين حاولوا رأب الصدع ومعالجة اسباب الخلاف ، وبذلوا جهودا كبيرة . الا ان الاسد كان يرفض ، مع تاكيده على دعم المقاومة الفلسطينية في فلسطين وفي غزة على وجه التحديد.

الامر بطبيعة الحال ليس سهلا للاسد ، فحماس كما قال رئيسها في الخارج خالد مشعل منذ ايام عاشت عصرها الذهبي في سورية. وقدمت سورية معسكرات التدريب والسلاح والتكنولوجيا الحربية خاصة في مجال الصواريخ والمتفجرات ، وقدمت اراضيها وعاصمتها كمقر لقيادة حماس بعد ابعادها من الاردن مطلع التسعينات ، وتعرضت للضغط والتهديد واحيانا العدوان المباشر بسبب وجود حماس والجهاد في حماها.

سورية هي قلب هذه الامة ، وبوصلة العالم الحر ، وجيشها قاتل في معارك الامة دفاعا عن فلسطين ، وقدمت خيرة ابنائها شهداء من اجل فلسطين . سورية الدولة التي لم تسمح رغم كل الحروب والضغوط والحصار والجوع برفع علم "اسرائيل" في سمائها ، من الطبيعي ان تكون قبلة المقاومين والمناضلين وشرفاء الامة .

المصدر: رأي اليوم (بتصرف)