معركة المئة وواحد واربعين يوما التي هزت اركان تل ابيب 

معركة المئة وواحد واربعين يوما التي هزت اركان تل ابيب 
الخميس ٠٦ يناير ٢٠٢٢ - ٠٧:٤٦ بتوقيت غرينتش

منذ اللحظة الأولى لم يكن التعامل مع الأسير الفلسطيني هشام ابو هواش كغيره من الأسرى المضربين عن الطعام، والمقصود من ناحية التفاوض ومحاولة إقناعه بفك الإضراب مقابل مغريات كعدم تمديد الإعتقال الإداري له أو تجميده لفترة محددة وما إلى ذلك، سياسة الاحتلال كانت قائمة على تجاهل أبو هواش وعدم التعاطي معه والتسويف والمماطلة والتعطيل والتبديل في مواعيد جلسات المحاكم التي تنظر في أمره.

العالم - قضية اليوم

البعض عزا الأمر أن السبب هو إنتماء الرجل لحركة الجهاد الاسلامي وبأن الإحتلال يحاول أن يفرض نهجا جديدا على الأسرى الذين يخوضون الإضراب الفردي عن الطعام. وبعض من ذلك كان حقيقي لكن أكثر من ذلك تعاملت إدارة السجون الإسرائيلية مع الموضوع في قضية أبو هواش تحت عنًوان (معركة حياة او موت) بمعنى أن أتركوه الى أن يعانق الموت أو قبل ذلك بقليل ليكون عبرة لمن خلفه وآيه، وكي ننهي هذا النوع من الاضرابات فيكون أبو هواش آخر المضربين. وللحقيقة تحول العبىء على الأسير أبو هواش بشكل كامل ولم يتخيل أحد منا ممن يراقبون الموقف بشكل لحظي أن الرجل سيصل الى يومه الثلاثين بعد المئة دون أن يكون هناك حل أو اقتراحات أو مفاوضات.

في اليوم الخامس والعشرين بعد المئة ومع تجاهل الإحتلال لموضوع أبو هواش بدا أن المعركة دخلت في مرحلة اللاعودة وبأن أحدا من الطرفين عليه أن يقدم التنازلات ويظهر بمظهر العاجز، لكن قرار الأسير أبوهواش كان إما الانتصار في هذه المعركة وإما الإرتقاء الى الشهادة، وللحقيقة هذا المشهد كان يخيم على المشفى وعلى ذويه وعلى كل من كان يتابع القضية.

الرجل حسم امره وفي المقابل ادارة سجون الاحتلال هي الأخرى حسمت أمرها بأن تكسر الأسرى وتحديدا الذين يفكرون بالاضراب الفردي من خلال ابو هواش، لكن عند ساعة الصفر ومع صمود ابو هواش واصراره على ان ينتزع حريته أو الشهادة تغيرت المعادلة ما جعل الإحتلال في الأيام الثلاث الأخيرة قبل اليوم الحادي والاربعين بعد المئة ان يكسر قراره ويتراجع هو تصريحات فصائل المقاومة بأن اي مكروه سيصيب أبو هواش سيفتح النيران على الاحتلال وستكون تل ابيب في مرمى القذائف الصاروخية.

عند هذه النقطة توقف الزمن بالنسبة للاحتلال الذي بدأ بتدوير خطته في رأسه وتقليبها ذات اليمين وذات الشمال ، عند ذلك ومع اقتراب الاسير أبو هواش من الموت المحقق كان لا بد من الخروج من المأزق عبر منح ورقة للسلطة الفلسطينية بدلا من ظهور المشهد النهائي وكأن الإحتلال خضع لتهديد المقاومة ، فالافضل أن يكون الإخراج وكأن السلطة تفاوضت مع تل ابيب ووصلت المفاوضات الى قرار بالافراج عن أبي هواش وهو ما حدث في النهاية.

لكن في الكواليس وفي داخل حكومة نفتالي بينت يعرفون أن اسيرا فلسطينيا اعزلا مكبل الأيدي والأرجل ومضرب عن الطعام دون مدعمات منذ ١٤١ يوما كسر هيبتهم وحرم عليهم الانتصار الذي كانوا يتمنونه ، أضف الى أن فصائل المقاومة وتحديدا الجهاد الإسلامي بتلويحها بالحل العسكري وضعت للاسير أبي هواش درعا حقيقيا ومنحته سيفا ان لم يضرب به يرد عنه الضربات ، ورغم بهلونيات بن غفير عضو الكنيست المتطرف الا انها بالنسبة لي تدلل دوما على شيء ومحاولة الرجل اقتحام غرفة ابو هواش يثبت ان شعورا اسرائيليا بالانكسار امام الرجل كان حاضرا بقوة وبأن ما يخطط له الاحتلال ليس قدرا على الفلسطينيين .

فارس الصرفندي