خسر الحريري المعركة... وعون لم يفز بالحرب في لبنان

 خسر الحريري المعركة... وعون لم يفز بالحرب في لبنان
الجمعة ١٦ يوليو ٢٠٢١ - ١١:٥٢ بتوقيت غرينتش

بعد اعتذار سعد الحريري عن تشكيل حكومة لبنانية كيف بدت موازين الربح والخسارة .

العالم لبنان

لم يكن مفاجئا ما قاله النائب سعد الحريري من قصر بعبدا لجهة اعتذاره عن تشكيل الحكومة، بعد ان اكد استحالة التوافق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. سارع البعض الى التأكيد ان لبنان انتهى بعد هذا الاعتذار، وان علينا التحضر للانفجار الكبير كما عادت الحياة الى قطع الطرقات وبعض الاعمال المعتادة في الشارع تضامناً مع الحريري. في المقابل، هلل بعض آخر لما اعتبروه انتصار عون ومعه النائب جبران باسيل بعد معركة دامت تسعة اشهر، وان الآتي من الايام سيحمل مرحلة جديدة تضمن بداية الخلاص.

ويقول الكاتبر السياسي طوني خوري انه في الواقع، ليس هناك أيّ مصداقية للنظريتين معاً.

فلبنان سيستمر بالسير على الخطى نفسها التي تم رسمها له قبل تكليف الحريري وخلاله، وللتذكير فقط فإن اللبنانيين لم يكونوا في الاشهر التسعة الفائتة يعيشون في نعيم او في احدى جنات العالم، بل كان وضعهم من سيء الى اسوأ وفق السيناريو الموضوع والذي اشبعناه كلاماً وتفسيراً اكثر من مرة.

ومن المبكر جداً القول انه على عون وباسيل التنعم بانتصارهما في الحرب على رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري، لانهما سيكونان امام الكثير من المعارك المقبلة التي يتوقف عليها فعلاً الانتصار بالحرب، اهمها معركة الانتخابات النيابية.خطوة الحريري اتت بمثابة "تحصيل حاصل"، وكان هناك من لا يرغب في قراءة الاحداث بموضوعية، ورأى ان التدخل الاميركي والفرنسي والفاتيكاني والقطري والسعودي والمصري، كان لصالح الحريري الذي عمل على استغلال الوضع للضغط على عون لقبول التشكيلة الاخيرة التي قدمها اليه، والا... لا يمكن الركون الى هذه النظرية كما بات معروفاً، اذ ليس لدى اللاعبين الاساسيين اي مشكلة في التعامل مع اي شخص في لبنان ولا يتوقفون عند الاسماء، بل عند مصالحهم التي لم يأت وقت نضوج ثمارها لقطفها بتسوية منتظرة.

من الطبيعي ان السفيرتين الاميركية والفرنسية لم يلتقيا عون قبل ساعات قليلة على لقائه الاخير بالحريري للضغط عليه لقبول التشكيلة، كما لم يأتِ السفير البابوي قبلها بيوم لممارسة الضغوط ايضاً، ولو كان الامر كذلك لما استطاع عون الوقوف في وجه هؤلاء حتماً، وخير دليل على ذلك ما يشهده لبنان من مشاكل، ولو قدّر لرئيس الجمهورية ان يحارب التسوية المتفق عليها بين هؤلاء، لكان هناك حديث آخر...اذاً، لا يجب المبالغة في اي امر، ويجب العودة الى المنطق والواقع في التعاطي مع الاحداث، وهي تشير حتى الآن، الى ان الستاتيكو الحالي هو السائد، والامور ستبقى في هذا المسار الى ان يصل اللاعبون الخارجيّون الى نقطة تلاقٍ تجمعهم، فيصدر الحل ويكون لبنان مع عدد من الدول في عداد بنوده.

ومن المؤكد ان اياً من اللاعبين المحليين لن "تغلق ابوابه"، فالحريري سيستغل وضعه لتثبيت رجليه في الاستحقاقات المقبلة، ولو انّ همه الاكبر سيكون اثبات نفسه امام اخيه الاكبر بهاء وبعض المسؤولين السنّة، الذين سيعمدون الى الدخول من نافذة الضعف التي لاحت لهم بعد اعتذاره عن التأليف. اما لعبة احجام النفوذ فتتعلق ببنود التسوية الخارجية بشكل عام، ليتم تقاسم الحصص الداخلية، ولذلك يمكن للجميع ان يفهم سر التحضيرات الحامية للانتخابات النيابية التي تشكل مفتاحاً للمسؤولين ورؤساء الاحزاب لفتح ابواب زيادة حصة النفوذ، واظهار انفسهم امام اللاعبين الدوليين انهم قادرون على تلبية شروط الدول الكبرى بنجاح.

وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون، فإن كل ما حصل ويحصل في لبنان، لا يهدف الى تحسين ظروف البلد واوضاع اللبنانيين، بل لارضاء الخارج كما كان يحصل في كل مرة، وبات من المعيب عدم ادراك اننا كلبنانيين لا نزال ندور في الحلقة المفرغة الشريرة نفسها التي تم وضعنا فيها منذ عقود من الزمن، انما بظروف مختلفة.

لذلك نقول بعد اعتذار الحريري: لا داعي للبكاء، ولا مبرر للتهليل، لأنّه في لبنان، وكما علمتنا التجارب واثبتت لنا الاحداث، ليس هناك من رابح وخاسر، لانه عندها سيفقد الخارج اوراقاً مهمة يحتاج اليها لتحريك الاوضاع في لبنان.

مراسل العالم .