حراك مصري لإحياء مقترح تأجيل الانتخابات الليبية

حراك مصري لإحياء مقترح تأجيل الانتخابات الليبية
الأربعاء ٢٤ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٩:٤١ بتوقيت غرينتش

كشفت مصادر سياسية ودبلوماسية مصرية أن القاهرة تسعى بجهد لتأجيل الانتخابات الليبية المقررة في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، باعتباره السيناريو الأمثل بالنسبة لها في المرحلة الحالية، شأنها شأن أطراف دولية أخرى لم تحسم بعد مرشحها للرئاسة نظراً لضبابية المشهد في ليبيا وعدم وضوح من المرشح الذي سوف يُستبعد ومن سوف يكمل طريقه للنهاية في ظل الطعون المقدمة ضد بعض المرشحين.

العالم - ليبيا

وأوضحت المصادر أن محاولات مصر لتأجيل الانتخابات تتم عبر طرق واتجاهات عدة، من ضمنها تشكيل فريق قانوني استخباراتي يبحث عن ثغرات قانونية في العملية الانتخابية تمد القاهرة بها حلفاءها في ليبيا، لاستخدامها كحجج وأسانيد قانونية تجعل تنظيم الانتخابات في ذلك الموعد غير ممكنة.

وأضافت المصادر أن القانونيين المصريين يساعدون أيضاً حلفاء القاهرة في إعداد الطعون ضد بعض المرشحين، وفتح باب التقاضي، من أجل إطالة المدة وعدم الحسم، لتفويت موعد 24 ديسمبر.

وعلى الصعيد الدولي، كشفت المصادر أن القاهرة تقوم أيضاً بالتواصل مع الأطراف الخارجية الفاعلة في ليبيا، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية، لمحاولة إقناعها بأن إجراء الانتخابات في ليبيا في ظل حالة الاستقطاب الحادة والظروف الأمنية غير المستقرة، قد تفجر حروباً قبلية وتعيد البلاد إلى المربع صفر. لكن وبحسب المصادر أيضاً، فإن الولايات المتحدة لم تتجاوب حتى الآن مع المسعى المصري، مصرة على إجراء الانتخابات في موعدها في إطار سعيها الحثيث لإخراج الروس من ليبيا، عبر تشكيل حكومة ليبية منتخبة أياً كانت مكوناتها، مع الأخذ في الاعتبار أن تركيا، حليف أميركا الأهم في ليبيا، يتمتع بموقف قوي هناك. كما أن الأوروبيين أيضاً يريدون الانتخابات من أجل مصالحهم هناك، والمتمثلة في مسألة إعادة الإعمار والحصول على البترول، وصفقة بيع شركة "الواحة للنفط" والتي أعلن 56 عضواً في مجلس النواب الليبي رفضهم لما قالوا إنه "تفريط من حكومة عبد الحميد الدبيبة، في حصة من شركة الواحة بنسبة 8.16 في المائة، عبر السماح لشركة توتال الفرنسية بالاستحواذ على حصة شركة هيس الأميركية"، بالإضافة إلى رفضهم في بيان "التوقيع على الصفقة من قبل رئيس الحكومة متجاوزاً وزارة النفط".

دولياً، رأت المصادر أيضاً أن حالة عدم الحماس لتنظيم الانتخابات في موعدها امتدت لتشمل الطرف التركي أيضاً في المعادلة، فعلى الرغم من أنه يريد الانتخابات إلا أنه لا يعتبر موعدها قضية مصيرية، ولن يعارض بشدة تأجيلها. ووفقاً للمصادر، فإن "التحالفات بشكلها القديم تتغير الآن على أرض الواقع"، مشيرة إلى الزيارة التي يقوم بها اليوم الأربعاء ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد إلى تركيا ولقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وفي 31 أغسطس/آب الماضي، بحث الرئيس التركي مع ولي عهد أبوظبي في اتصال هاتفي العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية.

وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاووش أوغلو، قد قال، في تصريحات متلفزة في سبتمبر/أيلول الماضي، إنّ "أجواء إيجابية تخيّم على العلاقات التركية الإماراتية في الآونة الأخيرة". وقالت المصادر إن الإمارات "لا تعتبر الانتخابات الليبية مسألة مصيرية الآن، لأن مرشحها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مهدد بالاستبعاد، وبالتالي فإن موقفها لا يختلف كثيراً عن موقف مصر في هذا الملف".

وما يؤكد كلام المصادر أيضاً هو موقف الإعلام الرسمي المصري من مسألة الانتخابات في ليبيا، وأكدت مصادر من داخل "المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية" المملوكة للمخابرات العامة والمشرفة على معظم القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع، أنه لا توجد تعليمات واضحة لتلك المؤسسات بشأن الانتخابات الليبية، إذ كان، على سبيل المثال، الموقف سلبياً في البداية من المرشح سيف الإسلام القذافي، وممنوع النشر عنه، ثم تغيرت التعليمات بعد ذلك، وصدرت توجيهات بـ"تلميعه". فيما خرج أحد أذرع النظام الإعلامية وهو المذيع أحمد موسى، الأحد الماضي على برنامجه المسائي، ليرجح "عدم إجراء الانتخابات الليبية في موعدها". وقال موسى: "من المتوقع عدم إجراء الانتخابات في موعدها بعد إعلان عبد الحميد الدبيبة ترشيح نفسه لرئاسة البلاد"، مضيفاً أن "المادة 12 من قانون الترشح للانتخابات تمنعه من الترشح، وأن المفوضية العليا ستطبّق ذلك لعدم استيفائه شروط الترشح (لم يستقل قبل تقديم أوراقه بثلاثة أشهر وهو أحد شروط الترشح)؛ وبالتالي سيلجأ للمحكمة العليا التي سترى بضرورة إرجاء الانتخابات حتى الفصل في الطعون؛ وبالتالي لن تتم الانتخابات في شهر ديسمبر المقبل".

حديث موسى، الذي يتلقى تعليماته مباشرة من الأجهزة الأمنية، عن ثغرات قانونية تمنع ترشح الدبيبة، يؤكد ما قالته المصادر بشأن سعي القاهرة عن طريق فريق قانوني استخباراتي لتأجيل الانتخابات عبر ألاعيب قانونية. وفسرت المصادر ذلك، بسبب عدم وجود حليف مضمون للقاهرة في الانتخابات الليبية، في ظل اقتراب عدد المرشحين للرئاسة من 100، مع الوضع في الاعتبار أن سيف الإسلام القذافي والذي اتفقت القاهرة أخيراً مع موسكو بشأنه، مهدد هو الآخر بالخروج من السباق بحكم قضائي. كما أن الرهان على وزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة فتحي باشاغا، الذي قدّم أوراق ترشحه الخميس، غير ممكن في ظل وجود الدبيبة.

وكانت مصادر دبلوماسية مصرية مطلعة على المشاورات الخاصة بالملف الليبي، قالت إن القاهرة "تلقت صدمة خلال مباحثات مؤتمر باريس الأخير لبحث الأزمة الليبية، بعد إخفاق الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تمرير رؤية متعلقة بإرجاء التصويت على منصب الرئيس القادم لليبيا، إلى حين تهيئة الأجواء، وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، مع الحفاظ على الموعد المحدد سلفاً للانتخابات بتنفيذ أحد الإجراءات المتعلقة بالعملية الانتخابية خلاله". وأكدت المصادر أن الموقف الأميركي الرافض للتصور المصري ساهم كثيراً في إفشال جهود القاهرة.

* العربي الجديد