رامسفيلد في عيون الأمريكيين.. "إبن حرام" أم "مجرم حرب"!

رامسفيلد في عيون الأمريكيين..
السبت ٠٣ يوليو ٢٠٢١ - ١٢:٢٧ بتوقيت غرينتش

شاءت الاقدار ان يختار الموت احد اكبر مجرمي الحروب الامريكيين، وهو وزير الدفاع الامريكي السابق ومهندس غزو افغانستان والعراق، دونالد رامسفيلد، في نفس الوقت الذي يهرب فيه جيشه من افغانستان بعد 20 عاما مهزوما مدحورا، فيما تضيق بهذا الجيش ارض وسماء العراق ويعد الايام للهروب بجلده من هناك، بعد الرفض الشعبي والحكومي لهذا الوجود غير الشرعي للقوات الامريكية في العراق.

العلم كشكول

عندما نصف رامسفيلد بانه مجرم حرب، فإننا لا نطلق هذه الصفة على الرجل من باب التجني والحقد عليه، فهذه الصفة اطلقها عليه الامريكيون والغربيون انفسهم قبل غيرهم، فبمجرد الاعلان عن موته يوم الثلاثاء الماضي، حتى كتب موقع "انتريست" الأمريكي تقريرا عنه تحت عنوان "وداعا دونالد رامسفيلد مجرم الحرب التافه" قال فيه:""نجح في القيام بأشياء فظيعة طوال حياته لكنه ظل مبتذلا للغاية". بينما كتب موقع "دايلي بيست" تقريرا تحت عنوان "دونالد رامسفيلد: قاتل 400 ألف شخص، يموت بسلام"، واعرب الموقع عن اسفه من ان رامسفيلد الذي قتل عددا لا يحصى من الناس لم يمت في سجن في العراق . اما باتريك كوكبيرن المعلق في صحيفة "إندبندنت"، كتب يقول ان رامسفيلد كان "الرمز الحي لتورط أمريكا في مستنقع العراق وأفغانستان.. وان الرئيس الأمريكي الاسبق ريتشارد نيكسون وصفه بأنه ابن حرام صغير عديم الرحمة"!!.

هذه الصفات التي تبدو قاسية والتي تطلق على رامسفيلد هي في الحقيقة لا تعكس الا جانبا صغيرا من اجرامه وساديته فمجرم الحرب هذا، تسبب بقتل اكثر من 100 الف مدني افغاني، ونحو هذا الرقم من قوت الجيش والشرطة والامن الافغانية، ونحو 2400 جندي امريكي، كما تسبب في تدمير كامل للبنى التحتية في افغانستان، الذي تحاول طالبان اليوم اعادة فرض سيطرتها على افغانستان بعد مرور 20 عاما على احتلالها.

في العراق ، تسبب رامسفيلد بترميل نحو مليون امرأة، ويتم نحو 4 ملايين طفل، وقتل عشرات الالاف من المواطنين العراقيين، ودمر البنية التحتية العراقية بشكل كامل، وتسبب بمقتل نحو 5 الاف جندي امريكي، واصابة نحو 30 الفاً آخرين.

كما كان مسؤولا عن بناء سجن غوانتنامو، وفظائع التعذيب التي تعرض لها السجناء الذين نقلهم رامسفيلد من افغانستان الى غوانتنامو، كما كان مسؤولا عن حالات التعذيب الفظيعة التي جرت في سجن ابو غريب في العراق، وهي فظاعات انكرها رامسفيلد حتى النهاية .

كل المؤرخين الذين كتبوا عن غزو العراق وافغانستان ، كشفوا عن ان مخطط غزو البلدين، قد تم التخطيط له قبل احداث ايلول سبتمبر عام 2001، واللافت ان رامسفيلد يقف وراء هذا المخطط، فقد تم تشكيل "لجنة رامسفيلد» في الكونغرس عام 1998 بعد إقرار "قانون تحرير العراق"، وعملت اللجنة على تمهيد الارضية لغزو العراق عبر اختلاق الاعذار، فجاءت احداث 11 سبتمر / ايلول، لاعطاء هذه الذريعة.

اللافت ايضا ان الباب الذي دخل منه رامسفيلد الى منطقة الشرق الاوسط، كان من بوابة العراق، بعد ان عينه الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريغان مبعوثا خاصا إلى الشرق الأوسط، حيث سافر إلى بغداد والتقى بالطاغية صدام، حيث اكد على دعم امريكا له في عدوانه على الجمهورية الاسلامية في ايران، واضعا بين يديه كل امكانيات امريكا العسكرية والاستخباراتية والامنية، في مقابل الاتفاق على صفقات نفط سرّية، ومد خط أنبوب للنفط عبر الأردن، وهو ما كشف عنه رامسفيلد في مذكراته. لكن بعد نحو 20 عاما من هذا اللقاء، وتحديدا بعد ساعات من هجمات 11 من سبتمبر، طلب رامسفيلد من الجنرال ريتشارد مايرز، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة، الحصول على معلومات يمكن استغلالها لضرب الطاغية صدام، كما ورد في كتاب أندرو كوكبيرن "صعود وسقوط رامسفيلد وإرثه الكارثي"!!.

اليوم يرحل هذا المجرم عن عالمنا، بعد ان ازهق بسياسته الدموية، ارواح الملايين من البشر، وشرد الملايين، الذين سيلاحقونه بلعانتهم حتى قبره، كما لاحقت لعنات الشعوب المظلومة كل طواغيت الارض.