ماذا وراء مطالبة ماكرون بإنهاء التدخل الاجنبي في ليبيا؟

ماذا وراء مطالبة ماكرون بإنهاء التدخل الاجنبي في ليبيا؟
الخميس ٠٣ يونيو ٢٠٢١ - ٠٣:٠٣ بتوقيت غرينتش

بينما تتواصل الجهود لإنهاء الازمة الليبية وإجراء الانتخابات بمشاركة جميع الفئات السياسية في البلاد، فإن تواجد القوات الاجنبية واستمرار التدخلات العلنية والسرية من قبل الدول الاجنبية لا يتسببان إلا في تباطؤ وعرقلة عملية السلام في ليبيا.

العالم-تقارير

وفي هذا السياق شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، وذلك لدى استقباله في قصر الإليزيه، على ضرورة وضع حد لكل التدخلات الأجنبية، مجدّداً المطالبة بانسحاب كل القوات الأجنبية من ليبيا.

وأعلن ماكرون عقب اللقاء أنّ "تشكيل حكومة موحدّة وشاملة تمثّل كل مكوّنات المجتمع الليبي (في مطلع العام 2021) شكّل مرحلة هامة نحو الخروج من الأزمة الليبية الطويلة الأمد".

ويأتي تأكيد ماكرون على ضرورة وقف التدخلات الأجنبية في ليبيا بينما كانت فرنسا ولا تزال أحد اللاعبين الرئيسيين في الأزمة الليبية.

المواجهة بين القوى الإقليمية والاجنبية في ليبيا تسببت باندلاع فوضى عارمة في ليبيا منذ عام 2011 ولا يزال الوضع يشهد تفاقما مستمراً. الموارد النفطية الغنية التي تتمتع بها ليبيا وكذلك موقعها الاستراتيجي وقربها من الحدود الاوروبية بالاضافة الى إمكانية وصولها الى مياه البحر الأبيض المتوسط دفعت العديد من البلدان الى السعي للعب دور علني وسري في الساحة السياسية الليبية.

وبينما تسعى ليبيا للخروج من الأزمة التي تشهدها منذ سقوط نظام معمّر القذافي قبل عقد، أبدى المسؤولون الفرنسيون تفاعلهم إزاء الاوضاع في ليبيا مرارا حتى دخلوا في حرب كلامية خاصة مع تركيا التي أرسلت قوات عسكرية إلى طرابلس لدعم حكومة الوفاق الوطني.

الهدف الرئيسي من التدخل الفرنسي في ليبيا

في الواقع، الهدف الرئيسي وطويل المدى الذي تسعى اليه فرنسا عبر التدخل في ليبيا هو الحصول على حصة أكبر من إنتاج النفط والفوائد الاقتصادية وزيادة نفوذها في منطقة شمال إفريقيا، لأن فرنسا حاضرة ليس فقط في ليبيا بل في العديد من دول شمال إفريقيا في إطار مشروع استعماري جديد وبذرائع سياسية واقتصادية وأمنية وتدير معظم علاقاتها الاقتصادية مع هذه الدول.

هذا وتعتبر ليبيا بوابة دخول الى دول ما يسمى الساحل الأفريقي وتحظى بأهمية حيوية لفرنسا.

وينشط العديد من العسكريين الفرنسيين في مالي والدول الأخرى في الساحل، حيث يتم الحصول على جزء كبير من الموارد الاقتصادية التي تحتاج اليها فرنسا، بما في ذلك اليورانيوم المستخدم في محطاتها للطاقة الكهربائية، من هذا البلد.

وعلى هذا الصعيد كتب الخبير السياسي كارن جيس: "مصالح فرنسا في المنطقة هي في الأساس مصالح اقتصادية، وإجراءاتها العسكرية هي ضمان لوصولها إلى النفط واليورانيوم في المنطقة؛ قد لا يتم التصديق بأن نسبة 75٪ من الكهرباء المولدة في محطات الطاقة النووية في فرنسا تعتمد على اليورانيوم المستخرج في منطقة كيدال عبر الحدود المالية".

وفي ظل الظروف الراهنة أيضا، رغم أن السلطات الفرنسية تنشط في ليبيا بدعوى الحياد والتأكيد على دعم عملية السلام، إلا أنها تنوي في الواقع حماية مصالح باريس ومكانتها في هذا البلد وتتواصل تدخلاتها في ليبيا بشكل سري، حيث أدان المجلس الأعلى للدولة في ليبيا مؤخراً البيان المشترك لسفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وأمريكا بشأن تدخلها في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر 2021 في ليبيا، واصفاً إياه بأنه انتهاك لسيادة البلاد.

وفي هذا السياق، فإن تأكيد ماكرون على انسحاب القوات الأجنبية ووقف التدخلات الأجنبية سوف يكون مقبولا إذا تخلت فرنسا نفسها عن التدخل واللعب في الساحة السياسية الليبية وتركت إرساء عملية السلام في هذا البلد للشعب الليبي؛ لكن يبدو أن ليبيا التي مزقتها الحرب تجلب المزيد من الفوائد لفرنسا وغيرها من المتدخلين الأجانب، مما يمهد الطريق لمزيد من التدخل من اجل تأمين مصالحهم؛ ومن ثم فإنهم لا يكتفون إلا بالشعارات الداعمة لليبيا المستقلة.