عقوبات اوروبا على روسيا.. كالمستجير من الرمضاء بالنار!

عقوبات اوروبا على روسيا.. كالمستجير من الرمضاء بالنار!
الثلاثاء ٢٢ فبراير ٢٠٢٢ - ٠٤:٤٤ بتوقيت غرينتش

يقال ان ازمة اوكرانيا ممهدة لان تكون حزمة ازمات بموجات مرتفعة طويلة المدى ومدمرة قد تغرق القارة الاوروبية "النووية" في بحر من العوز وجدب الطاقة والى ما لايحمد عقباه اثر التطورات الاخيرة التي ركبت شرقها باعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك واعتراف روسيا بهما كجمهوريتين مستقلتين داعية دول العالم "لاتباع خطوتها".

العالم - يقال ان

روسيا أعلنت وحسب ما جاء على لسان نائب وزير الخارجية أندريه رودنكو، انها لا تخطط لإرسال قوات إلى شرق أوكرانيا "حاليا" لكنها ستقوم بالخطوة إذا تعرّضت إلى "تهديد"، وذلك بعدما صادق البرلمان في موسكو في تصويت الثلاثاء على الاتفاقيات التي وقعها الرئيس فلاديمير بوتين مع قادة الجمهوريتين المستقلتين في شرق أوكرانيا، فيما بدت تطورات الاحداث بعد ذلك متسارعة جدا من خلال ردود الافعال الاوروبية والاميركية المهددة بحزمة عقوبات لكنها حذرة.

المبررات الروسية

ترى موسكو، ان اعترافها بالجمهوريتين المستقلتين في شرق اوكرانيا أطاح بما يسمى بـ"عملية السلام" الهشة لضبط النزاع في شرق أوكرانيا، تطبيقا لاتفاقيات "مينسك"، الذي قالت عنه موسكو في بيان "إن كييف لم تكن تنوي أبدا احترام تلك الاتفاقيات".

كما ان الاعلان الروسي رافقه أمر للرئيس الروسي إلى قادة جيشه بنشر قوات "حفظ سلام" في الجمهوريتين المتستقلتين رغم تهديدات الغرب بفرض عقوبات، غير ان موسكو قالت انها خطوة ليست سهلة لكنها الخطوة الوحيدة الممكنة، فيما اعتبرت وزارة الخارجية الروسية أن قرار بوتين "أملته في الأساس اعتبارات إنسانية" و"يهدف لأن يكون بمثابة ضمان لحياة سلمية" في منطقتي دونيتسك ولوغانسك المستقلتين.

الدوما الروسي كان موقفه دفاعيا من خلال اعلان رئيسه فياتشيسلاف فولودين في بيان نشر على الموقع الالكتروني للبرلمان أن "الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين وإبرام اتفاقيات الصداقة والتعاون يفترض أن يضعا حدا للنزاع ولمقتل مواطنينا المقيمين هناك".

اتهامات غربية محتارة ومترددة

من جملة الاتهامات الغربية التي وجهت للرئيس الروسي، بانه يسعى لاستعادة الإمبراطورية الروسية، في حين أكد بوتين غداة اعترافه بالمنطقتين المستقلتين وتوجيهه الأمر بإرسال قوات "جفظ سلام" روسية إليهما، أنه لا يسعى لاستعادة تلك الإمبراطورية المزعومة، وقال خلال اجتماع مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف في الكرملين "توقعنا أن تكون هناك تكهنات بأن روسيا تعتزم إعادة بناء إمبراطورية" مضيفا أن "هذا لا يتوافق إطلاقا مع الواقع".

روسيل ملزمة الدفاع العسكري عن الجمهوريتين المستقلتين

الاتفاقيات التي نشر الدوما نصها، تضع "أساسا قانونيا" لتواجد الجيش الروسي في "جمهوريتي" لوغانسك ودونيتسك، والدفاع عنهما بشكل مشترك، وصوت مجلس النواب بالاجماع على المصادقة على الاتفاقيات، وانتهى التصويت بتصفيق النواب وقوفا، كما صادقت الغرفة العليا في البرلمان، أي المجلس الاتحادي، على الاتفاقيات بموافقة جميع الأعضاء، وقالت رئيسة المجلس الاتحادي فالنتينا ماتفيينكو بعد التصويت "إنه قرار طال انتظاره".

رودنكو أكد أن المعاهدات تشمل بند تقديم "مساعدات عسكرية" لكنه أشار إلى ضرورة تجنّب "التكهّنات" بشأن نشر قوات "حاليا، لا أحد يخطط لإرسال أي شيء إلى أي مكان. إذا كان هناك تهديد، فحينها سنقدم مساعدات بما يتوافق مع المعاهدات التي تمّت المصادقة عليها".

ردود الافعال وانعكاساتها على الغاز المورد لاوروبا

الموجة الروسية العاتية ولدت ردود افعال بينها اعلان المستشار الألماني أولاف شولتس أنه واثق من أن الاتحاد الأوروبي سيوافق على فرض حزمة "عقوبات شديدة" على روسيا، اعقب ذلك،اعلان حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اجتماع "استثنائي" اليوم الثلاثاء مع المندوب الأوكراني، جاء في بيان الحلف أن أمينه العام ينس ستولتنبرغ سيعقد مؤتمرا صحافيا عند الساعة 16,00 ت غ بعد عقد محادثات مع أوكرانيا، غير المنضوية في الحلف.

ابرز العقوبات الفعلية كانت سيلا بريطانيا من عقوبات اولية باعلان رئيس وزراء بريطانا بوريس جونسون فرض عقوبات على 5 مصارف روسية (روسيا بنك و"آي إس بنك" والبنك العام وبرومسفياز بنك وبنك البحر الأسود) اضافة الى فرض عقوبات على 3 "أفراد أثرياء"، واستخدام بلده صلاحيات جديدة أقرها المجلس لفرض عقوبات معدّة مسبقا على "أفراد روس وكيانات تحمل أهمية استراتيجية بالنسبة للكرملين"، وسيتم تجميد أي أصول يملكها رجال الأعمال الروس "غينادي تيموشينكو" و"بوريس روتنبرغ" و"إيغور روتنبرغ"، كما سيتم حرمانهم من دخول الأراضي البريطانية التي ستحتفظ بعقوبات إضافية جاهزة للاستخدام، إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

اوروبا تضرب راسها بحجر

حذر جونسون من مصير مجهول في الايام القادمة بقوله "لا يمكننا معرفة ما سيحدث في الأيام المقبلة.. لكن.. علينا الاستعداد لأزمة طويلة الأمد"، فيما حذر وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي رزنيكوف في خطاب موجه إلى جنود اليوم الثلاثاء من "محنة" و"خسائر" مقبلة.

الازمة طويلة الامد بدأت فعلا حيث باشرت دول غربية فرض عقوبات على روسيا ومنها برلين التي اعلنت تعليق المصادقة على تشغيل خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" مع روسيا، اثر طلب تقدم به الرئيس الأوكراني بوقف فوري لمشروع نورد ستريم 2، في مسعى للاضرار بروسيا، غير ان الامر سينعكس سلبا على توريد الغاز للقارة الاوروبية والذي تعتمد عليه هذه القارة الباردة بصورة رئيسة لتشغيل قدراتها الصناعية وتوليد الطاقة.

الظاهر ان المصير المجهول القى بثقله فعلا على امدادات الغاز التي ستقصم ظهر البعير الاوروبي وهو يفتقر اساسا الى انتاج ذاتي للغاز الطبيعي ويعتمد بصورة مباشرة على الامدادات الروسية ثم امدادات الشرق الأوسط وان (روسيا مسؤولة عن توريد ما بين 30 و40% تقريبا من الإمدادات الفعلية للغاز الى أوروبا) فيما (الغاز المورد من قطر يرتبط بعقود طويلة الاجل ولا يمكن تحويله لأوروبا بسرعة البرق وان ما يصل اوروبا من غاز قطر يتراوح بين 10 و15% فقط من احتياجاتها ومع ذلك فان حجم الغاز القطري غير قابل للزيادة والتحويل المباشر بسبب محدودية مرافئ الغاز الطبيعي المسال في أوروبا).

ضبط النفس

المنطق والعقل يشيران الى ضرورة سعي كافة الاطراف لضبط النفس وعدم الانزلاق الى منعطف الحرب التي يسعى الغرب من خلالها استنزاف القدرات الروسية فيما ستكون النتيجة المؤكدة الاضرار بكافة الاطراف المتصارعة.

السيد ابو ايمان