رسائل أمريكية في سوريا، للضغط على دمشق وموسكو

رسائل أمريكية في سوريا، للضغط على دمشق وموسكو
الإثنين ١٤ مارس ٢٠٢٢ - ٠٨:٣٤ بتوقيت غرينتش

بعد مرور أسابيع على الحدث الروسي الأوكراني ولهيبه العسكري، الذي يكاد لا يقل خطورة عن لهيبه السياسي والاقتصادي، تؤكد المعركة الحاصلة بأن أبعادها هذه تضع العالم كله على فوهة بركان، فالحدث في اوكرانيا الذي يلف العالم، يرتبط بملفات أخرى كانت قبل أيام في موقع الصدارة، ومنها تطورات منطقتنا، حيث يظهر الأمريكي مستغلا الازمة في أوكرانيا، ويتجّه لرفع المناورة مع الروسي والدولة السورية، في مناطق سيطرة قسد والجنوب السوري، ويعمل على تفعيل غرف التخطيط الظلامية.

العالم - كشكول

المؤشرات جميعها تؤكد ان إحدى ساحات الرد الأمريكي على روسيا، ستكون في مناطق عدة حول العالم، ومنها مناطق شمال شرق سوريا، وفي حال اتخذت الإدارة الامريكية خيار عدم الفصل في الملفات، وهو الأكثر ترجيحًا وفق المؤشرات الميدانية والسياسية حتى اللحظة، تؤكد ان الولايات المتحدة الامريكية تتخذ من تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية عوامل ضاغطة على روسيا من البوابة السورية، على خطين متوازيين العسكري والسياسي، وبينهما الخط الامني، بالاستفادة من تعدد اللاعبين والساحات.

الجميع يدرك ان المصلحة الامريكية والروسية في هذا الوقت الصعب، هي التمسك بالتوافقات القائمة بينهما ونظرية عدم التصادم في مناطق شمال شرق سورية، الا ان تلك المنطقة شهدت حركة أمريكية مستجدة، يرجح انها مؤشر لرسائل أمريكية في سوريا، في محاولة للضغط على دمشق وموسكو، بالرغم من كل نسبة المخاطر فيها، ويندرج تحت تلك الرسائل، بعض ممارسات قسد، ومنها الهجوم على موقع الجيش السوري في منطقة ريف تل تمر في ريف الحسكة، بالإضافة الى الانتهاك التركي المتزايد لوقف اطلاق النار مع الروسي المبرم عام 2019، وكثفت القوات الامريكية عدد قوافل التعزيزات العسكرية، لدعم قواعدها في مناطق قسد، وصولا إلى منطقة التنف عند الحدود السورية الأردنية العراقية، في الوقت الذي ردت فيه القوات الروسية على التحرك والنشاط العسكري الأميركي، بتعزيز عتادها العسكري، وخصوصاً سلاحي الدبابات والمدفعية في دير الزور، وكثفت مهام طائرات الاستطلاع، بعد أن زادت عدد طائراتها المقاتلة في مطاري القامشلي في الحسكة والطبقة في الرقة أخيراً، اضف الى ذلك ما تشهده مناطق خفض التصعيد في ادلب وريف حماة واللاذقية وحلب، من قصف واستفزاز من قبل جبهة النصرة، لمواقع الجيش السوري بمباركة تركية.

كما ان إشعاعات الأزمة الروسية الأوكرانية بلغت حدود جنوب سوريا، فكانت المؤشرات الواردة متعددة، إثر التوتر في درعا نتيجة حوادث الاغتيالات التي ارتفعت في الأيام الاخيرة. بالإضافة الى بعض المعلومات حول لقاء جرى في الأردن جمع بين الجماعات المسلحة في درعا، يأتي ذلك مع ازدياد النشاط العسكري والاستخباراتي الأردني على الحدود الأردنية السورية. حيث زود حرس الحدود الاردني بكتائب مشاة إضافية وآليات خفيفة ووحدات استطلاع وكاميرات مراقبة، اما في الشق الأمني والاستخباراتي سلم الجيش الاردني من قبل الأمريكيين أجهزة للاستطلاع والحرب الإلكترونية وزعت على طول الحدود السورية. تزامن ذلك كله مع حراك امريكي من قاعدة التنف، أسفر عن قبول وجهاء مخيم الركبان للاجئين في بداية الشهر الجاري بالعرض الأمريكي، لإعادة العلاقات معهم وصولا إلى عقد مصالحة بينهم وبين الجانب الأردني.

اما سياسيا، لم تكن منطقتنا بعيدة عن شظايا الحرب الروسية الأوكرانية، حيث كانت رسائل الضغط واضحة المعالم، عبر المبعوث الأممي بيدرسون، الذي أعلن عن قلقه من تأثير الحرب على عرقلة الحل السياسي في سوريا، كما بادرت واشنطن إلى دعوة حلفائها من مبعوثي الدول الأوروبية والعربية والاتحاد الأوروبي في الملف السوري، إلى اجتماع تنسيقي في الثالث من آذار للتداول بشأن تداعيات الحرب على الساحة السورية، وخرجوا ببيان أكدوا فيه الالتزام بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية والترحيب بإحاطة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية غير بيدرسون حول مبادرة "خطوة مقابل خطوة". وحاول المعارضون السوريون البحث مجدّداً عن طريقة لخرق المشهد السياسي، وتقديم الشمال السوري ساحة لمواجهات تستنزف موسكو.

كل ذلك يؤسس ان الدولة السورية مازالت في خطر، والجميع امام استحقاق بغاية الاهمية، وهو الحفاظ على انتصارات الدولة السورية وجيشها، بعد ان باتت المعطيات تشير ان المخطط الأكثر خطورة هو إعادة المشهد في سوريا الى نقاط التوتر والاشتباك.

حسام زيدان

كلمات دليلية :