السعودية تهدد بعقوبات اقتصادية على لبنان

السعودية تهدد بعقوبات اقتصادية على لبنان
الإثنين ٠١ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٩:٥٥ بتوقيت غرينتش

بقيت الأزمة مع السعودية في صدارة الاهتمامات والتي باتت خلفياتها واضحة لجهة المأزق السعودي في اليمن ومحاولة نيل مكاسب في لبنان من خلال الضغوط الاقتصادية والسياسية على بيروت.

العالم - لبنان

الصعود السعودي إلى أعلى الشجرة لم يثمر على الأرض، وسط حديث عن قرار أمريكي فرنسي بعدم إسقاط الحكومة اللبنانية، التي تريد الرياض الإطاحة بها لعدم رضاها في الأصل عن تشكيلها لمشاركة حزب الله فيها.
كما أن استقالة وزير الإعلام باتت غير واردة، ما يطرح علامات استفهام كبيرة عن الأيام المقبلة وما ينتظر البلاد من ضغوطات إضافية سيمارسها النظام السعودي على الشعب اللبناني.

وفي السياق علمت صحيفة الأخبار اللبنانية من مصادر واسعة الاطلاع أن قرار السعودية قطع العلاقات مع لبنان متخذ منذ أسابيع، وأن التوقيت لم يكن يحتاج سوى إلى ذريعة تم استخراجها من تصريح لوزير الإعلام جورج قرداحي أدلى به قبل تأليف الحكومة بوقت طويل.

لكن الأمر بالنسبة للسعوديين احتاج إلى هذه الذريعة نتيجة رفض الولايات المتحدة وفرنسا ودول خليجية قرار محاصرة لبنان وإخضاعه لعقوبات واسعة.

وذكرت المصادر أن الجانب السعودي أبلغ جهات دولية وعربية أن مشكلته تنطلق من الدور العملاني والكبير الذي يقوم به حزب الله في اليمن، وأن الرياض في حال إحباط نتيجة رفض الجانب الإيراني التجاوب مع طلبها التدخل لدى الحوثيين للقبول بوقف لإطلاق النار، ثم زاد الإحباط عندما طرح السعوديون مسألة خبراء حزب الله في اليمن وجاءهم الجواب الإيراني: اذهبوا إلى بيروت وابحثوا الأمر هناك!

ونقلت صحيفة البناء عن مرجع نيابي إن ما نشهده منذ سنتين كان ينبئ ببلوغنا هذه اللحظة، التي يجري خلالها رفع مستوى الأزمة من إطارها الداخلي ونقلها إلى المستوى الإقليمي، ولأن حزب الله بذاته صار لاعباً إقليمياً كان لابد للسعودية أن تحضر مقابله مباشرة، خصوصاً بعدما استنفدت محاولات خلق مكافئ لبناني بوجهه، خصوصاً اليأس من تجربة الضغط على الرئيس سعد الحريري لتشكيل رأس حربة المواجهة مع حزب الله، على قاعدة العزل السياسي والفيتو على مبدأ الشراكة الحكومية، وصولاً لمحاولة فرض الخروج من التسوية الرئاسية التي صاغها الحريري مع الرئيس ميشال عون.

وجاءت النتائج المخيبة للرهان على ما تستطيعه القوات اللبنانية في ضوء نتائج مجزرة الطيونة، واستنجاد القوات بالسعودية للخروج من مأزق المساءلة القضائية، وإثارة مظلوميتها كقضية بديلة لقضية دعم مسار القاضي بيطار كعنوان تصادم مع حزب الله، وبدلاً من وعودها بالمجاهرة بقوتها العسكرية واستعدادها لخوض المواجهة المسلحة، تبنت خطاباً تراجعياً يخالف ما توقعته السعودية التي بنت أحلاماً على دور عسكري علني للقوات بوجه الحزب، فحضرت السعودية على طرف الأزمة المقابل لحزب الله، في ربط نزاع سيستمر لحين توافر شروط تسوية كبرى في المنطقة.

يرجح المرجع أن الرغبة السعودية هي بإعادة لبنان إلى ما كان عليه عشية اتفاق الطائف قبلها، وإغراقه في الفوضى والفراغ حتى تصبح التسوية شرطاً لإعادة تكوين المؤسسات برعاية سعودية مباشرة للطرف المقابل لحزب الله.

يقول المرجع إن الموقف الأميركي هذه المرة لا يبدو شبيهاً بالموقف الأميركي عشية اتفاق الطائف الذي تزامن مع اندفاعة أميركية في المنطقة ترجمتها الحرب في الخليج الفارسي وجسدها مؤتمر مدريد، بينما تتزامن الهجمة السعودية مع انكفاء أميركي من المنطقة من جهة، وخشية من انفلات المواجهة مع حزب الله بصورة تهدد الاستقرار الإقليمي، وخصوصاً الاستقرار على جبهات المواجهة مع كيان الاحتلال، ويفسر المرجع النيابي كلام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بعد لقائه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بعدم الاستعداد للدخول على خط الخلاف اللبناني- السعودي، وبتمسك واشنطن ببقاء الحكومة والحفاظ على الاستقرار في لبنان، بأنه إفساح مجال أمام الرياض لخوض معركتها تحت هذين السقفين.

الكلام السعودي عن توصيف الأزمة بصفتها أزمة وجود حزب الله ودوره وما وصفه وزير الخارجية السعودي بهيمنة حزب الله على الدولة، دفع بقضية وزير الإعلام جورج قرداحي إلى الخلف بعد التداول بفرضية استقالته ليومين كمخرج من الأزمة، علماً أن قرداحي لم يعد أحداً بالاستقالة، خصوصاً بعدما تلقى دعماً واضحاً من الوزير السابق سليمان فرنجية ومن حزب الله، ومع تراجع فرضية استقالة الحكومة بعد المواقف الأميركية والفرنسية الداعمة لبقائها، زال عامل الضغط الوحيد الذي كان يمكن أن يدفع بقرداحي للاستقالة، وفقاً لقول فرنجية، لا نريد أن تسقط الحكومة لأن لبنان يحتاج بقاء الحكومة، ولن تتشكل حكومة بدلاً منها إذا استقالت.

فصارت المعادلة، أزمة مفتوحة، وبقاء كل من الحكومة والوزير قرداحي، ووضع حزب الله معادلتين بصفته الطرف المستهدف، الأولى أمام تمسك الأميركي بالحكومة تمسك الحزب بقرداحي، وأمام المطالبة الداخلية والخارجية بإقالة قرداحي وضع مستقبل الحكومة موازياً لمستقبل قرداحي، والثانية الرد على كلام وزير الخارجية السعودي عن هيمنة حزب الله على الدولة بكلام رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين، بقوله، لو كان هذا صحيحاً وكان لنا القرار في لبنان لما تجرأ أحد على لبنان، واللي بيتطلع فينا بعين منقبعلو العينتين.

وأيضا صحيفة الجمهورية استبعدت ان تتمّ قريباً معالجة الازمة بين دول السعودية ولبنان، لافتة إلى أنّه بات ثابتاً انّ الموقف الحاد للسعودية وبعض العواصم الخليجية يتجاوز في جوهره حدود الاعتراض على تصريحات قرداحي.

واضافت الجمهورية انّ المواقف التي أدلى بها قرداحي كانت الشرارة التي أشعلت برميل البارود، ولكن البرميل ممتلئ أصلاً بالمواد المتفجرة، وكان يكفي ان يُرمى فيه اي ثقاب حتى ينفجر. ولفتت إلى انّ استقالة قرداحي من عدمها أصبحت مجرد تفصيل في هذه الأزمة التي تمتد خيوطها حتى مأرب في اليمن»، كاشفة انّ «ليست هناك أي ضمانات بأنّ الرياض والدول المتضامنة معها ستتراجع عن إجراءاتها التصعيدية الأخيرة اذا استقال قرداحي.