حوار بشروط.. هل يخرج سعيّد تونس من أزمتها ام يضاعفها؟

حوار بشروط.. هل يخرج سعيّد تونس من أزمتها ام يضاعفها؟
الأحد ٠٣ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٢:٠٢ بتوقيت غرينتش

بعد 3 أشهر على إطلاق الرئيس التونسي، قيس سعيد، الاستشارة الوطنية حول الإصلاحات السياسية في البلاد، أعلن سعيد ان نتائج الاستشارة جاءت، متطابقة مع مشروعه السياسي، وذلك رغم تواضع المشاركة في الاستشارة وعليه سارع مراقبون الى القول ان سعيد قد انطلق فعليا في مسار الحوار، لكنه سيكون انتقائيا.

العالم -يقال ان

الحوار، بحسب المراقبين، سيقتصر على المنظمات الوطنية، وفي مقدمتها "الاتحاد العام التونسي للشغل" و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" و"هيئة المحامين" و"منظمة رجال الأعمال". أما بالنسبة إلى الأحزاب السياسية، فسيكون حضورها ضعيفا، ومن هنا كان أول لقاء جمع سعيد بمدير المكتب التنفيذي لـ"اتحاد الشغل"، منذ 3 شهور، للتباحث في كيفية وضع نتائج الاستشارة في قالب حوار وطني يصيغ الإصلاحات السياسية.

رغم ان الاستشارة التي أطلقها سعيد لم تلق بمشاركة كبيرة من قبل التونسيين، إذ لم يتجاوز عدد المشاركين فيها نصف مليون شخص، ولكن سعيد بدا ماضيا بمشروعه، خصوصاً أن 86.4% من هؤلاء فضلوا عودة النظام الرئاسي، فيما أيد الباقون الإبقاء على النظام البرلماني، أو اعتماد نظام مختلط يمنح السلطتين التشريعية والتنفيذية صلاحيات متوازنة ومتكافئة. كذلك، آثر 70% من المشاركين تغيير النظام الانتخابي نحو نظام الاقتراع على الأشخاص بدل الاقتراع على القائمات المستقلة أو الحزبية، فيما أيد 92% سحب الوكالة من النواب المنتخبين. وعلى المستويَين الاقتصادي والاجتماعي، برز إجماع على وجوب الابتعاد عن الاستدانة من الخارج والتنمية الداخلية والتعويل على الموارد الذاتية، بالإضافة إلى تعهد الدولة بالشأن الديني بما يحفظ الحريات العامة والفردية.

وعلى الرغم من أن نسبة المشاركة الضئيلة في الاستشارة، لاتسمح بتعميم نتائجها على رغبة التونسيين إلأا انها تنبئ بأن القياس على نتائجها، إلّا أنها تقول بأن جزءاً من التونسيين، على الأقل، يعتقدون أن النظام السياسي الحالي لا يسمح بمساءلة أي طرف ولا محاسبته على تدهور الأوضاع، وبأنهم يرفضون الاستمرار في نظام القائمات، حيث ان هذا النظام يسمح للحزب بالترشح في دائرة نيابية بقائمة من عشرة أشخاص تُقسم المقاعد بين أعضائها وفق عدد الأصوات، وهو ما أدى إلى صعود شخصيات لا تملك أيّ مؤهّلات، بل فقط لأن الصدفة شاءت وجودها أسفل ترتيب قائمة رئيسها لديه جماهيرية وتمكن من جلب الأصوات.وعلى امتداد ثلاث دورات نيابية، كثيرا ما اكتشف المتابعون لأشغال البرلمان نوابا مجهولي الهوية بمحض الصدف، لقلة مشاركاتهم أو ضعف إسهاماتهم، حتى إن البعض أطلق عليهم لقب "الكتلة الصامتة".

وأما بالنسبة إلى مسألة سحب الوكالة، والتي ابتدعها سعيد، عانيا بها أن لا ينتظر الناخبون إلى حين الموعد الانتخابي الموالي ليحاسبوا النواب، وأن يتاح لهم، عبر عريضة ممضاة من أغلبيتهم، أن يسحبوا أصواتهم من نائب ما في منتصف المدة النيابية أو بدايتها أو نهايتها، فعلى رغم تأييد الغالبية لها، إلا أن هذه التقنية تفتقد للمنطق السليم والروح القانونية، فلا معنى لأن تكون للناخبين صلاحية سحب وكالتهم وفق مزاجهم المتقلّب، مع ما يستجلبه ذلك من عدم استقرار.

ومن هنا يرى مراقبون ان سعيد قد ينجح جزئيا في حل الوضع السياسي المتأزم في البلاد، لكنه حل مؤقت ولابد له من ان يدخل في حوار مفتوح مع القوى السياسية أجمع للتوافق على صيغة، جامعة، للخروج بالبلاد من أزماتها الواحدة تلو الاخرى السياسية والاقتصادية.