فبركات انسحاب الحشد من البوكمال.. الشمس لا يغطيها الغربال!

فبركات انسحاب الحشد من البوكمال.. الشمس لا يغطيها الغربال!
السبت ٠٦ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٤:٤٠ بتوقيت غرينتش

على وقع التطورات السياسية شمال شرق سوريا، يتسارع إيقاع لعبة الاشاعات والاخبار المشبوهة، في محاولة مكشوفة للتأثير النفسي بعد عجز المخططات الامريكية في تلك المنطقة، الخبر الذي أوردته عدة منصات اعلامية معروفة الاتجاه والتمويل، جزم بان "قوات الحشد الشعبي تخلي مواقع لها جنوب شرقي مدينة البوكمال بريف دير الزور على الحدود العراقية السورية".

العالم - كشكول
نعم هي حرب الإشاعات والأنباء غير الدقيقة التي تملأ فضاء الصحافة الصفراء، فيما الحقيقة قالها مصدر خاص لقناة العالم، نفى تلك الاخبار جملة وتفصيلاً موضحا ان "قوات الحشد الشعبي والجيش السوري والعراقي، مازلوا يواجهون خلايا داعش، ويمنعون التواصل الجغرافي فيما بينها، بل يقطعوا عليها الطريق نحو الاراضي العراقية".

انها باختصار الدعاية الهشة، التي تأتي في هذا التوقيت بالذات، بعد تلقي الامريكي واعوانه الضربات الكبرى في شمال شرق سوريا، واخرها قصف قاعدة التنف على مثلث الحدود السوري العراقي، وشل حركة جماعة داعش، وضبط مفاصل العمل في البادية السورية، لتظهر محاولة التأثير على الجمهور، عبر توظيف الاخبار مرحلياً للاستثمار فيها والاستفادة منها، بهدف التغير الجذري في عقلية المتلقي، وفق مبدأ عقيدة الصدمة، والتي تعتمد على عوامل عدة معقدة، منها التدرج في نشر الاخبار، لتأخذ مداها في تحول إدراك الجمهور، ليتحول الاعلام الممول

مخابراتيا من دوره كناقل للخبر والواقع، إلى إعلام يتم تأطيره ضمن اجندات يمارس فيها التضليل والاغراق، على مبدأ غوبلز اي التكرار والكذب حتى يصدق الناس، إلا ان تلك السرديات المكشوفة باتت لا تقنع حتى المحرر الذي كتبها فما بالك بالمتلقي.

وانطلاقا من الحرب النفسية التي تشن على منطقة الجزيرة السورية، يبقى السؤال لماذا تستهدف تلك الحرب في هذا التوقيت بالذات منطقة البوكمال ومحور الحدود السورية العراقية.

يمكن القول ان تلك المنطقة عقدة جغرافية هامة امام المشروع الامريكي لاسباب عدة اولها من الناحية الجغرافية حيث تبعد عن دير الزور حوالي 150 كيلومتر وعن البوكمال بحدود عشرين كيلومتراً اما عن محطة T2 من جهة الغرب حوالي 60 كيلومتراً، ويصل منها الطريق الممتد في الصحراء حوالي 126 كيلومترا ليصل لقاعدة T3، وعن مطار التياس حوالي 93 كيلومتراً، واما عن قاعدة التنف الامريكية على الحدود السورية العراقية الاردنية حوالي 60 كيلومتراً، هذه الارقام والجغرافية تجعل المنطقة خاصرة رخوة لعمل الامريكي، وتواجد الجيش السوري وقوات الحشد الشعبي، يعني انه انهى الهيمنة الامريكية على مساحات مهمة في البادية، والاهم من ذلك كله انه اخرج قاعدة التنف من دور القفل للبادية السورية وقطع اوصال الجغرافية بين بغداد ودمشق، وعلى اثر ذلك يصبح الانتشار العسكري في بادية البوكمال وريفها الجنوبي الغربي والشرقية بمثابة رصيف اقليمي هام يحفظ الطريق البري عبر سلسلة من المواقع العسكرية، التي اصبحت تحاصر الامريكي، وتمنعه من تنفيذ مخططاته في عمق البادية السورية، ومنها احياء جماعة داعش والاستفادة من الغطاء الامريكي هناك.

الاخبار المفبركة التي نشرتها احدى الصحف تندرج ضمن محاولة التأثير على الروح المعنوية للجنود في الصحراء السورية الذين يشكلون حجر عثرة امام القوات الامريكية، وصولا الى العقل السياسي المؤسس للقرار في المنطقة، وما يسرب من اخبار ملفقة لا يتعدى كونه محاولة لجس النبض من الولايات المتحدة وحلفائها، تمهديا لقرار مفاجئ، يمكن ان يكون تفكيك القواعد الامريكية والخروج من سوريا، بعد ان ادركوا ان لا حرب نفسية تفيد، ولا تعزيز عسكري قادر على تثبيت وجودهم في المنطقة، بل وحسب كل المعطيات على الارض، يراهنون على حصان خاسر.

*حسام زيدان