هل ستسلم الجزائر نبيل القروي الى تونس؟

هل ستسلم الجزائر نبيل القروي الى تونس؟
الثلاثاء ٣١ أغسطس ٢٠٢١ - ٠٦:٤٨ بتوقيت غرينتش

منذ القرارات التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد انقطع التواصل بين كوادر حزب “قلب تونس”، ثالث أكبر كتلة في البرلمان التونسي وأحد أحزاب الائتلاف الحاكم ورئيسه نبيل القروي، الى ان جرى اعلان توقيفه رفقة شقيقه غازي القروي النائب بالبرلمان في مدينة تبسة الجزائرية بعد دخوله البلاد بشكل غير شرعي.

العالم - تونس

وكانت السلطات التونسية قد أفرجت عن نبيل القروي في 15 حزيران/ يونيو الماضي بعد اتهامه بغسل الأموال والتهرب الضريبي في قضايا لا يزال ينظر فيها القضاء التونسي في حين يؤكد القروي أن خصومه السياسيين يقفون وراء هذه التهم.

وفي 25 تموز/ يوليو الماضي، اعلن الرئيس التونسي عن تجميد أعمال البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة وإقالة الحكومة مقابل توليه السلطة التنفيذية بنفسه.

وقال المتحدث باسم محكمة القصرين رياض النويوي أن “السلطات الجزائرية تحقق مع شخصين يشتبه بأنهما ساعدا الأخوين قروي في الهروب” إلى الجزائر. ولم يصدر أي توضيح من السلطات التونسية حول توقيف القروي وشقيقه والسبب وراء ذلك.

ويعد القروي البالغ 58 عاما من العمر من اعمدة الاقتصاد في تونس، وهو صاحب قناة نسمة. وأثار إعلانه خوض سباق الرئاسيات في 2019 قلقا لدى دوائر الحكم، إلى حد أن البرلمان أقر تعديلا لقانون الانتخابات تقدمت به رئاسة الحكومة، ويحدد الميزانيات للمرشحين، ويحظر عليهم تلقي أي أموال من جهات خارجية.

ونص التعديل على رفض وإلغاء ترشيح كل من يتبين قيامه أو استفادته من أعمال ممنوعة على الأحزاب السياسية خلال السنة التي تسبق الانتخابات التشريعية أو الرئاسية.

وامتنع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي التوقيع على التعديل، ليتمكن القروي الملاحق في تونس في قضايا تبييض أموال وفساد منذ العام 2017 من خوض المنافسات الانتخابية، فيما حل “قلب تونس” ثانياً في الانتخابات النيابية عام 2019 وشغل 38 مقعداً من أصل 217.

وكان القروي قد أمضى أكثر من ستة أشهر في السجن بتونس بتهمة غسل الأموال والتهرب الضريبي، وأفرجت عنه السلطات القضائية في 15 يونيو/حزيران الماضي.

وهنأت حركة النهضة نبيل القروي بإطلاق سراحه في بيان شددت فيه على ان “استقلالية القضاء واحترام القانون هي السبيل الوحيد لإحترام حقوق المواطن التونسي في محاكمة عادلة وحفظ كرامته”.

واعتقل في اب أغسطس 2019، خلال حملة الانتخابات الرئاسية، وتغلب من داخل سجنه على معظم المرشحين في الدور الأول من الانتخابات.

وقال التلفزيون التونسي وراديو موزاييك إف.إم إن القروي دخل سرا إلى مدينة تبسة الجزائرية، وترددت انباء بأن وجهته الأخيرة مانت فرنسا، ومن المقرر أن يمثل الاثنين أمام محكمة جزائرية، بتهمة الدخول غير الشرعي للبلاد، ومن المتوقع ان يمثل معه امام المحكمة نفسها اشخاص سهلوا عملية تهريبه عبر الحدود.

وغداة إقرار الرئيس سعيد إجراءات استثنائية تم بموجبها عزل رئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان وتولي رئيس البلاد مهام السلطة التنفيذية، وهي التدابير التي وصفها خصومه الإسلاميون بأنه انقلاب، أعلن النائب عن حزب “قلب تونس”، جوهر المغيربي، عن تعليق نشاطه من هياكل الحزب، وأرجع قراره إلى “ظروف شخصية”، بينما لم يظهر القروي علنا ​​منذ ذلك الحين.

وقالت صحيفة “الشروق الجزائرية”، إن السلطات الأمنية ألقت القبض على القروي، اول السبت، بعد ورود معلومات بإقامته في منزل أحد المواطنين بجهة تبسة، مضيفة أنه سيتم تقديم القروي أمام وكيل الجمهورية المختص الیوم الثلاثاء.

وفتح القضاء التونسي في وقت سابق تحقيقا ضد كل من “قلب تونس” و”حركة النهضة” و”عيش تونسي”، للاشتباه في تلقيهم أموالا أجنبية خلال الحملة الانتخابية لعام 2019، بعد ان تقدم حزب “التيار الديمقراطي” بشكوى للنيابة العامة عقب انتخابات عام 2019.

وينص قانون الانتخابات التونسي على تغريم أي مرشح للبرلمان تلقي أموال من جهات خارجية الغاء عضويته في حال فوزه، وسجنه خمس سنوات، وقد تصل الغرامة من 10 الى خمسين ضعفا للمبلغ الذي تلقاه، وهناك توقعات ان يتم فتح ملفات قادة الاحزاب وممثليها في البرلمان، وخاصة النهضة وقلب تونس.

وكان حزبا “حركة النهضة” و “قلب تونس” من أوائل الأحزاب التي أدانت قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد، المتعلقة بتجميد البرلمان وعزل رئيس الحكومة، ووصفت “حركة النهضة” قرارات سعيّد بالإنقلاب، في حين وصفها حزب “قلب تونس” بالخرق الجسيم للدستور.

وبخصوص توقيت الإعلان عن فتح التحقيقات مع الأحزاب الثلاثة وتزامنه مع قرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد، شددت مصادر قضائية تونسية أن التحقيقات بدأت بعد تقرير دائرة المحاسبات، في حين يتمسك اخرون بعدم الفصل بين توقيت الإعلان عن فتح التحقيق وقرارات الرئيس سعيّد.

وفي ايار/ مايو 2020 عقد ائتلاف الكرامة، القريب من حركة النهضة الإسلامية تحالفا مع حزب قلب تونس، بهدف “تقوية الجبهة المناهضة للأحزاب والقوى المدنية والالتفاف أكثر حول الحركة الإسلامية” و لـ”شعوره بالخذلان من حزب التيار الديمقراطي وحركة الشعب”.

ونقل موقع بزنس نيوز أن الغنوشي برر تراجع حزبه عن تصريحاته السابقة بعدم التحالف مع قلب تونس بالقول “الأغبياء هم الذين لا يتغيرون” وأن الحركة “تعاملت مع كل الأحزاب إلا من أبى”، كما أنه “لا يمكن أن تقع مقاطعة أي حزب اختاره الشعب، بما في ذلك قلب تونس”.

ونظرا للصراع بين الحزبين، تفاجأ التونسيون بتحالف النهضة وقلب تونس، لإيصال راشد الغنوشي إلى رئاسة البرلمان.

السؤال الذي يطرح نفسه الآن بعد القاء القبض على القروي وشقيقه، هو عما اذا كانت السلطات الجزائرية ستسلمهما الى السلطات التونسية في حالة ادانتهما لخرق القانون الجزائري، ام انها سترفض أي طلب رسمي تونسي في هذا الصدد، وتقرر قضاء أي احكام بالسجن ضدهما في السجون الجزائرية.

في جميع الأحوال، وايا كان قرار القضاء الجزائري يمكن القول ان “قلب تونس” الذي يستمد وجوده وقوته من رئيسه القروي تلقى ضربة قاضية وبات استمراره موضع العديد من علامات الاستفهام.