ونقلا عن صحيفة "الوسط" البحرينية اليوم السبت، تساءل الغريفي، في حديثه الأسبوعي مساء أمس الأول (الخميس)،: «كيف نريد لأي مكون أن يكون شريكا فاعلا في الحوار، وخطابات القذف والتشهير والانتقام تحاصره بلا رحمة، فبأي روحية يدخل هذا المتهم إلى الحوار، وبأي روحيةٍ يتعاطى هذا الشارع المطعون في انتمائه، والمشهر برموزه وقياداته مع أجواء الحوار»، معتبراً أن: «السلطة تتحمل مسؤولية إيقاف هذه اللغة المدمرة للحوار، والمؤججة للفتن والعداوات الضارة بأمن هذا الوطن واستقراره».
وتحدث الغريفي عن هواجس عدة، حول حوار التوافق الوطني، وطرح تساؤلات عدة بقوله: «هل انتهت كل المظاهر الأمنية لكي تتوافر مناخاتٍ صالحةٍ للحوار؟، وهل عولجت ما صاحبت الأزمة الراهنة من تداعيات؟، وماذا عن قضايا المفصولين، وقضايا المسجونين، وقضايا المحكومين؟».
وقال: «هذه أسئلة تشكل هواجس كبيرة لدى الشارع، ولها علاقة بخلق الأجواء المطمئنة للدفع في التعاطي مع حركة الحوار، وفي إزاحة كل المعوقات في طريق السائرين نحو طاولة الحوار».
ونوه الغريفي: «هذه الإثارات لا تهدف إلى تعقيد مسار الحوار، بقدر ما هي محاولة للبحث عن أرضية صالحة للحوار، ومناخات ملائمة، ومكوناتٍ قادرةٍ على خلق التفافٍ حول الحوار».
ورأى الغريفي أنه «مهما نجح الحوار في وضع علاجات للمفاصل الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، فسوف تبقى هذه العلاجات عاجزة حينما يفشل الملتقى في وضع حلولٍ جذريةٍ، وحقيقيةٍ للمشكل السياسي، وحينما ينجح الحوار في مقاربة الحل الحقيقي والواقعي للمأزق السياسي، فسوف يوفر ذلك ظرفا صالحا للتعاطي مع باقي الملفات والمفاصل مهما كانت معقدة وصعبة، إلا أن هذا المنحى لا يبدو واضحا في مسار الحوار، بل إن القضايا الجوهرية في الشأن السياسي مغيبة عن طاولة الحوار».
وذكر الغريفي أن «أحد المخاوف الكبيرة التي تتحرك في الشارع، أن الآلية التي وضعت للحوار ليست مؤهلة لإنتاج حلولٍ حقيقية، فهذه الكثافة من المشاركات لا توفر الفرصة إلى وقفاتٍ جدِية مع القضايا المطروحة، ولا توفر الفرصة لإنتاج حلولٍ ناجعةٍ في ظل أجواءٍ حواريةٍ ممزوجةٍ بالتجاذبات، وربما بالضجيج والصخب، الأمر الذي سوف يضيع المعالجات الواقعية، وخاصة حينما تحكم الحوار مزاجات متناقضة، وأهداف موجهة ويبدو للشارع أن الملتقى يؤكد على المظهر أكثر مِن المحتوى، وعلى الشكل أكثر من المضمون، وعلى العنوان أكثر من الموضوع».
وفي حديثه عن هاجس اختيار المتحاورين، أفاد الغريفي: «صحيح ليس من حق أي شخص أو جهة ادعاء تمثيل الشارع، إلا بمقدار ما يملك من رصيدٍ لدى هذا الشارع أو لدى بعض مكوناته، ومن الواضح أن أحجام الحضور في هذا الملتقى أحجام متفاوتة بنسبٍ كبيرة، فربما لا يمثل البعض إلا نفسه، وآخرون يمتلكون مساحاتٍ محدودة في الشارع، وهناك من يملك حضورًا كبيرًا بشكلٍ واضح»، سائلاً: «هل التمثيل في الحوار أخذ في حسبانه هذا الأمر، أم أن المهم أن تمثل الأطياف والمكونات وليس بالضرورة أن يكون متناسبا مع أحجامها في الشارع، فليس غريبا وِفْق هذه الرؤية أن يعطى لجهةٍ ما تملك رصيدًا انتخابيا يتجاوز الستين في المئة نفس ما يعطى لجهة أخرى لا تملك أكثر من واحد في المئة، بل ربما لا تملك شيئا من رصيد الشارع».
وعن الموضوعات المطروحة على طاولة حوار التوافق الوطني، تساءل الغريفي: «هل أن زج موضوعات تتعلق بالمعتقد والشعائر الدينية والخصوصيات المذهبية كموضوع مواكب العزاء والحسينيات وأحكام الأسرة يخدم هذا الحوار؟».
وأوضح أن «الشارع لا يقلقه شيء أكثر من محاولات التعرض لمعتقداته، وشعائره الدينية، وخصوصياته المذهبية، فما المبرر أن توضع على قائمة الموضوعات الحوارية قضية المواكب والمجالس العزائية، التي يمارسها الشيعة منذ قرونٍ في هذا البلد»، معتبراً أن «هذه خطوط حمراء، وإن أي مس لها سوف ينعكس نتائج خطيرة على أوضاع هذا البلد، وإذا كانت هناك محاولات تنظيمية لهذه الأمور، فأمر يترك للتداول والتشاور بين علماء المذهب والجهات المعنية، بلا حاجةٍ إلى إقحام هذه المسائل في سجالات الحوارات، وخاصة أن هناك تصريحات تبعث على القلق صادرة من بعض الجهات والشخصيات يظهر منها رغبة في محاصرة بل مصادرة هذه الشعائر».