"أزمة دستورية وجدل سياسي" في تونس جراء تعديل هيئة الانتخابات في البلاد

الثلاثاء ٢٦ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٥:٤٣ بتوقيت غرينتش

فتح قرار تعديل قانون وتشكيل اللجنة الانتخابية في تونس، بموجب مرسوم صادر عن الرئيس قيس سعيد، الباب أمام موجة جديدة من الجدل السياسي في البلاد.

العالم - تونس

الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي هيئة دستورية تشرف على الانتخابات منذ أكتوبر 2011، وتتكون من 9 أعضاء "مستقلين ومحايدين ومؤهلين" ينتخبهم مجلس النواب بأغلبية الثلثين، ويؤدون مهامهم لفترة واحدة. 6 سنوات، ويتم تجديد ثلث أعضائها كل سنتين.

وبحسب المرسوم الرئاسي المنشور في الجريدة الرسمية، الصادر يوم الجمعة، فإن مجلس الهيئة "يتألف من 7 أعضاء يعينون بأمر رئاسي".

وبحسب المرسوم، يختار رئيس الجمهورية 3 أعضاء من الهيئة السابقة مباشرة، و 3 آخرين من 9 قضاة تقترحهم المجالس المؤقتة (القضائية والإدارية والمالية) للقضاة، وعضو آخر من 3 مهندسين مقترحين من قبل المركز الوطني للإعلام (حكومي).

كما نصت على أن"يتم اختيار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من قبل رئيس الجمهورية، ويقدم إليه كل اقتراح بإعفاء عضو من السلطة ليختار إعفائه من عدمه".

ويأتي المرسوم في ظل أزمة سياسية حادة تشهدها تونس منذ 25 يوليو / تموز 2021، إثر إعلان سعيد إجراءات استثنائية، منها حل مجلس النواب، وإلغاء هيئة مراقبة الدستور، وإصدار التشريعات بمراسيم رئاسية وحلها. مجلس القضاء الأعلى.

ضرب مفهوم الاستقلال

وعبر رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون عن استغرابه لصدور هذا المرسوم وطعن في شرعيته قائلا: "المرسوم لا يغير القانون الأساسي".

وأضاف، في تصريحات لراديو "موزاييك" (خاص)، أنه "يمكن القول إن الهيئة أصبحت هيئة رئيس الجمهورية بامتياز، وجميع الأعضاء السبعة عينوا من قبله، الأمر الذي يضرب بشكل جوهري بالمفهوم. الاستقلال".

ورفضت عدة قوى سياسية، بينها حركة "النهضة" و "حزب العمال" (يسار)، مرسوم تعديل الهيئة الانتخابية، معتبرة أنه يأتي في سياق "تكريس الحكم الفردي".

على صعيد آخر، قال حزب "الائتلاف من أجل تونس" (غير الممثّل في البرلمان المنحل) في بيان له، اليوم السبت، إن المرسوم الرئاسي"إنجاز في طريق التصحيح لتصحيح قانون هذه الهيئة وتغيير تركيبتها، معتبرا أن اللجنة الانتخابية "لم تكن أبدا مستقلة" ولا حيادية.

من الناحية القانونية، ترى أستاذ القانون الدستوري، منى كريم، أن "تغيير القانون المنظم للهيئة العليا للانتخابات لا يمكن تبريره بمرسوم، إذا قبلنا أن دستور 2014 لا يزال ساريًا".

وتقول: "لا يمكن تغيير قانون أساس خلال فترة استثنائية وبموجب مرسوم، وهذا غير صحيح لا من الناحية القانونية ولا الدستورية".

وأضاف كريم "اليوم يعمل رئيس الجمهورية وفق الأمر 117 الذي يسمح له بأخذ المراسيم في جميع المجالات دون استثناء".

وفي 22 سبتمبر الماضي أصدر "سعيد"القرار الجمهوري رقم 117 الذي قرر بموجبه إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وإصدار التشريعات بمرسوم جمهوري.

ويرى كريم أن"هذه المراسيم لا تقبل التماس الإلغاء، لذا أصبحت جميع أعمال سعيد محصنة من أي استئناف".

وتشير إلى أن "سعيد أصبح الآن قادرًا على إلغاء ما يريده من المؤسسات بموجب مراسيم دون اعتراض بأي شكل من الأشكال".

ويتابع الخبير القانوني:"اليوم تركنا دائرة القانون، ونحن في منطق الأمر الواقع، ونحن في حالة عدم استقرار قانوني وأمن، لأنه من جانب واحد من جانب الرئيس. للجمهورية ".

وفي ديسمبر الماضي، قال الرئيس إن "أزمة بلاده تكمن في دستور 2014 الذي لم يعد ساريًا ولا شرعية في تونس" وسط تكهنات من خبراء بأن "سعيد" قد يتجه لتعليق العمل بهذا الدستور.

انتهاك حرمة الدستور

من جهته، قال المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة رياض الشعيبي، إن "الخطوة التي اتخذها سعيد لحل الهيئة العليا للانتخابات وتغيير تركيبتها وقانونها بمرسوم هو انتهاك إضافي لحرمة الدستور والهجوم على الديمقراطية".

ويؤكد أنه "من غير المعقول استبدال هيئة مستقلة منتخبة بالإجماع”.

كما يرى الشعيبي أن "هذا الانحراف خطير واعتداء آخر على الديمقراطية التونسية وخطوة تضاف إلى الإجراءات السابقة بما في ذلك حل مجلس النواب وتغيير سلطة مجلس القضاء الأعلى، في إطار قرار مجلس القضاء الأعلى. سعي الرئيس والسلطة التنفيذية للاستيلاء على كل السلطات بيد واحدة واحتكارها لنفسها ".

وأشار إلى أن معظم الأحزاب السياسية رفضت هذا المرسوم واعتبرت أن هذه الخطوة تعزز حصرية السلطة وتسير في مسار لا يسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وفق المعايير الدولية ولا يوفر فرصة مناسبة لتنظيم المستقبل. انتخابات.

وشدد القيادي في حركة "النهضة" على أن ما فعله سعيد، خاصة فيما يتعلق بالمواد الانتخابية، هو عكس ما نص عليه الدستور.

وصرح سعيد، الذي بدأ ولاية رئاسية مدتها 5 سنوات في 2019، إن إجراءاته إجراءات في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر وشيك.

من جهتها، وصفت حركة تونس العمام، في بيان لها، المفوضية الانتخابية بأنها غير مستقلة وتشكلت على أساس المحاصصة الحزبية.

واعتبرت حل الهيئة خطوة مهمة في اتجاه توفير مناخ انتخابي شفاف، لكنها تظل غير مكتملة ما لم ترافقها إجراءات مشددة تتعلق بالإعلام وتقصي الآراء والأموال الفاسدة، وما لم تسبق الانتخابات المساءلة”. من المتورطين في الفساد.

على صعيد آخر، رحب "زهير حمدي"، الأمين العام لـ "الحركة الشعبية"، عبر فيسبوك، بحل الهيئة الانتخابية، متهماً رئيسها (نبيل بفون) بأنه أحد أذرع حركة النهضة.

أما زعيم الحركة الشعبية"عبد الرزاق عويدات" فقد برر، في تصريحات صحفية، حل الهيئة بـ "الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد حاليا، وبالتالي لا توجد طريقة أخرى لتعديل الأساسيات" قانون الهيئة الا عن طريق رئيس الجمهورية ".