زيلينسكي.. الرجل الذي كان يثق كثيرا بأمريكا

زيلينسكي.. الرجل الذي كان يثق كثيرا بأمريكا
السبت ١٢ مارس ٢٠٢٢ - ٠٤:١٦ بتوقيت غرينتش

"أنا على استعداد للاعتراف بأننا ارتكبنا عددا من الأخطاء وأننا حرمنا روسيا الفرصة للتقرب من الغرب.. هناك أشياء اقترحناها ومن ثم لم نتمكن من تنفيذها، مثل الوعد بأن تصبح أوكرانيا وجورجيا جزءا من الناتو.. أعتقد أنه من الخطأ تقديم وعود لا يمكنك الوفاء بها"، هذا الكلام هو لمفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قاله ولكن بعد فوات الاوان، فالدبابات الروسية على بعد 5 كيلومترات من العاصمة الاوكرانية كييف.

العالمقضية اليوم

رغم ان كلام بوريل لم يكن آخر صفعة توجهها اوروبا الى وجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فقد إنهالت على وجه الرجل صفعات متتالية دون توقف، من الغرب الذي اغرى زيلينسكي بتحدي واستفزاز روسيا منذ عام 2014 وحتى اليوم، فيوم أمس قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، امام قمة قادة دول الاتحاد الأوروبي في مدينة فرساي الفرنسية:" إن رد الاتحاد الأوروبي على محاولة أوكرانيا تسريع عملية انضمامها إلى التكتل هو لا .. يمكنني تفهم رد الفعل العاطفي والتوقعات هناك".

اما رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، فقد شكك في انضمام اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي حتى في المستقبل البعيد، حيث قال "أود التركيز على ما يمكننا فعله لفولوديمير زيلينكسي.. وانضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي مسألة للمدى البعيد، إن حدث ذلك أصلا".

خذلان اوروبا لاوكرانيا ورفض انضمامها للاتحاد الاوروبي، تزامن مع خذلان اكبر، عندما رفض امين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، طلبا لزيلينسكي بفرض حظر للطيران فوق اوكرانيا، مبررا هذا الرفض بقوله: "لدينا مسؤولية الحؤول دون تصاعد هذا النزاع إلى ما وراء الحدود الأوكرانية ليصبح حربا مفتوحة بين روسيا والناتو" تتسبب "بالمزيد من المعاناة والمزيد من الوفيات والدمار".

يرى اغلب المراقين ان الحرب ما كانت لتقع بين روسيا واوكرانيا، لولا تشجيع واشنطن لكييف التوقيع على "ميثاق الشراكة الاستراتيجية" فى 10 تشرين الثاني / نوفمبر الماضى، والذى أكد دعم أمريكا لأوكرانيا للانضمام الى حلف الناتو، وهو ما شجع زيلينسكي للاعلان جهارا نهارا عن رغبته في الاسراع بالانضمام الى هذا الحلف الذي ترى فيه روسيا اكبر تهديد لامنها القومي.

اللافت ان امريكا كانت تعلم ان روسيا ستتحرك عسكريا في حال واصلت تشجيع زيلينسكي للانضمام الى حلف الناتو، وهذا ما كشفت عنه وثائق ويكيليكس المسربة، حيث تشير احدى هذه الوثائق الى ان بيل بيرنز، السفير الأمريكى السابق لدى موسكو، والذي يترأس الان وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، كتب فى الأول من شباط/ فبراير عام 2008 برقية شديدة السرية وجهها إلى وزيرة الخارجية آنذاك كونداليزا رايس، أكد فيها أن بوتين سينظر إلى أى تحرك نحو عضوية أوكرانيا وجورجيا فى حلف الناتو على أنه تحد خطير ومدروس، وسترد روسيا سريعا". وحذر بيرنز قائلا: "سيخلق ذلك تربة خصبة للتدخل الروسي في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا. وستكون احتمالات نشوب نزاع روسي جورجي لاحق كبيرة جدا".

ردة فعل روسيا القوية فاجأت الغرب، الذي لم يجد ما يرد به على روسيا، الا سلاح الحظر، وهو سلاح ذو حدين، فرغم قسوة الحظر الغربي على روسيا، الا نه أخذ يرتد على الغرب نفسه، بسبب اعتماده على الطاقة الروسية، حيث ارتفعت اسعار النفط والغاز والبنزين ارتفاعا كبيرا، وباتت تهدد المجتمعات الاوروبية والغربية، التي اخذت تشهد تظاهرات احتجاجية على ارتفاع اسعار الوقود.

الرئيس الأوكراني زيلينسكي، الذي تركه الغرب وحيدا في مواجهة روسيا، قال يوم امس الجمعة مخاطبا زعماء الاتحاد الاوروبي، انه سأل 27 زعيما أوروبيا عن عضوية بلاده في حلف شمال الأطلسي، لكن لم يجيبه أحد!!.

زيلينسكي أدرك، ولكن بعد فوت الاوان، حجم الكارثة التي نزلت ببلاده، بسبب ثقته العمياء بامريكا، فحتى لو تخلى نهائيا عن إصراره على انضمام بلاده إلى حلف شمال الأطلسي، وتوقفت الحرب، فإن اوكرانيا لن تعود كما كانت قبل الحرب.

سعيد محمد - العالم