في حوار مع السفير السوري بطهران..

العلاقات السورية الإيرانية وأولويات سوريا بعد الانتخابات + فيديو

الأربعاء ١٦ يونيو ٢٠٢١ - ٠٤:٠٢ بتوقيت غرينتش

طهران (العالم) 2021.06.16 - أعرب السفير السوري في طهران شفيق ديوب عن أمله في أن يعيد العالم قراءة المشهد السوري في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية والتي عكست عزم السوريين علی المضي لتحقيق كافة المهمات، مؤكدا أن العلاقات الاستراتيجية بين سوريا وإيران لا يمكن أن تكون على حساب علاقات دمشق مع الدول العربية.

العالم - سوريا

وفي حوار خاص مع قناة العالم الإخبارية لبرنامج "من طهران" شدد شفيق ديوب على أن الانتخابات الرئاسية السورية عكست تصمیم وعزم السوريين علی المضي خلف قيادتهم لتحقيق كافة المهمات والخيارات.

وأعرب عن أمله في أن يعيد الغرب والعالم بأجمعه قراءة المشهد السوري في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت أخيرا.

وفيما رأى أن أهم وأغلی إنجازات الثورة الإسلامية هي بناء العلاقات الوطيدة بين سوريا وإيران، وصف العلاقات السورية الإيرانية بأنها علاقات استراتيجية ثابتة وراسخة، وليس لها بديل على الإطلاق.

وصرح السفير السوري بطهران قائلا: لا يمكن أن تكون العلاقات بين سوريا وإيران على حساب علاقات سوريا مع الدول العربية.

وفي جانب آخر من اللقاء أعرب شفيق أيوب عن أمله بخطوات مناسبة باتجاه إعادة الوضع في سوريا إلى شكله الطبيعي بما يخدم مصالح الشعب السوري ومصالح الشعوب العربية كاملة.

وفيما وصف القضية الفلسطينية بأنها قضية سوريا المركزية أكد بالقول إن سوريا وكما كانت سوف تبقى إلى جانب القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني حتى استعادة حقوقه كاملة غير منقوصة.

وإليكم نص اللقاء الكامل مع شدد السفير السوري في طهران شفيق ديوب:

العالم: من طهران حياكم الله مشاهدينا الكرام ومرحباً بكم إلی هذه الحلقة الجديدة التي يسعدنا ويسرنا أن نستظيف بها سعادة السفير السوري لدی الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأستاذ شفيق ديوب. مرحباً بك معنا سعادة السفير وعلی شاشة قناة العالم.

شفيق ديوب: أهلا وسهلا بك أرحب بك وبقناتكم المحترمة.

العالم: أهلا وسهلا بك. أول سؤال يتبادر للذهن سعادة السفير بعد مشهد الانتخابات السورية الذي كان بالفعل مشهداً استثنائياً بالنظر إلی الإقبال الشعبي والواسع والكبير الذي شهدته هذه الانتخابات والذي ربما فاجأ العدو والصديق لسوريا.. هل يمكن اعتبار هذه الانتخابات بكل ما شهدته من هذه الحالة الجماهيرية والالتفاف عليها بداية النهاية للأزمة السورية؟

شفيق ديوب: الحقيقة الانتخابات الرئاسية السورية هي استحقاق وطني سيادي هام جداً يأتي في مرحلة مفصلية، ولقد راهن الكثيرون علی إفشال هذه الانتخابات وحاولوا التشكيك بها وبنتائجها وبشرعيتها حتی قبل أن نحدد موعداً لاجرائها. لكن الشعب السوري خيب آمال وتطلعات الأعداء. الانتخابات جرت بكل سلاسة وفي أجواء مريحة للغاية، وتمكن من خلالها السوريون من التعبير عن إرادتهم المستقلة باختيار من يرونه مناسباً رئيساً للجمهورية العربية السورية في المرحلة القادمة. بدون شك هذه الانتخابات لاسيما في ظل المشاركة الواسعة والكثيفة فيها من قبل السوريين داخل سوريا والجاليات السورية المنتشرة في العالم تعكس أيضا تصمیم السوريين وعزمهم علی المضي خلف قيادتهم وخلف قيادة السيد الرئيس بشار الأسد لتحقيق كافة المهمات والخيارات التي حددها لسوريا في المرحلة القادمة. أيضا كشفت هذه الانتخابات وأكدت المؤكد وهو محبة السوريين لوطنهم وولائهم لهذا الوطن واستعدادهم للدفاع عنه مهما غلى الثمن.

العالم: سعادة السفير ما هي أولويات سوريا في المرحلة القادمة بعد إجراء هذه الانتخابات؟.. لأنه الآن هنالك العديد والكثير من الملفات وربما المعظلات إذا جاز التعبير التي تحتاج لحل بالنسبة لسوريا، لعل على رأسها موضع استعادة ما تبقى من الأراضي السورية المناطق التي لم تحرر كإدلب ومناطق شرق الفرات.. أيضا هنالك موضوع اللاجئين.. هذا موضوع طارئ جداً، وأيضاً استعادة العلاقات مع العالم والدول التي قطعت علاقاتها مع سوريا.. علی أي جبهة ستركز الدولة السورية في مرحلة ما بعد الانتخابات.

شفيق ديوب: دعني بداية أشير إلی أن شعار الحملة الانتخابية للسيد الرئيس بشار الأسد كان "الأمل بالعمل" فإذا مشروع وعنوان المرحلة القادمة في سوريا هو العمل لاستكمال المهام الوطنية الكبيرة التي بدأنا بالعمل عليها وتنفيذ كل الاستحقاقات الوطنية الكبيرة التي تفضلت وأشرت إليها بالإضافة إلی استحقاقات إضافية مختلفة.. بدون أي شك موضوع استعادة الدولة السورية سيطرتها علی كل الأراضي وكل حبة تراب من سوريا هذه مسألة حاسمة ستكون في مقدمة جدول أعمال المرحلة القادمة في سوريا. بالإضافة إلی ذلك لدينا تحديات نتجت عن هذه الحرب الإرهابية الظالمة التي نعاني منها منذ عشرة سنوات وفي مقدمتها إعادة بناء ما دمرته هذه الحرب، سواء ما يتصل بالبنية التحتية أو ما يتصل بالمشافي والمدارس والجامعات، بالإضافة إلی ذلك إعادة إحياء الاقتصاد وانعاش الاقتصاد وإطلاق عملية الإنتاج الصناعي والزراعي في سوريا، لأنك تعلم ويعلم الكثيرون أن سوريا كانت تتمتع باكتفاء شبه ذاتي في كل المجالات حتی بداية العالم 2011، إضافة إلی ذلك أيضا لدينا تحدي كبير مهم سيكون أيضا في مقدمة أولويات الحكومة القادمة للسيد الرئيس بشار الأسد وهي العمل علی تشجيع وتسهيل عودة المهجرين والنازحين السوريين الذين غادروا سوريا لأسباب ناتجة عن الإرهاب والدمار وغير ذلك. هذا أيضا تحدی كبير ومهم سيكون من أولوياتنا في المرحلة القادمة. يضاف إلی ذلك علينا أن نعمل بكل قوة لتحسين مستوی الخدمات التي تقدم للمواطنين السوريين، ونحتاج لتحقيق هذا الهدف إلی تجاوز واحتواء العقوبات القسرية الظالمة المفروضة علی سوريا من قبل الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفاؤها. العناوين كثيرة ولكن الثقة والتفويض الذي منح للسيد الرئيس بشار الأسد من قبل السوريين مهم و حاسم ويؤكد العزم علی المضي قدماً إلی الأمام إن شاء الله لتحقيق كل هذه الملفات الهامة.

العالم: صحيح.. وربما كما أشرت سعادة السفير، في تجاوز موضوع العقوبات المفروضة علی سوريا تحتاج سوريا أكثر إلی توطيد علاقاتها مع حلفاؤها بالدرجة الأولی.. ماذا عن العلاقة مع إيران؟ طبعاً العلاقات السورية مع الجمهورية الإسلامية في إيران قديمة منذ انتصار الثورة الإسلامية في العام 1979 هذه العلاقات موجودة وقوية ومتينة.. لكن هل يمكننا القول أن هذه العلاقات توطدت أكثر خلال الحرب علی سوريا؟

شفيق ديوب: دعني أشير إلی شىء مهم جداً، العلاقات بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي علاقات صداقة تاريخية كما تفضلت وأشرت، وأنا كنت قد ذكرت قبل عشرة أيام في مناسبة حضرتها في إيران أنه بالنسبة لنا في سوريا أهم وأغلی إنجازات الثورة الإسلامية هي بناء هذه العلاقات الوطيدة بين سوريا وإيران.

العلاقات السورية الإيرانية اجتازت اختبارات الزمن ونجحت في تجاوز كل الصعوبات التي واجهتها مع كل محاولات التشكيك بهذه العلاقات، والإساءة لها والعمل على هدمها لكن مع كل ذلك العلاقات تسير بالتجاه الصحيح، وأصبحت ذات طبيعة استراتيجية، وأصبحت هذه العلاقات أيضا نموذجا يحتذى به في العلاقات بين الدول لأنها تقوم على أساس الاحترام المتبادل والقيم المشتركة.

العلاقات السورية الإيرانية بدون أي شك الآن أصبحت واسعة ومتنوعة وهناك آفاق كبيرة لتوسيع هذه العلاقات ولا سيما في المجلات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والصحية والسياحية وغيرها والتبادل التجاري وفي كل المجالات على الإطلاق، ونحن إن شاء الله سنعمل على دفع العلاقات قدما في كل هذه المجالات.

فيما يتصل بالنقطة التي أشرت إليها بأن تأثيرات الأزمة السورية الأخيرة على هذه العلاقات، هذه الأزمة بدون أي شك ساهمت في تعزيز العلاقات ولاسيما في مجالات السياسية وفي المجالات العسكرية وغير ذلك، وأنا أؤكد الآن عبر شاشتكم الكريمة بأن السوريين لن ينسوا كما الإيرانييون لم ينسوا وقوف الجمهورية العربية السورية مع إيران خلال الحرب السنوات الثماني، فإن السوريين لن ينسوا الآن أبدا وقوف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة سماحة قائد الثورة الإسلامية السيد على خامنئي مع الشعب العربي السوري في الحرب البطولية التي يخوضها منذ 10 سنوات ضد الإرهاب وداعميه وممؤليه.

العالم: الآن ماذا عن مستقبل هذه العلاقات سعادة السفير؟ يعني في مرحلة ما بعد الحرب، إيران كما أشرت كانت حاضرة وقدمت الدعم والمساندة للشعب السوري وللدولة السورية الآن.. وماذا بعد؟ يعني ماذا بعد انتهاء هذه الحرب، دور إيران كيف سيكون بالمستقبل في إعادة الإعمار؟ وأيضا ماذا عن تفعيل الاتفاقيات التي أبرمت أكثر بين الجانبين؟

شفيق ديوب: الحقيقة لدينا الكثير من الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في كل المجالات، نحن نعمل الآن على تفعيل هذه الاتفاقيات وإدخال الاتفاقيات التي لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن وإدخالها حيز التنفيذ، واستكمال الإجراءات القانونية في كل بلد من البلدين الشقيقين لدخول هذه الاتفاقيات حيز النفاذ.

ما أؤكده الآن هو أن سوريا تتطلع وتأمل ونعمل أيضا لكي نرى الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب الشعب السوري في عملية إعادة إعمار وإعادة بناء ما دمرته الحرب. الحرب خسائرها كبيرة وحجم الدمار كبير في كل المجالات. أنا كنت قد أشرت قبل قليل إلى البنية التحية إلى المعامل إلى المصانع إلى المشافي إلى الجامعات إلى غير ذلك.. نحن كما كنا شركاء في مواجهة الإرهاب نعمل كي نكون شركاء أيضا في إعادة إعمار سوريا، ونحن يسعدنا وجود الشركات من الدول التي وقفت إلى جانب سوريا لكي تسهم في موضوع إعادة الإعمار، وفي مقدمتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

العالم: هل هناك عراقيل في هذا الموضوع سعادة السفير؟ لأن البعض طبعا في سوريا وفي إيران ينتقد.. ينتقد موضوع أن العلاقات الاستراتيجية على هذا المستوى بين البلدين لا تتناسب مع الحجم الاقتصادي، هذا موجود حقيقة.. هذا الانتقاد لموضوع العلاقات الاقتصادية بين البلدين موجود، هل سنشهد في المرحلة القادمة تفعيلا أكبر لهذا الشق الاقتصادي من العلاقات بينهما بتقديرك؟

شفيق ديوب: دعني أؤكد ما تفضلت به هنا كخلل في العلاقات السورية الإيرانية، فهي من الجانب السياسي والاستراتيجي علاقات متطورة جدا.. ولكنها في الجانب الاقتصادي والاجتماعي والعلمي والتكنولوجي ليست بالمستوى الذي نتطلع إليه، نحن الآن أحد أولوياتنا في هذه المرحلة هو العمل على تطوير العلاقات في كل المجالات التي أشرت إليها وترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية والاستراتيجية.

على سبيل المثال ليس معقولا أن يكون حجم التبادل التجاري بين سوريا وإيران خلال العام الماضي حوالي 120 أو 130 مليون دولار، وذلك في ظل العلاقات المتنامية بينهما، لذلك نحن نبذل الآن الجهود اللازمة لتعزيز العلاقات في كل المجالات لاسيما في المجالات الاقتصادية والتبادل التجاري والتعاون العلمي والتكنولوجي والمجالات الاجتماعية والإعلامية والثقافية والسياحية وغير ذلك، وإذا كانت هناك عقبات قد تظهر هنا أو هناك سوف نعمل على حلها وتذليلها لدفع العلاقات قدما إلى الأمام، لكي ترتقي إلى مستوى تطلعات الشعبين في البلدين وقائدي البلدين أيضا.

العالم: سعادة السفير يصادف هذا العام أن كلا البلدين يجريان الانتخابات الرئاسية.. هل ترى أن هذه العلاقة الاستراتيجية بين الحليفين تتأثر بتقلبات السياسة؟

شفيق ديوب: أبدا على الإطلاق.. أنا قلت قبل قليل إن علاقاتنا اجتازت الزمن والمؤامرات والمطبات التي حاول أعدائنا وضعها في طريق هذه العلاقات. وأنا أؤكد الآن أن العلاقات السورية الإيرانية هي علاقات استراتيجية ثابتة وراسخة، وليس لها بديل على الإطلاق، ودعمها وتطويرها هو توجيه دائم من القائدين في البلدين السيد الرئيس بشار الأسد وسماحة الإمام علي خامنئي، ولذلك نحن نأمل إن شاء الله بأن تجري الانتخابات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد أيام قليلة بسلاسة وأن تكون هناك مشاركة شعبية، وأن تعكس هذه الانتخابات أيضا إرادة الشعب الإيراني في اختيار رئيسه للمرحلة القادمة، ونحن مطمئنون للعلاقات بين بلدينا بأنها لن تتعرض لأي صعوبات ولن تشهد أي تراجع بل بالعكس ستشهد المزيد من التقدم إلى الأمام إن شاء الله.

العالم: إسمح لي أقتبس من كلامك، أشرت إلى أن العلاقات بين البلدين ليس لها بديل.. هنا تسائل الكثير ويتسائلون أنه لماذا رفضت سوريا العروض الكثيرة التي قدمت لها من أطراف غربية وحتى عربية بإنهاء الأزمة وإنهاء الحرب عليها مقابل فقط قطع العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ هي رفضت.. وأنا أذكر أنه في ذروة هذه الضغوط زار الرئيس بشار الأسد طهران في زيارة كانت فعلا تاريخية ومفاجئة.. لماذا ترفض سوريا قطع علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية رغم كل هذه الإغرائات التي قدمت إليها.. وهي تعاني؟

شفيق ديوب: لماذا تقطع سوريا علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ فالجمهورية الإسلامية الإيرانية تقف إلى جانب القضايا العربية العادلة، وتقف إلى جانب القضية الفلسطينية، وأنا أذكر أن من الخطوات الأولى التي اتخذتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان إغلاق سفارة الكيان الصهيوني في طهران وطرد السفير الإسرائيلي، وتقديم السفارة التي كانت للكيان حيث أصبحت سفارة لدولة فلسطين. ومنذ ذلك الحين أعلنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية موقفا واضحا وحاسما إلى جانب القضية الفلسطينية. أضيف إلى ذلك أن العلاقات بين بلدينا علاقات استراتيجية، وهذه العلاقات -وأرجو أن يكون هذا الأمر واضحا- لا يمكن أن تكون على حساب علاقات سوريا مع الدول العربية، وهذه نقطة مهمة، البعض لديه مقاربة خاطئة لطبيعة العلاقات السورية الإيرانية، فهذه العلاقات هي رصيد أولا لسوريا ثانيا رصيد للقضية القلسطينية ثالثا يمكن لهذه العلاقات أن تسهم في تعزيز العلاقات بين الدول العربية و الجمهورية الإسلامية الإيرانية وليس العكس أبدا. لا يمكن أن تكون العلاقات بين سوريا وإيران على حساب علاقات سوريا مع الدول العربية، كما لا يمكن لعلاقات سوريا مع الدول العربية أن تكون على حساب علاقاتها مع إيران. نحن نذكر خلال العقود الأربعة الماضية كانت هناك مناسبات كثيرة استخدمت سوريا علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتهدئة علاقات معينة أو توتر معين ظهر بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهذه الدولة العربية أو تلك، أرجو أن نرى مقاربة مختلفة لدى بعض الدول التي تخشى من العلاقات بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، هذه العلاقات لن تكون موجهة ضد أحد من الإخوة والأشقاء، ولن تكون على حساب علاقات سوريا مع أي بلد عربي على الإطلاق، بالعكس هي رصيد إيجابي يمكن أن نستثمره في خدمة العلاقات العربية.

العالم: بما أنك أشرت إلى موضوع العلاقات مع الدول العربية سعادة السفير.. طبعا أن العديد من الدول العربية قطعت علاقاتها مع سوريا مباشرة بعد اندلاع الأزمة السورية وبدء الحرب على سوريا.. الآن يبدو أن هناك شيء قد تغير.. بعض هذه الدول بدأت تغازل سوريا، البعض أعاد افتتاح سفارته في دمشق، والبعض ينوي إعادة فتح السفارة.. بوضوح ما هي ثوابت سوريا في العلاقة مع هذه الدول والأنظمة العربية التي ناصبتها العداء خلال 10 سنوات؟

شفيق ديوب: دعني أقول شيئا مهما للغاية أولا أن الوضع القائم في العلاقات بين سوريا وبعض الدول العربية منذ عام 2011 هو وضع شاذ وغير طبيعي، وهو وضع استثنائي ولا يخدم مصالح الدول العربية الشقيقة، ولا يخدم مصلحة سوريا، ولا يخدم مصلحة القضايا العربية على الإطلاق، بالعكس لقد خسر الجميع من هذا الموقف السلبي والعدائية التي اتخذتها بعض الدول العربية تجاه الدولة السورية.

الأمر الثاني الهام جدا هو أن سوريا كما كانت سوف تبقى في توجهها العربي وفي توجهها القومي. موضوع علاقات سوريا مع العالم العربي ليس خيارا بل هو قدرا، والسوريون لا يرون أنفسهم إطلاقا خارج القومية العربية وخارج علاقات جيدة ومميزة مع الدول العربية، كما تضفلت وأشرت هناك بعض التحولات الإيجابية في مواقف الكثير من الدول، العربية والأجنبية، تجاه سوريا، لأن هناك بعض المعطيات الهامة التي تغيرت وأعتقد أن الجميع يؤيد قراءتها الآن، وآمل أن تكون هذه القراءة صحيحة، وأن تؤدي إلى البناء الإيجابي على التحولات والإنجازات التي شهدتها سوريا ، وعلى ما تم تحقيقه بتضحيات الجيش العربي السوري في محاربة الإرهاب وغير ذلك.

دعني أشير إلى نقطة مهمة، حقيقة أن الحرب وتضحيات السوريين جيشا وشعب في مكافحة الإرهاب لم تحمي سوريا فقط، هل يستطيع أحد أن يتوقع أن يتنبأ أو يتصور كيف يكون الوضع في المنطقة العربية لو لا سمح الله فاز البغدادي أو الجولاني؟.. لا أعتقد ذلك! ولا أعتقد أن من مصلحة أحد وصول هؤلاء الإرهابيين إلى سوريا، أو تقسيم سوريا، أو ضرب قوة سوريا، لذلك دعني أقول متفائلا وآمل أن نرى خطوات مناسبة باتجاه إعادة الوضع في سوريا إلى شكله الطبيعي بما يخدم مصالح الشعب السوري ومصالح الشعوب العربية كاملة ويخدم أيضا القضايا العربية بصفة عامة.

العالم: آخر سؤال وبعجالة.. هناك تطورات تتعلق بالشأن الفلسطيني، كانت هناك اعتداءات على القدس.. على حي الشيخ جراح والأقصى وعدوان على غزة.. وأيضا الموقف السوري كان العادة واضح وثابت في دعم الفلسطينيين ودعم القضية الفلسطينية لماذا تتمسك سوريا بهذا الموقف؟ ولماذا لم تركب موجة التطبيع مع الأنظمة العربية؟ علما أنها تعاني نتيجة اتخاذها هذا الموقف من القضية الفلسطينية تحديدا؟

شفيق ديوب: البوصلة الأساسية للدولة والحكومة السورية في تحديد سياساتها الداخلية وتحديد علاقاتها العربية والدولية هي مصلحة وإرادة السوريين، والقضية الفلسطينية هي قضية سوريا المركزية وقضية الشعب الفلسطيني المركزية، سوريا دفعت الكثير من الأثمان جراء الدفاع عن القضية الفلسطينية، وما شهدناه حلال السنوات العشر الماضية دليل واضع على ذلك، لكن كن على ثقة بأن سوريا كما كانت سوف تبقى إلى جانب القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني حتى استعاجة حقوقه كاملة غير منقوصة.

العالم: أيضا سعادة السفير ماذا عن موضوع استعادة العلاقات مع الغرب تحديدا أيضا بعد المشهد الانتخابي الذي شهدته سوريا.. لا شك بأن هذا المشهد سيكون له تبعات سياسية.. هل ترى بأن العلاقة مع الغرب ستشهد انفراجه قريبة مع الدول الأوروبية؟ وأيضا ماذا عن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية؟

شفيق ديوب: دعني آمل شيء.. بأن يعيد الغرب والعالم بأجمعه قراءة المشهد السوري في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت أخيرا. النقطة الثانية.. أنا أذكر في آخر سنة 2018 كان هناك حديث واسع جدا في الأوساط السياسية والدبلوماسية عن إعادة الكثير من الدول العربية وبعض الدول الأجنبية العلاقات وفتح سفاراتها في الجمهورية العربية السورية، وبالفعل فتحت حينها البعض من الدول العربية سفاراتها في دمشق، وأذكر في تلك الفترة أن الولايات المتحدة الأميركية في ظل إدارة ترامب امتعضت كثيرا من هذه التطورات الإيجابية في علاقات سوريا مع الدول العربية، وأعلنت 3 لائات في حينها: الأولى لا لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، والثانية لا لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، والثالثة لا لتمويل إعادة إعمار سوريا.. وفجأة توقف كل شيء في حينها. ما آمله الآن هو ألا تتبع سياسة الرئيس بايدن سياسة الرئيس ترامب في هذا المجال..

العالم: خاصة أن هناك بشائر سعادة السفير بعد الانتخابات.. هناك عدد من السفارات الغربية..

شفيق ديوب: صحيح، هي فتحت أبوابها..

العالم: وأيضا هنالك رسائل ترسل إلى دمشق.. هل تتوقع تطور هذه الحالة في استعادة العلاقات مع سوريا؟

شفيق ديوب: نأمل ذلك.. ونأمل أن يعيد كما أشرت أن يعيد العالم تقييمه لما في سوريا في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية، وأنا أؤكد الآن أن دمشق منفتحة على كل الخطوات الإيجابية من أي جهة أتت، سواء من الدول العربية الشقيقة أو من الدول الأوروبية أو غيرها، إذا كانت تهدف إلى الإسراع في إنهاء الأزمة السورية وإعادة ترتيب الأوضاع وإعادة بناء وإعمار ما دمرته هذه الحرب الظالمة المستمرة منذ 10 سنوات.

العالم: أشكرك جزيل الشكر سعادة السفير.. ضيفا كريما على شاشة قناة العالم.. شكرا جزيلا لك على هذا اللقاء.. سعادة السفير السوري في الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأستاذ شفيق ديوب.

شفيق ديوب: أهلا وسهلا شكرا.