الإنسحابات السعودية الإماراتية وتحسب لسقوط صافر

الإنسحابات السعودية الإماراتية وتحسب لسقوط صافر
الخميس ٠٤ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٩:١١ بتوقيت غرينتش

لم تكد الإمارات تنهي تواجدها المباشر في محافظة شبوة، عبر الانسحاب من معسكر العلم ومنشأة بلحاف الغازية، حتى لحقت بها السعودية التي سارعت إلى ترك مطار مدينة عتق بعد قرابة سنتين من التمركز فيه. والظاهر أن عمليات الانسحاب تلك تأتي مدفوعة بالتطورات العسكرية المتسارعة في محافظة مأرب، والتي تثير خشية لدى «التحالف» من إمكانية إقدام "أنصار الله" على توسيع توغلها في شبوة، للالتفاف منها صوب مناطق واقعة خلف منشآت صافر النفطية.

العالم - اليمن

بعد أيام من انسحاب قوات إماراتية رمزية من معسكر العلم في مديرية جردان في محافظة شبوة النفطية، وتركها أيضا منشأة بلحاف الغازية في المحافظة نفسها، انسحبت القوات السعودية، أول من أمس، من مطار مدينة عتق المحلي، والذي كانت حولته إلى مقر عسكري لعملياتها منذ أواخر عام 2019.

وفجرت عمليات الانسحاب تلك خلافا كبيرا بين ميليشيات «النخبة الشبوانية» التابعة للإمارات وميليشيات حزب «الإصلاح» صاحبة الغلبة في شبوة، والمشرفة على تصدير النفط الخام الذي ينتج من حقولها ومن حقول مأرب عبر ميناء النشيمة الواقع على ساحل البحر العربي.

وتحدثت قيادة «الإصلاح» عن أن الانسحاب الإماراتي من «العلم» أتى تنفيذا لاتفاق أبرم بين السلطة المحلية التابعة لها والقوات الإماراتية، بوساطة سعودية في 30 آب الفائت، حين تم تحديد مهلة شهرين للإماراتيين لإخلاء المعسكر ومعه منشأة بلحاف الغازية.

إلا أن الخطوة الإماراتية أعقبها انسحاب كلي للقوات السعودية من عتق، وهو ما أنبأ بأن سيطرة قوات الجيش واللجان الشعبية على مديريات بيحان الأربع الشهر الفائت، وتقدمها في مساحات واسعة من مديريتي مرخة العليا ومرخة السفلة أواخر الأسبوع الماضي، تعد واحدا من أهم دوافع الانسحاب.

وفي هذا الإطار، تصف مصادر محلية ما يجري بأنه «بمثابة إعادة تموضع تقوم به القوات السعودية والإماراتية في المحافظات الجنوبية والشرقية النفطية»، نافية مغادرة تلك القوات إلى خارج البلاد.

وتفيد المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، بأن «القوات الإماراتية التي انسحبت من معسكر العلم التابع لميليشيات النخبة الشبوانية كانت محدودة»، مضيفة أنه «تم نقل معظم المعدات والمدرعات العسكرية الإماراتية والمئات من عناصر النخبة الشبوانية من شبوة إلى صحراء العبر الواقعة في نطاق محافظة حضرموت».

وعلى إثر انسحابها من «العلم»، أنهت الإمارات، أول من أمس، آخر تمركز لها في شبوة، بخروجها من منشأة بلحاف الغازية التي تسيطر عليها منذ عام 2017، وحولتها إلى قاعدة عسكرية وأنشأت فيها معسكرا لتدريب الميليشيات التابعة لها وسجنا سريا وغرف عمليات.

وبحسب المعلومات الأولية، فإن أبو ظبي تعمل على تأسيس معسكرات جديدة لها في الصحراء الرابطة بين محافظتي شبوة وحضرموت، والتي تتواجد فيها قوات سعودية منذ أكثر من عام في منطقة «قارة الفرس»، التي تعد من المناطق الاستراتيجية الواقعة بين المحافظتين.

وبخصوص السعودية، تلفت المصادر إلى أن «الانسحاب المفاجئ للقوات السعودية من مطار عتق من دون إنذار مسبق، وتسليمه لميليشيات حزب الإصلاح، اعتبرهما المجلس الانتقالي في شبوة تنصلا سعوديا غير معلن من تنفيذ الشقين العسكري والأمني من اتفاق الرياض، والذي مرتكزه الأساسي سحب ميليشيات الإصلاح من شبوة وإعادة ميليشيات النخبة الشبوانية إلى المحافظة»، خصوصا أن «الإصلاح» سارع في سد الفراغ الذي خلفه التحالف السعودي - الإماراتي، والسيطرة على مقراته السابقة، وشدد من قبضته العسكرية والأمنية في محافظتي شبوة وأبين ووادي حضرموت لوقف أي اختراق لـ«النخبة الشبوانية» الموالية لأبو ظبي.

لكن في المقابل، ثمة من النشطاء المحسوبين على الإمارات من عزا الخروج من شبوة إلى «خيانة الإصلاح للتحالف وتقاربه مع قوات الجيش واللجان الشعبية»، عادا ذلك «خطوة ذكية ستمكن أبناء الجنوب من استعادة دولتهم»، في إشارة إلى مطلب الانفصال المزمن.

فجرت عمليات الانسحاب خلافا كبيرا بين «النخبة الشبوانية» و«الإصلاح»

ودأبت قوات «التحالف»، خلال الأشهر الماضية، على ترك المناطق الملتهبة في مأرب وشبوة، ونقل معداتها العسكرية وشبكات الاتصالات التابعة لها إلى مناطق مستقرة.

وعلى سبيل المثال، فقد كانت القوات السعودية تتواجد في معسكري تداوين وماس وقاعدة صحن الجن العسكرية في محافظة مأرب، وكذلك في معسكر الرويك، إلا أنها مع اقتراب الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» من مدينة مأرب، نقلت معسكرات التدريب من تخوم المدينة إلى منطقة الوديعة في حضرموت الواقعة على الحدود مع المملكة.

كما نقلت، خلال الأسابيع الماضية، غرفة العمليات المشتركة وقيادات المناطق العسكرية الثالثة والسادسة والسابعة، التابعة لقوات الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي، وغرف العمليات الحربية لتلك القوات، ومعدات ثقيلة تخشى وقوعها تحت سيطرة قوات الجيش واللجان الشعبية، من مدينة مأرب إلى صحراء العبر في المحافظة نفسها.

أما الانسحاب الإماراتي من معسكر العلم الأسبوع الفائت، فقد جاء عقب تلقي «التحالف» معلومات عن نية قوات الجيش واللجان الشعبية السيطرة على مديرية جردان في محافظة شبوة، لتنفيذ عملية التفاف منها صوب مناطق واقعة خلف منشآت صافر النفطية شمال مأرب.

ولذا، تم سحب كل المعدات العسكرية الثقيلة من المعسكر الإماراتي إلى منطقة الطلح في صحراء شبوة ومن ثم إلى العبر. وعلى الأثر، سارعت ميليشيات «الإصلاح» إلى اقتحام «العلم» منتصف الأسبوع الجاري، ونهب كل محتوياته، ليرد «الانتقالي» بالدفع بأربعة ألوية إلى جبهات التماس في أبين، واتهام «الإصلاح» باستخدام «جماعات إرهابية» في عملية اقتحام المعسكر وطرد «النخبة الشبوانية» منه.

المصدر: جريدة الأخبار