مسلسل الاختيار-3.. تسييس للفن ومطية لقنوات التزييف!

مسلسل الاختيار-3.. تسييس للفن ومطية لقنوات التزييف!
الثلاثاء ١٩ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٥:٠٨ بتوقيت غرينتش

يمضي مسلسل الاختيار في نسخته الثالثة في تركيب قصص على قصص وفي صراع الروايات وتزييفها، بدءا من مهمته في شيطنة الاخوان المسلمين الذين حكموا البلاد بين عامي 2012 و2013، وصولا الى  إضفاء صفة القداسة على وزير الدفاع في تلك المرحلة والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وانتهاء بتحوله الى مطية لدى بعض القنوات الخبرية مثل "قناة العربية" السعودية لترويج مآرب سياسية.

العالم - کشکول

لايخفى على أحد ان النظام المصري الحالي قام منذ 2013 على أساس الدعاية التي يقودها عن إنقاذ البلاد من الاخوان المسلمين وانه منذ ذلك الوقت يقود حملة شعواء ضد هذه الجماعة شملت محاكمات جماعية وسجن وفصلا من الوظيفة وأحكام إعدام جماعية و.. و.. حتى ان المتعاطفين مع هذه الجماعة لم يسلموا سواء فنانين أو لاعبي كرة قدم، أو.. أو، وبالتالي لايمكن للمشاهد ان يتوقع ان يكون مثل هذا "العمل الدرامي" الذي تشرف عليه المخابرات المصرية بشكل كامل ان يكون حياديا أو غير مسيس، أو حتى محاولة لتوثيق تاريخ مصر في تلك المرحلة.

يتناول المسلسل فترة حكم الرئيس الراحل المخلوع محمد مرسي سلباً، ويسلط الضوء على السردية التي طالما يلح عليها الرئيس السيسي في أحاديثه المختلفة، أي الزعم بأن (جماعة الإخوان المسلمين) خانوا الوطن وتعاونوا مع قوى خارجية ومنظمات إرهابية، وهي الاتهامات التي وُجّهت لقادة الجماعة وصدرت احكام اعدام جماعية بحقهم بشأنها.

الشركة المنتجة لمسلسل "الاختيار 3" هي (المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية) التابعة للمخابرات المصرية العامة، وتحدثت وسائل إعلام عربية وغربية منذ بدء تصوير المسلسل عن ان مسؤولين في المخابرات المصرية يشرفون على تنفيذ المسلسل حتى ان بعضها سرب معلومات عن أن العميد محمود السيسي الذي نقل للعمل في جهاز المخابرات العامة، عند تولي للواء عباس كامل رئاسته، يشرف شخصياً على تنفيذ المسلسل، ويتابع تصويره خطوة بخطوة، ليضمن خروجه بصورة تحسن وجه النظام.

يزعم منفذو هذا العمل الدرامي ان شخصياته "واقعية" لكن يرى أغلب منتقديه انه يخلط بين الدراما والخيال ليصوغ القصة التي يريدها، حيث تعتقد أجهزة الدولة الأمنية والفنية والإعلامية ضمن هذا الزخم الكبير ان بإمكانها تلقين المشاهد ما عليه مشاهدته، وتفترض أنه سيصدق ما سيشاهده، وبالطبع ممارسات مثل هذه لايمكن تصنيفها سوى ضمن عمليات خطيرة من غسيل المخ الجماعي.

المضحك ان بعض وسائل الإعلام العربية استخدمت ما ورد في هذا المسلسل الدرامي لتأكيد رواياتها الملفقة هي الأخرى، فأعادت وسائل إعلام سعودية وإماراتية وأبرزها "قناة العربية" روايتها المزعومة عن زيارة الشهيد الفريق قاسم سليماني لمصر ولقائه بقادة من الإخوان المسلمين، وما إلى ذلك من خزعبلات تشكيل "حرس ثوري" وما شابه، مع العلم ان حتى المسلسل الذي اعتمد الدراما الخيالية، لم يلمح الى الفريق سليماني بل أظهر شخصا يُدعى "يامن عدنان" وقال انه أحد ضباط الاستخبارات الأجنبية و دخل إلى مصر حاملاً جواز سفر مزيف، وبالطبع أتى مثل هذا السياق "الدرامي" بهدف تأكيد الدعاية ضد الاخوان المسلمين حول ارتباطهم بأطراف أجنبية والتآمر و..و.. وما يوجهه نظام السيسي لهم من تهم، لكن "العربية" ركبت رواية المسلسل على روايتها التي حاولت ترويجها قبل سنتين عن الشهيد القائد سليماني وفشلت، وستفشل جميع محاولاتها هذه لأن الشهيد سليماني باختصار كان قائدا معنيا بتجهيز المقاومة الفلسطينية واللبنانية بما تحتاجه للتصدي للعدو الصهيوني الذي تطبع بعض الأنظمة العربية معه علنا وتقدم له قرابين الطاعة لإرضاء أمريكا راعيته، هذا الرجل حارب الارهاب لسنوات وأسقط جماعة "داعش" الوهابية التي أنشأتها أمريكا بأموال دول عربية لتدمير المنطقة.

حتى الدراما لم تسلم من التسييس والعمالة سواء بنشر دعاية للسيسي الذي هو من المفترض ان يكون مجرد رئيس جمهورية تم انتخابه وليس بطلا مقدسا، وصولا الى تعمد تشويه صورة الاخوان المسلمين والابتعاد عن الحيادية بدلا من توثيق الحقائق دون مغالاة، ومن ثم الانتقال الى مستويات أعلى وهو اعتماد القنوات الخبرية على الدراما المذكورة وكأنها حقيقة مع العلم ان الشعب المصري هو أكبر المنتقدين لهذا المسلسل ويؤكدون انه لايمثل حقيقة تاريخ مصر في تلك المرحلة.