كاتب أمريكي: ثروات سوريا تؤهلها بدخل للفرد يعادل دخل مواطني هولندا وبلجيكا..!!؟

كاتب أمريكي: ثروات سوريا تؤهلها بدخل للفرد يعادل دخل مواطني هولندا وبلجيكا..!!؟
الجمعة ٠٦ أغسطس ٢٠٢١ - ١١:٤٥ بتوقيت غرينتش

خلال الأسابيع الماضية وجه الإعلام الغربي للسوريين رسالتين بحبرين متناقضين، إحداهما تشد الروح إلى أسفل والأخرى تحلق بها الى أعلى. والحق أن الرسالتين قادمتان من مصدرين لكل منهما له سمعته.

العالم - سوريا

وسأبدأ بالرسالة المتفائلة المكتوبة بلون الزهر، فقد نشر الخبير الاقتصادي الأمريكي والأستاذ بجامعة كولومبيا جيفري ساش مقالاً في صحيفة وول ستريت جورنال، قال فيه إن ثروات سورية تؤهلها لاحتواء ثمانين مليون شخص بدخل للفرد يعادل دخل مواطني هولندا وبلجيكا. فسورية تمتلك عدة حقول للنفط في دير الزور والحسكة، تمكِّنها من تلبية احتياجاتها من الغاز والنفط، وتفيض عنها كميات كبيرة يمكن أن تكون متاحة للتصدير.

وأشار ساش أيضًا إلى أن بعض حقول النفط السورية قد تكون من أكبر الحقول في الشرق الأوسط، مع إمكانية تحقيق عائدات تعادل عائدات بعض الدول الأوروبية والخليجية.

أما الرسالة الثانية فهي مكتوبة بالحبر الأسود وبلغة الأرقام القاطعة المانعة، وهي شديدة التشاؤم لدرجة أنها قد تقطع الأمل والنسل معاً، على حد قول المبدع الكبير زياد الرحباني.

نشرت هذه الرسالة في بوابة اندكس موندي IndexMundi المعنية بجمع الحقائق والإحصائيات والبيانات من مصادر متعددة من جميع أنحاء العالم، وتحويلها إلى عناصر مرئية سهلة الاستخدام.

وميزة هذه البوابة هي أن العاملين فيها يلتقطون الإحصائيات المبعثرة أو المخفية بطريقة أو بأخرى ويقدمونها على شكل خرائط ومخططات وجداول سهلة الاستخدام تتيح للزوار فهم المعلومات المعقدة بنظرة واحدة، وقد أسس هذه البوابة منذ سنوات باحث يدعى ميغيل باريينتوس، وهو تقني بارع من خريجي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يتمتع بخبرة واسعة في قطاعات ذكاء الأعمال وتخزين البيانات، وشاركته في التأسيس الباحثة الاقتصادية كلوديا سوريا وهي رائدة أعمال تتمتع بخبرة واسعة في إطلاق وإدارة المشاريع عبر الإنترنت.

قامت هذه بوابة اندكس موندي هذه بنشر جدول بعنوان مقارنة البلدان – نسبة السكان تحت خط الفقر. وقد تصدرت سورية الجدول، إذ بلغت النسبة المئوية لعدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر 82,5% تليها في المرتبة الثانية زمبابوي بنسبة 72,3% ومدغشقر في المرتبة الثالثة بنسبة 70,7%.

أعلم أن الكثير ممن سيقرؤون هذه الكلمات سينحون باللائمة على الحكومة، وسيصفونها بمختلف الصفات السلبية، ولا شك أن حكومتنا لها حظ وافر من المسؤولية عما آلت إليه الأمور في بلادنا، لكنها، والحق يقال، ليست المسؤول الرئيسي عن إفقارنا نحن السوريين فهي ليست القوة القاهرة التي دفعت غالبيتنا الى ما دون خط الفقر، فالفاعل ضمير مستتر لدرجة الوضوح الفاضح.

قبل أيام قرأت لأحد الأصدقاء لسان حال يقول فيه لو جمعنا عدداً متساوياً من النمل الأبيض والنمل الأحمر في إناء واحد، وقمنا بهز ذلك الإناء بعنف شديد فإن النمل الأبيض سيظن أن النمل الأحمر هو المتسبب بالهزة وكذلك سيظن النمل الأبيض بأن النمل الأحمر هو المتسبب بالهزة، وستكون النتيجة هي اشتباك نوعي النمل في معركة شرسة قد تودي بالنوعين.

وقد علق زميلي على هذه القصة بقوله إن المسؤول الأساسي عن المذبحة ليس هو النمل الأحمر ولا النمل الأبيض بل اليد الخارجية التي قامت بهز الإناء، وهذا الاستنتاج سليم إلى حد ما، لقد استثمر الشخص معرفته بطبيعة النمل ومحدودية وعيه خارج النطاق الذي هو فيه، لذا كان كافياً أن يهز الإناء لكي يجعل نوعي النمل يشتبكان في معركة ضارية حتى الموت!

هاتان الرسالتان، كما قلت، مكتوبتان بحبرين متناقضين، إحداهما تشد الروح إلى أسفل والأخرى تحلق بها إلى أعلى. والحق إنني لا أعلق أهمية كبيرة لا على الرسالة الأولى ولا على الثانية، بل أعلق كل آمالي على أخوتي السوريين الذين ضحوا بكل ما يملكون حتى صار أغلبهم تحت خط الفقر. وأنا على يقين، رغم كل السواد المحدق بنا، أن تضحيات جيشنا البطل خلال السنوات العشرة الماضية ستنير الطريق لنا كي نسير في الوجهة التي طالما نذرت سورية نفسها لها، كما أنار دم الشهيد يوسف العظمة طريق العزة الذي سارت عليه سورية طوال القرن الماضي.

المصدر - اوقات الشام