انتخابات بلا آمال: ليبيا عالقة بالدوامة

انتخابات بلا آمال: ليبيا عالقة بالدوامة
الخميس ٠٩ ديسمبر ٢٠٢١ - ٠٧:٤١ بتوقيت غرينتش

يؤشر الاستقطاب السياسي الحالي إلى استمرار حصر إرادة الليبيين في القوالب القديمة نفسها.

العالم - افريقيا

لا يبدو أن الوضع الليبي ما بعد إجراء الانتخابات المقررة في الـ24 من الشهر الحالي، سيكون أفضل مما قبلها. إذ إن هذا الاستحقاق، الذي تتكاثر الشكوك في إمكانية انعقاده في موعده أصلا، يبدو محكوما بالكثير من عوامل التفجير الداخلية، وعناصر التأثير الإقليمية والدولية. ومن هنا، فإن ليبيا قد تكون مقبلة على مرحلة صعبة، عنواناها: استمرار الانقسام، وتعمق التدخلات الخارجية.

تتواصل الاستعدادات، على قدم وساق، لإجراء الانتخابات الليبية في الـ24 من كانون الأول الجاري، وسط شكوك في نزاهة العملية، وفي إمكانية أن تؤدي إلى فتح طريق التنمية والاستقرار، خصوصا مع تبني المرشحين البارزين للرئاسة (خليفة حفتر وعقيلة صالح وعبد الحميد الدبيبة وسيف الإسلام القذافي) خطابات عامة، تفتقر إلى أي علامات على خرائط طرق واضحة، وانكبابهم بدلا من ذلك على تأمين الدعم الإقليمي والدولي لهم، بالاعتماد على أوراق إغراء من مثل الاستثمارات في مرحلة ما بعد الحرب، والترتيبات الأمنية، أو حتى استدعاء خطاب «ماضوي» ربما تجاوزه الزمن. هكذا، يؤشر الاستقطاب السياسي الحالي المتصاعد في البلاد، إلى استمرار حصر إرادة الليبيين في القوالب القديمة نفسها، التي قادت تحركات أصحابها طوال السنوات الماضية إلى تفاقم الأزمة، وتغليب مصالح القوى الخارجية، وسد جميع آفاق التسوية السياسية (وبشكل محدد إفشال البناء على مخرجات الحوار الوطني منذ نيسان 2019، وما تلاها في ملتقى الحوار السياسي في تونس في تشرين الثاني 2020).

وما بين اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي علق قيادته للمهام العسكرية وأوكلها إلى الفريق عبد الرازق الناظوري لمدة 3 أشهر (مع ضمان عودته إلى موقعه في حال خسارته الانتخابات)، ورئيس البرلمان، عقيلة صالح، الذي لم يترأس جلسة لمجلس النواب منذ قرابة شهرين ونصف شهر، ورئيس الحكومة، عبد الحميد دبيبة، الذي تجاوز دوره الانتقالي، كما اتضح في تكليفه نائبه رمضان أبو جناح مباشرة مهامه، تغيب أي شخصية وطنية توافقية عن السباق، فيما لا يتوقع قبول الأطراف المختلفة بفوز أي من رؤوس هذا الاستقطاب، ما ينذر بتكرار العنف وتعليق الانتقال السياسي بالكامل. وإلى جانب تلك الإشكاليات، يضاف احتمال رهن البلاد، في حال فوز نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، بالوضع القانوني لسيف الإسلام أمام «المحكمة الجنائية الدولية».

حضور الخارج
يمثل العامل الإقليمي والدولي عنصرا محددا رئيسا في المشهد الانتخابي، فيما لا يبدو أن لدى تلك الأطراف رؤية إلى استحقاق 24 كانون الأول أبعد من كونه هدفا في ذاته، لا وسيلة لإنجاز انتقال سلس على المدى البعيد، يتيح بدء العمل على إعادة بناء الدولة. فعلى سبيل المثال، لم تتجاوز تصريحات وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، خلال افتتاح «منتدى حوار المتوسط» (الـ3 من الجاري)، حدود دعوة «جميع اللاعبين الليبيين إلى الالتزام بعملية حرة ونزيهة وشاملة»، فيما بدا، من خلال الاجتماع الذي ضم وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إلى نظيره الروسي، سيرغي لافروف، في ستوكهولم في اليوم نفسه، أن ثمة توافقا بين البلدين على المضي قدما في الانتخابات، ورهن موقفهما المستقبلي بمخرجاتها. وفوق هذا الغموض، يضاف التهديد الأمني الذي لا يزال ماثلا، إذ إن تراجع انتهاكات حظر السلاح على ليبيا في العام الحالي مقارنة بعام 2020، وفق ما لاحظ تقرير أممي مطلع الشهر الحالي، لم يحل دون «الوجود المستمر» للمقاتلين الأجانب، بينما أكد خبراء مكلفون بمراقبة الحظر (في تقرير سري سلم إلى مجلس الأمن) أن ذلك الإجراء «لا يزال غير فعال على نحو كامل»، وأن غالبية أرجاء ليبيا لا تزال خاضعة لسيطرة «جماعات مسلحة».

المصدر: الاخبار