من أوكرانيا إلى فلسطين .. طريق ضلت فيه أخلاق الأمم 

من أوكرانيا إلى فلسطين .. طريق ضلت فيه أخلاق الأمم 
الأحد ٢٠ مارس ٢٠٢٢ - ٠٣:٤٥ بتوقيت غرينتش

هل لأن بشرتنا سمراء أم لأننا نتحدث بالعربية أم لأننا نرتدي الحجاب؟؟ بهذه التساؤلات افتتحت الأسيرة المحررة عائشة الكرد حديثها وهي تحمل بين يديها صورة الطفلة ملاك الغليظ الأسيرة لدى الاحتلال وهي لم تتجاوز ١٤ عاما .. لقد طرحت تساؤلاتها وهي غاضبة من ازدواجية مفهوم الانسانية لدى المجتمع الدولي في تعامله مع الأزمة الأوكرانية بالمقارنة مع تعامله مع أزمة فلسطين ، وتساؤلات هذه السيدة التي التقيتها تعبر عن لسان حال كل بيت فلسطيني يتابع تفاعل العالم مع الازمة في أوكرانيا.

العالم - قضية اليوم

فقد أثارت ردود فعل المجتمع الدولي السريعة والصارمة مع الأزمة الأوكرانية غضب الشعب الفلسطيني ليس كرهاً في الشعب الأوكراني؛ بل كرهاً وكفراً بالعدالة الدولية التي تتجزأ عندما يتعلق الأمر بفلسطين، فخلال أول خمسة أيام من الحرب على أوكرانيا تهافت العالم على فرض العقوبات الاقتصادية على روسيا وقياداتها أما فلسطين فلم تكفي خمسة وسبعين عاما من المعاناة حتى يُتخذ ضد قيادات الاحتلال الاسرائيلي أياً من العقوبات، لا بل إن ذات المعسكر الغربي الذين يحاول انقاذ أوكرانيا ويدعم حقها في الدفاع عن نفسها ويمدها بكل أشكال الدعم هو ذاته الذي دعم الكيان الاسرائيلي ولازال بالسلاح والمال والمواقف لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين ..
إن الأزمة الأوكرانية كشفت القناع عن الوجه الحقيقي للمجتمع الدولي الذي ينبذ العنصرية على الورق بينما هو يمارس الأبارتهايد على الشعب الفلسطيني منذ عقود .. غضبٌ كبير شعر الفلسطينيون به ومازالوا يشعرون، فمع كل يوم يمر على حرب أوكرانيا يكتشفون كم أن هذا العالم ظالم حيث فتح أبوابه للشعب الأوكراني وتهافت لاحتضانه مادياً ومعنوياً وحتى عسكرياً بينما يحاصر اثنين مليون مواطن في قطاع غزة منذ ١٥ عاما في مساحة ضيقة بدون مقومات للحياة .. بل إن جو بايدن رئيس الولايات المتحدة ذهب بعيداً حينما وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه مجرم حرب !! يبدو أنه نسي أو تناسى بأن هناك عائلات فلسطينية شُطبت من السجل المدني ولم يعد لها وجود بعد أن دفنها نتنياهو ومن سبقه تحت أنقاض منازلهم .. مئات المجازر والدمار والتشريد والهدم وسرقة الأراضي وتهويد المقدسات وإقامة المستوطنات وإعدامات ميدانية للشباب والفتيات والشيوخ والأطفال في الضفة المحتلة .. كل ذلك لا يراه بايدن رغم أن حكاية فلسطينية واحدة كفيلة بأن تجعل قادة الكيان الاسرائيلي مجرمي حرب !!! .. ولو نحيّنا بايدن جانباً على اعتبار أن الكونغرس والكينيست وجهان لكيان واحد، ماذا عن الأمم المتحدة ؟؟ .. ماذا عن المجتمع الدولي ؟؟ فخلال العدوان العسكري الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، لم ينجح مجلس الأمن بعد ثلاثة اجتماعات من إصدار قرار يطالب تل أبيب بوقف العدوان ، وخلال الاجتماع الوحيد للجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يصف أي متحدث قتل الجيش لأطفال غزة بالإرهاب أو أي كلمة إدانة أخرى ..
لكن خلال أيام اجتمع مجلس الأمن والجميعة العامة وصفق الجميع لأوكرانيا وانهالت العقوبات على روسيا بل ان المدعية العامة للامم المتحدة قررت فتح التحقيق في جرائم روسيا ضد أوكرانيا !! .. رغم أن فلسطين كانت ومازالت تعيش جرائم حرب اسرائيلية موثقة بالصوت والصورة ولا تحتاج حتى للشهود فقد كانت الإبادة الجماعية تمارس ضد الفلسطينيين على الهواء مباشرة ... حتى قصف المسجد في أوكرانيا تاجروا به وأرادوا أن يكسبوا المزيد من تعاطف العالم وتناسوا أن هناك ٤٠٠ مسجد في قطاع غزة دمرهم الجيش الاسرائيلي وقتل المصلين في المساجد وكل ذلك على مرأى ومسمع من العالم .. لكنه عالم لا يريد أن يرى أو يسمع إلا ما يريده بعيداً عن أي أخلاق أو قوانين ، ووسط تلك الظلامية جاء مقطع فيديو مصوَّر انتشر للنائب الإيرلندي ريتشارد بويد، ليذكر العالم بظلمه وليحرج ضمائرهم ، فقد انتقد النائب الايرلندي ازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة التي تتجاهل معاناة الفلسطينيين على مدار سبعين عاما وقال بويد إن "المجتمع الدولي يتعامل مع الفلسطينيين كعرق أدنى شأناً، ولاحظت أن قادة العالم استخدموا لغة قوية عندما وصفوا أفعال فلاديمير بوتين، ولكن هؤلاء القادة لم يستخدموا اللغة ذاتها وكانوا حذرين في وصف الجرائم بحق الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين وتم توثيقها من مجلس حقوق الإنسان"...
اذاً لا عدالة بعد اليوم ولا ثقة في المجتمع الدولي ، فالحق يُسحق اليوم ، والقوي يَستبد ، وزمن العبودية يعيد نفسه بثوب مختلف .. فالعرق واللون والدين لازال هو من يحكم تصرف أولئك المزيفون خلف مقاعد الأمم المتحدة ..

إسراء البحيصي