الانتخابات النيابية القطرية : أبعادها المحلية والإقليمية(1)

الانتخابات النيابية القطرية : أبعادها المحلية والإقليمية(1)
الإثنين ٠٤ أكتوبر ٢٠٢١ - ٠٤:١٠ بتوقيت غرينتش

شهدت قطر يوم الثاني من تشرين الاول اكتوبر 2021 اجراء الانتخابات النيابية بعد حوالي شهرين من الاستعدادات واصدار التشريعات القانونية وفتح باب الترشيح والتوعية والدعاية الانتخابية ،وجرى تقسيم الدولة المذكورة الى 30 دائرة انتخابية ؛تضم كل دائرة انتخابية (فريج اوعدة فرجان أي منطقة اوعدة مناطق).

العالم- قطر

وبلغ عدد المرشحين[ 234 ]مرشحا بينهم[ 27 ]امرأة بعد أن تنازل عن الترشيح الأولي [ 49 ] رجلاً وامراة واحدة ، علماً بان 90% من سكان قطر هم أجانب ويبلغ العدد الكلي السكان مليونين و750 الف نسمة.

وهذا لا يعني ان قطر لم يكن فيها مجلس للشورى قبل هذا اليوم،بل كانت ذات مجلس استشاري، الا انه في ضوء طبيعة البلد والتكوينة الاجتماعية القبلية ونمط الحكم في الدول الخليجية فان مجلس الشورى القطري كان يتم اختيار اعضائه من قبل امير الدولة شخصياً .

ومنذ عام 1972 قامت منظمة اليونسكوبتسجيل مبنى مجلس الشورى القطري الواقع في الدوحة القديمة وقرب سوق واقف كأحد المعالم التراثية الجميلة لديها ، والذي يعتز به القطريون كثيرا.

وكان المجلس يضم أبرز الشخصيات الناشطة والفاعلة والوجوه البارزة لمعظم القبائل المعروفة، وكانت شرائح المجتمع ممثَّلةً في مجلس الشورى ومنهم طبعا المواطنون الشيعة الذين اختار امير قطر السابق من بينهم الوجيه والتاجر والمحسن المعروف ناصر بن سليمان بن حيدر الحيدر ليكون عضوا وممثلاً لهذه الشريحة من المواطنين.

وبموجب قانون الانتخابات الجديد فانه لا يحق لأي شخص من أسرة آل ثاني الترشيح لعضوية مجلس الشورى المنتخَب ،ولذلك لم يكن من بين المرشحين أي إسم من عائلة آل ثاني.

ويبلغ عدد اعضاء مجلس الشورى القطري الجديد 45 عضواً 30 منهم ينتخبهم الشعب القطري مباشرةً وال15 الاخرون يختارهم امير الدولة من بين الشرائح والمذاهب والفئات المختلفة نساء ورجالاً ،وفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة للبلاد لكي يكون المجلس شاملاً وعادلاً ومتنوع التكوين.

ويقوم المجلس المذكور بمناقشة وتعديل الميزانية العامة للبلاد، وإصدار القوانين اللازمة في مختلف مجالات الحياة العامة،داخلياً وخارجياً، وإصدار التوصيات الضرورية للوزراء والوزارات المختلفة، ومراقبة أداء الوزراء ، وعزل الوزير غير الكفوء.

ويعتبر اجراء الانتخابات النيابية في قطر أبرز حدث سياسي في هذه الدولة الخليجية ،حيث شهدت الانتخابات تنوعاً في البرامج الإنتخابية للمرشحين، وتنافساً شديداً بين المرشحين في مختلف المدن والنواحي والمحلات [التي تسمى "فرجان" ] وسجل الناخبون تفاعلاً كبيراً مع صناديق الاقتراع رغم ظروف الجائحة، بحيث بلغت نسبة التصويت 63%.وبمجرد انتهاء التصويت في السادسة مساءً بدأت اللجان المشرفة على الصناديق فرز الاصوات أمام كاميرات التلفزة بشكل مباشر وعلى الهواء عبر قناة تلفزيون قطر 1و2 وقناة الريان وقناة الجزيرة، وبدأ العد والفرز بحضور المرشحين انفسهم أوممثلوهم ،في المقرات الانتخابية، تعبيراً عن الشفافية في تشخيص النتائج وإعلان الفائزين بالسرعة الممكنة .

لكن بعضاً من أعضاء الذباب الإلكتروني لدولٍ خليجيةٍ حاول الهمز واللمز في هذه الانتخابات بَيدَ أنه في ضوء التشكيلة الاجتماعية القبلية ونمط النسيج الخليجي وطبيعة المجتمع القطري وافتقاد هذه البيئة للعمل الحزبي المنظّم فان هذه التجربة تعتبر جديدة ويمكن تطويرها ،ولم يسبق لها مثيل سوى في الكويت، ولاننسى أن قانون الانتخابات البرلمانية في مصر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك كان يقضي بأن الرئيس يعيّن نصف عدد اعضاء البرلمان ،والشعب ينتخب النصف الاخر ، وهؤلاء بمجموعهم يختارون الرئيس. وكان ذلك الاسلوب التلفيقي بين الانتخاب والتعيين مقبولاً اومشروعاً لعشرات السنين.


*د.رعدهادي جبارة
*باحث ودبلوماسي سابق