فك رموز العقد التي أطالت أمد محادثات فيينا

فك رموز العقد التي أطالت أمد محادثات فيينا
الثلاثاء ٠١ مارس ٢٠٢٢ - ٠٥:٣٧ بتوقيت غرينتش

وصلت المحادثات الجارية بين إيران ومجموعة 4+1 في فيينا إلى نقطة حساسة وحاسمة، يمكن رؤية حساسيتها بوضوح في تغيير أدبيات الإعلام لدى الدول المتفاوضة، وأيضا زيادة حجم العمليات الإعلامية بشكل كبير لدى كلا الجانبين، ولا سيما لدى الغرب.

العالم - إيران

في الأيام الأخيرة، وبعد عودة علي باقري كني، كبير المفاوضين الإيرانيين إلى فيينا، سعى الساسة الغربيون إلى تضخيم الموعد النهائي المعلن من قبلهم، وكذلك التركيز على انتهاء عملية التفاوض، مع إظهار لامبالاة تجاه مطالب إيران في أربع قضايا مهمة والتي تعتبرها طهران خطوطا حمراء.

تماشيا مع ممارساتها الحالية ركزت وسائل الإعلام الغربية في الأشهر الأخيرة وبشكل ممنهج على أصل غيرواقعي مفاده أن الوفد الإيراني يسعى إلى المماطلة وتضييع الوقت، وأنه وبعد عودة كبير المفاوضين الإيرانيين إلى فيينا قد تجاهل لبعض الاتفاقات التي تم التوصل إليها حتى الآن، وأنه بذلك عاد خطوة إلى الوراء.

حاولت وسائل الإعلام هذه التلميح إلى أن علي باقري وبعد عودته إلى فيينا، اتخذ مواقفا أكثر تشددا وصرامة، وذلك إثر المشاورات التي عاد بها من طهران، وبذلك عرقل عملية التوصل إلى اتفاق.

وفي هذا الصدد؛ عمد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، إلى الهروب للأمام، من خلال إحجامه عن التطرق إلى عجز إدارة جو بايدن وعدم استعدادها لاتخاذ قرار سياسي بشأن محادثات فيينا، الأمر الذي بات أكبر عقبة أمام التوصل إلى اتفاق في فيينا، محاولا اتهام إيران مرة أخرى بعدم المرونة، وذلك بهدف إكمال الصورة الموضوعة من قبل بـ"إلقاء اللوم على إيران".

بعبارة أخرى يمكن تلخيص دور الإعلام الغربي في محادثات فيينا على النحو التالي: إن كان هناك اتفاق، فإن سبب ذلك هو رضوخ إيران للضغوط وتراجعها، وإن لم يحدث اتفاق، فإن عناد وجشع إيران هما سبب فشل المفاوضات.

في الواقع، فإن أولوية الغرب هي دفع اللعبة نحو "التظاهر بالفوز في المفاوضات، وليس للوصول إلى اتفاق مستقر ومتوازن" وبالتالي محاولة التعويض عن فقدان الإرادة على طاولة المفاوضات، من خلال استخدام أدوات غيرمحادثاتية في وسائل الإعلام.

من ناحية أخرى؛ غني عن الذكر أن جمهورية إيران الإسلامية، كما أعلنت منذ بداية عملية التفاوض، أنها ليست مستعدة للتراجع عن مصالحها الوطنية والتنازل عن خطوطها الحمراء.

"عدم عرض ضمانات موثوقة"، و"الاحتفاظ بقائمة حمراء متعددة الجوانب"، و"استمرار الضغوط التقييدية على القدرة النووية الإيرانية خارج أطر الاتفاق النووي" و"فتح الملفات السياسية" من بين القضايا التي يسعى المسؤولون الغربيون إلى توطيدها في عملية المفاوضات.. وذلك بغية الحفاظ على مجمل العقوبات.

استمرار العقوبات ضد بعض المؤسسات، والتي يشكل تقييدها، تحت مسميات أخرى، بشكل مباشر وغير مباشر، مشاكل خطيرة للبلاد من حيث الاستفادة من المصالح الاقتصادية للاتفاق النووي، هو موضوع آخر ترفض الولايات المتحدة التراجع عنه، وتؤكد إيران من جانبها على ضروة إلغاءه.

يجب البحث عن سبب عدم تعاون الولايات المتحدة في حل القضايا الأربع المتبقية التي تم شرحها، في الاستراتيجية الأساسية للغرب والأهداف التي تقف وراءها.

تسعى الولايات المتحدة و كما في الماضي إلى استغلال المحادثات النووية في الحد من برنامج إيران النووي السلمي، وفي الوقت نفسه ومن خلال فرض آلية معقدة مع الحفاظ على مجمل العقوبات، بأن توفر الظروف والأرضية لممارسة الضغوط المرتبطة بالاتفاق النووي على هذا البرنامج.

في مثل هذه الظروف، وبعد حوالي ست سنوات من التكاليف الباهظة التي تكبدتها إيران بسبب الثقة بالولايات المتحدة، فلا داعي لدخول إيران في اتفاقية دون تلبية مطالبها المنطقية والقانونية، والتي تترك عودة المنافع الاقتصادية وحفاظ البلاد على قدراتها النووية في هالة من الضبابية والإبهام.

وحيث تستخدم إيران استراتيجية "المقاومة النشطة" للتغلب على المزالق الصعبة المتمثلة في تقاعس الولايات المتحدة عن تعهداتها والتقاعس الأوروبي، فلا توجد أي ضرورة للعدول عن الخطوط الحمراء التي تضمن لإيران حصول صفقة جيدة.

حتى الآن، وبسبب المبادرات العديدة التي اتخذتها جمهورية إيران الإسلامية، اتفق الطرفان مبدئيا على العديد من القضايا المهمة للغاية، ولهذا السبب يمكن اعتبار المفاوضات بأنها قد حققت إنجازات رائعة.

يؤكد المفاوضون الإيرانيون على ضرورة تلبية المطالب الأربعة كشرط حتمي لحصول صفقة جيدة، لأن عدم ذلك سيحرم الاتفاق من سماته الأساسية المتمثلة في الموثوقية والاستقرار والتوازن، ويجعل قبوله غير مبرر.

* نورنيوز