ماذا تعرف عن المنطقة (ج) في فلسطين المحتلة؟

ماذا تعرف عن المنطقة (ج) في فلسطين المحتلة؟
الثلاثاء ٣١ أغسطس ٢٠٢١ - ٠٣:٣٨ بتوقيت غرينتش

لم تنفع كل الأعلام الحمراء التي رفعت أمام عدوان واستيطان الاحتلال المتصاعد في الضفة المحتلة في ثني حكومات الكيان خلال عقدين من الصراع عن وقف سياسة المصادرة والتهويد المتصاعد.

العالم - فلسطين

الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على منطقة (ج) في الضفة المحتلة هو صراع على مستقبل دولة فلسطينية حوَّل الاحتلال أرضها إلى أرخبيل فاقد للتواصل والوحدة الجغرافية السياسية.

تشكل منطقة (ج) 61% من أرض الضفة المحتلة، وأقام الاحتلال فوقها 198 مستوطنة، و240 بؤرة استيطانية، و205 قاعدة عسكرية، إضافة لهيمنته على 700 كم مربع كمحميات طبيعية تابعة لسلطة الطبيعة الإسرائيلية.

وقسم اتفاق أوسلو الموقع بين الكيان والسلطة الفلسطينية الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق وهي: (أ)، (ب)، (ج) لكن منطقة (ج) تعد أحد الإفرازات المباشرة للاتفاق المؤقت بشأن الضفة وغزة (أوسلو الثانية) الموقع في سبتمبر 1995م.

يضع الكيان العصي في دواليب أي حوار حالي ومستقبلي على الحقوق الفلسطينية في منطقة (ج) وترسّخ واقعاً احتلاليًّا في كامل مدن الضفة والقدس المحتلة ما أجهض عملية التسوية المتعثّرة برمتها، وأوصدت الأبواب أمام المستقبل السياسي الفلسطيني.

مستقبل دولة

رحم الشهوة الإسرائيلية في إنتاج المزيد من مخططات التصفية لمستقبل منطقة (ج) لا يزال فاعلاً وسط تدهور المشهد السياسي الفلسطيني الذي يعاني الانقسام وتضارب برامج سياسية بين السلطة الفلسطينية وفصائل العمل الوطني.

يمارس الكيان لعبة كذب منظمة في منطقة (ج) فقد أعلنت قبل أيام أنها سمحت للفلسطينيين بناء عشرات الوحدات السكنية، بينما سمحت في الوقت ذاته ببناء آلاف وحدات الاستيطان.
ويؤكد سهيل خليلية، مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد (أريج) بالضفة المحتلة، أنَّ منطقة (ج) تعد مستقبل أي كيان فلسطيني لعدة أسباب، أولها، وفرة الأرض كمورد من جهة اقتصادية وزراعية وصناعة وتجارة.

ويضيف لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "منطقة (ج) هي أفق التوسع العمراني لكل فلسطينيي الضفة، ومعظم البقية منهم محصور في منطقة (أ) و (ب) التي تعاني ندرة، لذا ارتفع سعر الأرض ارتفاعا جنونيا في مناطق (أ) و (ب)، وتمدد العمران على حساب المساحات الخضراء فيهما".

وتعد منطقة (ج) الخزان الجوفي للمياه وبها كثير من الآبار الجوفية والينابيع التي يسيطر عليها الاحتلال وشركاته ولا يستطيع أحد استخدام أي من تلك الموارد إلا بإذن إسرائيلي يمر بقاطرة معيقات تنتهي بالرفض وفشل المراد.

في منطقة (ج) يقلب الاحتلال كل حجر للبحث تحته عن مورد طبيعي أو اقتصادي فلسطيني يسابق الزمن في سرقته أو تغيير واقعه لصالحه، وقد مضى جدار الفصل العنصري ومشاريع الاستيطان وفق سياسة ممنهجة لتفريغ أي مشاريع مستقبلية فلسطينية هناك.

وحسب تعريف اتفاقية "أوسلو" لا يزال الاحتلال يمتلك سيادة مدنية وعسكرية كاملة في مناطق (ج) ويتصرف بها بالمطلق، فهي غير تابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة.

تحمل منطقة (ج) بعداً استراتيجيًّا لأهمية الموقع، فهي بعيدة عن الساحل الفلسطيني، وجغرافيتها جميلة، ومن جهة جيوسياسية تعد امتدادا استراتيجيًّا عميقا لفلسطين من جهة الشرق خاصة منطقة الأغوار.

ويقول د. جمال عمرو الخبير في شئون الاستيطان: إن مستقبل وواقع منطقة (ج) يعد الآن أحد مخرجات نكبة اتفاق "أوسلو" التي رحل الاحتلال دوماً الحوار عليها للمرحلة النهائية، فهدر الوقت ورسخ واقعاً استيطانيًّا.

ويتابع لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "لجأ مفاوضون فلسطينيون لي كباحث وأكاديمي للحصول على خرائط، وعرّفتهم بأسماء بلدات وتفاصيل مناطق ج، فقد كانوا يفاوضون دون امتلاك وثائق وخرائط دقيقة، في حين تحصن عدوهم بخرائط محكمة".

ويرى الخبير عمرو أن أي معركة تحرير مستقبلية لفلسطين ستمر من تلك المنطقة، فالطريق تاريخيًّا كان يأتي من العراق وسوريا والأردن للجهة الشرقية من الضفة قبل الوصول لعمق فلسطين.

استفاد الكيان من إدارة "ترمب" الراحلة في مستقبل وواقع منطقة (ج) خاصّة فيما عرف بخطة الضم والهيمنة على الأغوار التي تشكل ثلث الضفة المحتلة ومستقبل أي دولة فلسطينية واعدة.

تحاول "إسرائيل" انتزاع ملكية الفلسطيني في منطقة (ج) بشتى الطرق، فهي لا تمنحه رخصة الاستثمار والبناء لأكثر من 2% من الطلبات المقدمة، وتستخدم قوانين أملاك الدولة والغائبين والذرائع العسكرية لإكمال مخططها المتصاعد.

جزر ومستوطنات

تحولت منطقة (ج) لقطعة جبن سويسرية أرضها مليئة بالثقوب، فالمستوطنات تخترق وحدة أرضها من الجهات كافة، والوحدة الجغرافية غائبة بالكامل أمام يد الاستيطان الطليقة للتهويد.

تجمعات الاستيطان تتمدد كبقعة زيت من جنوب الضفة حتى شمالها، وللقدس خصوصية أخرى في القضية التي يمضي الاحتلال حسم مستقبلها لتكون إسرائيلية بنقاء ويطرد معظم سكانها لتجمعات خارج وعلى حدود القدس.

ويرى سهيل خليلية، مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد (أريج) أن الاحتلال أقام شبكة طرق التفافية تصل بين المستوطنات بطول 940 كم، وتعامل مع معظم منطقة (ج) أنها أرض دولة، وأغلق مساحات منها للتدريب العسكري.

ويتابع: "70% من منطقة ج مصنفة مستوطنات وطرقا التفافية وأراضي دولة، وإسرائيل مهتمة الآن بالسيطرة على الأغوار كاملة، ومناطق خلف الجدار، والهيمنة على القدس الكبرى".

وفي ظل إدارة "بايدن" رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، يجري حوار حول مستقبل التسوية وأرض الضفة؛ لكن المراقبين يرجحون رفض الكيان الحوار على معظم المستوطنات الجديدة في مناطق (ج)، وربما يجرون تبادلا وتنازلا في منطقة (أ) لإقفال الجدل.

ويشير الخبير عمرو، أن الاحتلال حوّل أودية وجبال منطقة (ج) لمناطق عسكرية تجاور 240 مستوطنة يصعب فيها استخدام أسلحة غير تقليدية عالية التدمير؛ لأن حالة التداخل والجوار بين البلدات الفلسطينية والمستوطنات يصيب كلاهما بضرر.

وتصل أكتاف الضفة المحتلة خاصّة منطقة (ج) الموارد المائية الممتدة بين طبريا ونهر الأردن وحتى اليرموك وشمال فلسطين المحتلة وعرب 48 في عدة مدن وبلدات.

التحولات في السياسة الأمريكية في إدارة "بايدن" تضع الفلسطيني أمام خيار واحد ووحيد، هو ضرورة النضال لاسترداد منطقة (ج) التي تعد قلب الضفة ومستقبل دولة، وتجريم الكيان في ملف الاستيطان والجدار كشكل غير قانوني وعمل عنصري.

إعادة الحديث عن حل دولتين كواقع تعانده عقبات شتى، أهمها مستقبل منطقة ج، لن ينال الحياة إلا بضغط فلسطيني منظم من جهة مقاومة وقانونية لحشد مزيد من الضغط، فالاحتلال لا يحترم قانونا، وإنما يخشى القوة وتضرر سمعته دوليًّا.

المركز الفلسطيني للإعلام