المقاومة أوجعت الاحتلال وبددت كل مخططاته في القدس وغزة

المقاومة أوجعت الاحتلال وبددت كل مخططاته في القدس وغزة
السبت ٢٢ مايو ٢٠٢١ - ٠٨:٥٦ بتوقيت غرينتش

هزائم كبيرة لحقت بكيان الاحتلال الاسرائيلي خلال عدوانه الاخير على قطاع غزة، في حين سجلت المقاومة الفلسطينية انتصارات ساحقة في معركة "سيف القدس" التي جاءت نصرة للمدينة المقدسة والشيخ جراح والهبة الشعبية في الضفة الغربية والاراضي المحتلة عام 48.

العالم - يقال ان

المراسل العسكري في القناة الـ 13 العبرية، أور هيلر، اجرى مقارنة بالارقام بين معركة "سيف القدس" وعملية "الجرف الصلب" عام 2014 وأقر بأن المقاومة الفلسطينية حققت رقماً قياسياً في إطلاق الصواريخ من غزة، إذ احصيت اطلاق 4360 قذيفة صاروخية أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 11 يوماً فقط، بينما احصيت خلال 51 يوماً من عملية "الجرف الصلب" في عام 2014، أطلاق 4600 قذيفة صاروخية وقذيفة هاون، مضيفا أن "ضبّاطاً كباراً في الجيش الإسرائيلي أقرّوا بأنهم لم يعالجوا على نحو جيد موضوع القذائف الصاروخية، على الرغم من أن الهدف المركزي كان العثور على حُفر إطلاقها وتدمير مخازنها، لكن لم يكن هناك، في النهاية، معلوماتٌ استخبارية كافية بشأن الصواريخ لدى كل الأجهزة الأمنية".

بالتالي بأتي هذا كاعتراف إسرائيلي مباشر بفشل ذريع بنقص المعلومات الاستخبارية في غزة"، والتي ادت بحسب القناة الـ 13 الى الفشل في التعامل مع صواريخ المقاومة" والتي رغم التبريرات التي ساقها الاحتلال الا انها ادت في النهاية الى فرض المقاومة لشروطها على الارض وبالتالي رضوخ الاحتلال الصهيوني لشروط المقاومة .

منظومة "القبة الحديدية" التي كلفت الكيان الصهيوني مئات ملايين الدولارات، واعتُبرت مركز هيبتها ودرعها الحامي، أمست قاب قوسين من فضيحة قد تكلّفها اسمها في سوق السلاح، فصواريخ المقاومة تعدّت القدس وتل أبيب، والصدمة الناتجة عن فعالية "القبة الحديدية" أرجعته القناة الإسرائيلية الـ12 إلى خلل فني، فيما قالت حركة المقاومة الفلسطينية عن صواريخ جديدة بتكنولوجيا متطورة، فـ "تل أبيب" أغلقت مطارها بعدما جرى قصفها بـ150 صاروخا خلال خمس دقائق.

وأقر جيش الاحتلال بأن صواريخ المقاومة لا يمكن للقبة الحديدية أن تطاردها كلها، وأن تكون نسبة نجاح القبة 100%، مؤكدا، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن نجاح هذا الأمر مستحيل، ما تسبب بانتقادات لاذعة في الصحافة العبرية، وسبق أن أعلنت كتائب القسام استهدافها مرارا بطاريات القبة الحديدية خلال الحرب، من بينها قرب "ناحل عوز" بقذائف الهاون من العيار الثقيل.

ويضاف الى ما سبق انه فور شيوع أنباء عن بدء جيش الاحتلال عملية عسكرية في قطاع غزة، ساد ارتباك ونفي سريع مجمل الحالة العسكرية والإعلامية الإسرائيلية، حيث سارعت مختلف وسائل الإعلام لنفي الخبر بصورة "هيستيرية" عكست جانبا من حالة الخوف والقلق من البدء الفعلي بمثل هكذا قرار. وجاءت ردة الفعل الإسرائيلية على نفي خبر بدء العدوان البري لتعكس صحة من تحدثوا من المراقبين والمحللين الإسرائيليين وغيرهم، من أن كلفة الدخول ستكون باهظة، وأنها تحتاج قبل ذلك إلى وجود حالة سياسة مستقرة وحكومة وحدة أو أغلبية داخل الاحتلال، حتى تتحمل مسؤولية اتخاذ مثل هذا القرار، وهو ما لا يتوافر بالحالة السياسية الإسرائيلية القائمة، بحسب المراقبين.

وأحدث خبر نشرته ابتداء صحيفة وول ستريت جورنال، وقالت فيه نقلا عن الجيش الإسرائيلي، إنه بدأ عملية عسكرية في شمال قطاع غزة. حالة من الفوضى الرسمية داخل حكومة وجيش الاحتلال، ممن سارعوا وعبر وسائل إعلام مختلفة ومتعددة لنفي الخبر، وتحميل الترجمة الخاطئة وزر إطلاقه.

بل عبرت وسائل إعلام عبرية عما أسمته "فضيحة" للناطق باسم الجيش، أفخاي أدرعي، حين قدم رواية ملتبسة فسرت على أنها بدء عملية عسكرية برية في قطاع غزة، متهمة إياه بأنه نشر خبرا كاذبا لوسائل الإعلام الدولية يعلن فيه عن بدء عملية برية، ليتراجع بعدها بتوضيح أن ما قاله تم تفسيره بصورة خاطئة بسبب الترجمة.

وكان القيادي في حركة حماس محمود مرادوي، رأى أن "الاحتلال يخوض الحرب بلا رؤية سياسية، وليست له أهداف"، مضيفا: "الاحتلال لن يجرؤ البتة على شن حرب برية، لا سيما وهو يعاني من جبهات أخرى يواجهها لأول مرة، متمثلة في المدن الفلسطينية في الداخل المحتل عام 1948".

وقصفت المقاومة الفلسطينية تل أبيب مقابل قصف الأبراج السكنية، والمدن المحتلة بالصواريخ المتوسطة مقابل هدم المنازل السكنية، وقصف مدن غلاف غزة مقابل قصف المناطق القريبة من الحدود داخل غزة، وعكست مشاهد هروب الإسرائيليين من الشوارع والساحات الرئيسية وشواطئ البحر في مدينة تل أبيب مع دوي صفارات الإنذار منذرة بقدوم صواريخ المقاومة، التحول في حياة سكان المدينة التي تلقب بـ"مدينة الحياة بلا توقف".

وفرضت المقاومة الفلسطينية واقعا جديدا باختراقها لوهم المناعة الذي عاشته تل أبيب منذ عام 2014، حينما تعرضت لرشقة صاروخية محدودة في نهاية عمليتها حينها. وتعد تل أبيب مركزا اقتصاديا وتجاريا، وتضم بورصتي تل أبيب والمجوهرات، والمقرات الرئيسية لجميع المصارف وفي مقدمتها بنك إسرائيل، والعديد من مقرات كبريات الشركات والمكاتب ومراكز البحث والتطوير، ولذلك، فإنه ينظر إلى تل أبيب باعتبارها العاصمة الاقتصادية والتجارية وحتى الفنية والثقافية لإسرائيل، ويعدّ اقتصادها ثاني أفضل اقتصاد في الشرق الأوسط، وهي من أكثر المدن غلاء بالعالم.

وأكدت الصحف العبرية، أن تل أبيب لم تعد آمنة اليوم كما كانت في السابق، فالكثير من العائلات والأسر هجرتها بعد أن أضحت في مرمى صواريخ المقاومة، وأوضحت أن "تل أبيب تعيش اليوم -ومعها نحو 5 ملايين مواطن في جنوب البلاد- حالة من الخوف والهلع، وهو الأمر الذي لم يعهده سكان المدينة في جولات التصعيد السابقة، وهي معادلة فرضتها المقاومة وصواريخها".

ولأول مرة في تاريخ فلسطين تتفجر انتفاضة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس ومدن فلسطين المحتلة عام 1948، بالتزامن مع انتفاضة مماثلة على حدود فلسطين مع كل من الأردن ولبنان، وإلى جانب الصمود في غزة، عمت مظاهر انتفاضة شاملة أكثر من 400 نقطة اشتباك مع الاحتلال في الضفة الغربية خلال الأيام الماضي، بينما تشهد مدن الداخل المحتل منذ عام 1948 مواجهات حادة بين الاحتلال والفلسطينيين، بالتزامن مع مواجهات قرب الأقصى وحي الشخ جراح.

ولأول مرة منذ اندلاع مظاهر الانتفاضة الفلسطينية، شهدت الحدود الفلسطينية مع كل من الأردن ولبنان مسيرات شعبية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يشكل مشهدا غير مسبوق في التاريخ الفلسطيني الحديث، وكذلك شهدت فلسطين المحتلة لأول مرة منذ عقود، إضرابا شاملا في عموم البلاد والشتات، قام بتوحيد الكل الفلسطيني.

وشهدت مدن القدس والضفة والداخل المحتل، عودة العمليات "الفردية" والنضالية المقاومة، في مشهد أشعل نقاط مواجهة ساخنة ضد الاحتلال، وصارت الحواجز العسكرية للاحتلال هدفا رئيسيا للمقاومين الفلسطينيين، بالعمليات الفردية، أو غيرها، بإطلاق نار أو الدهس أو الطعن، التي لطالما كانت مراكز للتنكيل بأبناء الشعب الفلسطيني والاعتداء عليهم، وعلى حريتهم، وحياتهم. حيث نفذ شاب فلسطيني عملية دهس في القدس المحتلة استهدف مجموعة من الدنود الصهاينة على حاجز ادت الى اابة عدد منهم بجروح خطيرة واسفرت عن اصابته ليعن عن استشهاده لاحقا بالاضافة الى عدة عمليات نفذها شبان فلسطينيون ردا على انتهاكات الاحتلال.

وشهد الجمعة، لليوم الخامس على التوالي، إيقاف اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، خوفا من الانتفاضة الفلسطينية التي تشهدها كامل فلسطين المحتلة، ويأتي منع المستوطنين من الاقتحامات رغم "عيد الأسابيع" اليهودي، وشدد نشطاء على أن "معادلة الردع تحققت في الأقصى، بإغلاقه أمام المقتحمين المستوطنين في عيدهم اليهودي لأول مرة منذ عام 2003".

وأكدوا أن ذلك يعد انتصارا للفلسطينيين؛ بسبب انتفاضتهم بوجه الاحتلال ورفض انتهاكاته في القدس. وقال مراسل موقع "مكور ريشون" العبري؛ إن "حماس ما زالت مصممة على وضع القدس في اتفاق التهدئة، وبحسب ما نرى، فإن إسرائيل وافقت على هذا الشرط، فالمسجد الأقصى اليوم أيضا مغلق في وجه المستوطنين".

من جهته، أكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد والمختص في شؤون القدس ناصر الهدمي، أن قرارات حكومة الاحتلال بمنع المستوطنين لاقتحام الأقصى، شكل صفعة كبيرة لهم، مما دفعهم للاحتجاج والاعتصام في باب المغاربة، واعتبر الهدمي أن تراجع الاحتلال عن اعتداءاته ومنع اقتحام المستوطنين للأقصى، هو بسبب المقاومة التي أوصلت الرسالة أنها لن تترك القدس والأقصى وحيدين، وأن الثمن سيكون غاليا في حال أي تجاوز من الاحتلال.

وسبق أن أجلت محكمة الاحتلال الإسرائيلية، البت في إخلاء منازل أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، إثر الهبة الشعبية الفلسطينية المناصرة لأهالي الحي. وأكدت الوكالة الفلسطينية الرسمية "وفا" حينها، أنه تقرر تأجيل جلسة المحكمة الخاصة بإخلاء عائلات حي الشيخ جراح، التي كانت مقررة، وستعقد جلسة بديلة في غضون شهر.

وتهدد سلطات الاحتلال 28 عائلة في الشيخ جراح بإخلائها من منازلها لصالح جمعيات يهودية، تسعى لإقامة حي استيطاني كبير في المنطقة. وجاء تأجيل الجلسة تحت الضغط من الجماهير المنتفضة في القدس والضفة، التي شهدت مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، ودعا النشطاء إلى استمرار الزخم في الشارع، ومواصلة الضغط على السلطة الفلسطينية؛ لدفعها لأخذ هذه القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأكدوا أن ما حدث هو تجميد للتهجير القسري وليس إلغاء.

أحد الدروس المهمّة للمعركة أنه جاء لتأكيد العلاقة الرحميّة لفلسطين مع القدس، ومن خلالها تمكّن المقاومون، بما يشبه المعجزة، من إعادة الوصل بين مكوّنات الشعب الفلسطيني مجموعة، بمن فيها فلسطينيو العام 48، الذين هبّوا لمواجهة الاستفراد بأهل الشيخ جرّاح، واقتحام الأقصى، والعدوان على غزة، وعاد التناغم على أشدّه بين فلسطينيي القطاع والضفة الغربية، بحيث صار الجسم الفلسطيني يتداعى بالسهر والنضال كلّما أصاب جزء منه أذى.

من المستبعد أن يوافق الاحتلال على شروط تتعلق بالهدوء في القدس كجزء من اتفاق التهدئة، ولكن هذه الشروط قد تفرض بشكل فعلي وعملياتي حتى بدون اتفاق. بعد هذه الحرب، ستفكر حكومة تل أبيب ألف مرة قبل اتخاذ إجراءات وتنفيذ اعتداءات في القدس قد "تستدعي" ردا من المقاومة؛ لأنها معنية بعدم قيام حرب جديدة في المدى المنظور.