مع اقتراب يوم القدس العالمي..

الشیخ صبري يكشف ما وراء بطش الاحتلال بالمرابطين في الاقصى

الأربعاء ٢٧ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٤:٠٠ بتوقيت غرينتش

اكد رئيس الهيئة الاسلامية العليا وخطيب المسجد الاقصى المبارك الشيخ الدكتور عكرمة صبري ان وراء التصعيد والقمع الاسرائيلي في القدس والمسجد الاقصى وتجاوزه للخطوط الحمراء ضد المرابطين فيه، من اجل تسهيل دخول الجماعات اليهودية المتطرفة وذبح قرابينهم في الاقصى، مشيراً الى ان الاحتلال فشل في مهمته بسبب الهبّة المقدسية القوية.

خاص بالعالم

يناقش برنامج "ضيف وحوار" تصعيد كيان الاحتلال الاسرائيلي وخطورة ما جرى خلال هذه الفترة من اعتداءات واقتحامات، في ظل الصمت الدولي والعربي والاسلامي ضمن حلقة "قدس الصمود" مع رئيس الهيئة الاسلامية العليا وخطيب المسجد الاقصى المبارك الشيخ الدكتور عكرمة صبري.

ايضاً سيتحدث البرنامج حول يوم القدس العالمي واهمية هذا اليوم وانعكاسه على الوضع في القدس المحتلة وعلى كافة المقدسات العربية والاسلامية وما يجري في القدس وفي المسجد الاقصى المبارك.

وفيما يلي نص المقابلة:

العالم: هل التصعيد الاسرائيلي قد تجاوز للخطوط الحمراء مما حصل من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي؟

الشيخ صبري: كما هو معلوم بان المسلمين في شهر رمضان المبارك يتوجهون الى الاقصى المبارك بعشرات الالاف، ويكون في رحاب الاقصى حشد كبير من المصلين، هذا المشهد لا يروق للاحتلال، بل يغتاضون منه ويحاولون ان يعرقلون مجيء عدد من المصلين الى الاقصى ويحاولون ان يخلقون مشاكل وتوترات لتبرير تدخل السلطات المحتلة في موضوع الاقصى خلال شهر رمضان المبارك.

هذا الامر ادى كما حصل في العام الماضي ايضاً، في هذا الشهر تحت شعار "التهدئة" بمعنى ان الاحتلال طرح شعار التهدئة ليستغل هذا الشعار بشكل تمويهي لتنفيذ ما يريد، واتصل الاحتلال بالدول المجاورة من اجل ان يشعر هذه الدول والعالم بانه يريد تهدئة، ولكن الحقيقة هو يريد تصعيداً، والتهدئة هي ذريعة يتخذونها من اجل ان ينفذوا اهدافهم ويحققوا مطالب الجماعات اليهودية المتطرفة.

هذه الجماعات اليهودية المتطرفة ترى انه من الوقت المناسب ان يخطوا الاحتلال خطوة متقدمة عدوانية في الاقصى اكثر من السنوات الماضية، والتسهيل لهم بذبح القرابين في الاقصى، ومن هنا بدأ التوتر، وذبح القرابين ما كان موجوداً اصلاً في الاقصى، فقد كانوا يذبحون في اماكن اخرى.

اصرار الجماعات اليهودية على انهم يريدون ان يذبحوا القرابين ادى الى تصعيد التوتر، وان الاحتلال قد ساوقهم فترة من الوقت، ولكن حينما رأى ردة الفعل القوية من المرابطين والمعتكفين تراجع عن الموضوع رغم ان الاحتلال قد بطش بالمعتكفين واعتقل ما يزيد عن 600 شاب خلال شهر رمضان المبارك.

العالم: سنركز على موضوع كيف تم تأجيل بهمّة الشباب والهبة التي حصلت رغم اعتداءات قوات الاحتلال الاسرائيلي، لماذا اختارت الجماعات اليهودية المتطرفة بدعم سياسي وامني وعسكري ورسمي هذا الوقت المناسب للتقدم خطوة الى الامام فيما يتعلق بذبح القرابين؟

الشيخ صبري: لسببين، الاول ان الحكومة الاسرائيلية الحالية هي حكومة ضعيفة هشة، تعتمد وتتكل على الجماعات اليهودية بوجودها، والسبب الاخر ان الشارع الاسرائيلي يميل الان الى التطرف وتقوده الجماعات اليهودية التي ترى انها قوية، حيث ارادت ان تستغل الحكومة الهشة لتنفيذ مآربها ألا وهو ذبح القرابين كخطوة جديدة.

لهذين السببين، حصل التوتر والبطش الذي قام به الجيش ضد المعتكفين والمرابطين الا انه فشل في ادخال القرابين، رغم اعتقال 600 شاب وجرح ما يزيد عن 500 شاب معظم اصاباتهم في الرأس، ورأينا ذلك عندما زرنا عدد منهم في المسشتفى.

العالم: ألا تعتقد ان هناك سبباً اخراً ايضاً مع الاسباب التي ذكرتها، ضعف الحالة العربية والاسلامية وما يعرف التطبيع وهرولة التطبيع من بعض الانظمة او الاعراب باتجاه هذا المحتل والزيارات المتبادلة، وايضاً الاستقبال الكبير لقادة كيان الاحتلال الاسرائيلي، وكل هذه الديباجة التي حصلت قبل شهر رمضان المبارك من بعض العرب ومن بعض المسلمين ايضاً؟

الشيخ صبري: يمكن اضافة سبب ثالث وهو الوضع العام الذي يهيمن على البلاد العربية والاسلامية في هذه الهرولة والصمت وبالتالي هذا ما جرأ الاحتلال الاسرائيلي على ان يعتدي علينا ويتجاوز الخطوط الحمراء. ورغم ذلك فشل في امرين، فشل في موضوع ادخال القرابين الى الاقصى وذبحها، والفشل الثاني في موضوع مسيرة الاعلام التي لم تأت الى المدينة القديمة في القدس.

العالم: فطرة الشاب الفلسطيني والمقدسي ما حصل من هبّة والوقوف بوجه هذه المخططات رغم اعداد المصابين الكبيرة والمعتقلين التي وصل الى اكثر من 600 وتم بجهود محامين الافراج عن معظمهم، ايضاً شد الرحال رغم الحواجز ونقاط التفتيش والاغلاق ومنع الحافلات في الضفة الغربية، كل هذه الاسباب قد ادت الى فشل هذا المخطط على الرغم من انه كان هناك اصراراً لدى الكيان الاسرائيلي تثبيت الاقتحام في الفترة الصباحية بقوة السلاح؟

الشيخ صبري: نعم، كان المسجد الاقصى خلال فترة شهر رمضان ثكنة عسكرية من الساعة السابعة صباحاً وحتى الساعة الحادية عشر، بالاضافة الى ان مدينة القدس هي اصلاً كانت ثكنة عسكرية، وموضوع الشباب الذين افرج عنهم منعوا من دخول الاقصى والبلدة القديمة، بحيث خسرنا 600 شاب من حيث المرابطة وخسرنا 500 شاب جرحى، ومع ذلك هبّت الافواج الكبيرة التي امّت الاقصى ان كان في صلاة الفجر والعشاء وصلاة التراويح وايضاً ايام الجمع.

بعد المجزرة الكبيرة التي وقعت في يوم الجمعة الثانية صباحاً من شهر رمضان، جاء لموعد صلاة الجمعة، عشرات الالاف ما يزيد على 50 الف، ان تعلق المسلمين واصرارهم على الالتفاف على الاقصى والتواجد فيه، في ظل الغطرسة والعنف والقمع الاسرائيلي لم يمنع الناس من ان يثبتوا وجودهم في باحات المسجد الاقصى المبارك.

العالم: تحدثتم عن الهبّات في بعض المناطق الفلسطينية وانتقالها لبعض العواصم العربية والاسلامية دعماً للمسجد الاقصى المبارك، وعلى رغم من اتفاقيات التطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، الا ان دائماً الشعوب العربية والاسلامية تراها لديها الحراك باتجاه المسجد الاقصى المبارك والدفاع عن القدس ورفض كل ما يحدث من اعتداءات، هي تبقى القدس رغم سنوات الاحتلال الطويلة بوصلة تصحيح ووجهة نضال؟

الشيخ صبري: نعم، ان الشعوب هي شعوب حيّة ومتحركة وكان لها صدى، ونحن نشكر الفضائيات بشكل عام التي كانت تنقل الاحداث أول بأول، كان هذا يعزز موقف اهل فلسطين في الخارج، هناك مسيرات حصلت فعلا في عدة دول عربية واجنبية ايضاً حتى حصلت في امريكا واوروبا بالاضافة الى تركيا وماليزيا واندونيسيا وايران وعدة دول نصرة للمسجد الاقصى المبارك، بالاضافة الى الاردن أول شعب سبّاق لنصرة الاقصى حيث خرج الناس من اول رمضان في مسيرات لتعزيز اعتكاف المرابطين في المسجد الاقصى، وحتى ان بعض الاردنيين جاءوا الى القدس واعتكفوا في مسجد الاقصى واصيبوا واعتقلوا خلال قمع قوات الاحتلال.

كما ان هناك من ضمن المصابين شاب سوداني تبين لاحقاً ان والده سبق وان استشهد في فلسطين عام 1948، وكأنه يتذكر والده في الاقصى.

العالم: الحديث عن يوم القدس العالمي واهمية هذا اليوم في ظل اتفاقيات تطبيع وهرولة مع كيان الاحتلال الاسرائيلي في ظل ايضاً هيمنة للاحتلال الاسرائيلي ومحاولة فرض وقائع في القدس والمسجد الاقصى المبارك، يأتي هذا اليوم لتصحيح البوصلة، ولشد الهمم نحو نصرة الاقصى المبارك وايضاً القدس والمسيرات الكبيرة التي تخرج في هذا اليوم دعماً للقدس واهلها ولكل المقدسات العربية والاسلامية، كيف تصفون هذا اليوم واهمية هذا اليوم؟

الشيخ صبري: يوم القدس العالمي هو تذكير بالمسلمين في العالم الذي يقدّر عددهم بمليارين، تذكيرهم بالقدس لتكون القدس موضع اهتمام وان تكون على الطاولة مدار البحث وتثبيت البوصلة نحو القدس، لانه احيانا تنحرف البوصلة نحو القدس بسبب التطبيع من جهة، وبسبب الخلافات الدموية بين الدول العربية والانقسامات التي تحرف البوصلة عن القدس، فيأتي يوم القدس العالمي ليعيد البوصلة الى القدس ويجعل من العالم ككل ليس فقط المسلمين الاهتمام بمدينة القدس، هذه المدينة المحتلة التي يجري حاليا تهويدها ظلما وعدوانا، دون أي مراعاة للقوانين الدولية.

وهذا يعني أن كل عمل وأي إجراء يقوم به الاحتلال هو اجراء باطل غير قانوني وغير انساني وان منظمة اليونسكو اعتبرت ان مدينة القدس هي مدينة محتلة ومدينة اثرية وان اجراءات الاحتلال غير قانونية وهي باطلة وعليه مهما غطرس الاحتلال لن تكسبه أي حق في القدس وأي حق في الأقصى.

العالم: ولكن هذا اليوم بتصحيح كل أعمال التيه الحاصلة بمدينة القدس والمسجد الاقصى المبارك والمقدسات، ذكرتم فيما يتعلق ان هذه الحكومة ضعيفة وهي تعتمد على التطرف وعلى هذه الجماعات اليهودية المتطرفة هل تعتقدون أن الايام القادمة ستكون أصعب من الأيام التي مضت في ظل حالة الغضب في الشارع الاسرائيلي وبالمستوطنين بمنعهم من مواصلة اقتحام للمسجد في شهر رمضان المبارك ومنع المسيرات بما يسمى مسيرة الاعلام من وصولها الى باب العامود ومنع التجول داخل البلدة القديمة ما أظهر حالة الارتباك والضعف لكيان الاحتلال الاسرائيلي في مواجهة الحرب الحاصلة في مدينة القدس دفاعا عن كل المقدسات هل تعتقدون انه ربما يكون هنالك وضعا أصعب ارضاء لهذه الجماعات واليمين المتطرف؟

الشيخ صبري: كل شيء محتمل لذلك علينا ان نكون حذرين ومتيقظين فيما بعد العيد، وواحب أن اوضح ان الاقتحامات كانت في رمضان فترة الصباح فقط اي من الساعة السابعة حتى الساعة الحادية عشر، حيث تتم الاقتحامات في المساء كما كان قبل رمضان، هذا من نقطة.

واما النقطة الأخرى، ان العشر الأواخر من رمضان تتوقف أصلا دخول غير المسلمين الى الأقصى، وهذا أمر قائم منذ عشرات السنين منذ أن وجدت الزيارات للاجانب، لغير المسلمين، فان العشر الاواخر تتوقف أصلا.

فالاعلان الاسرائيلي عندما نسمع على انه ستتوقف زيارات اليهود للاقصى، كانهم يريدون أن يمنون علينا ويحملونا جميل كما يقال لا بل ان ذلك يعتبر "تحصيل حاصل"تتوقف الزيارات، وبالفعل توقف الزيارات في العشر الأواخر من رمضان.

الآن هذه الاجراءات بشكل عام، لم ترق للجماعات اليهودية المتطرفة وممكن أن تتحفز للشر بعد رمضان بعد عيد الفطر، لذلك علينا ان نكون متيقظين لاي مفاجأة ممكنة ولأي غدر ممكن ان يقع من هذه الجماعات.

العالم: ما هو المطلوب فلسطينيا أو داخليا والاسباب التي يجب أن تذكر حتى الانقسام الحاصل بين الفرقاء الفلسطينيين حيث أن الاحتلال يستغل دائما باتجاه تهويده لمدينة القدس وللأقصى المبارك فما هو المطلوب فلسطينيا والمطلوب عربيا واسلاميا من أجل مواجهة كل هذا التوغل للاحتلال الاسرائيلي؟

الشيخ صبري: من ناحية الساحة المحلية، فلا مجال الا لشد الرّحال والجميع مجمع على موضوع شد الرحال والكل مجمع على نصرة الأقصى حتى وجود نوع من الخلاف في بعض الفصائل لكن الجميع يتوافقون ويتوحدون في موضوع نصرة الأقصى هذا من اناحية المحلية.

من الناحية العربية والاسلامية ينبغي عليهم أن تثبيت البوصلة نحو القدس ونصرة القدس ووجود حراك سياسي ودبلوماسي ورسمي من أجل الضغط على الاحتلال، وعلى الشعوب أن تتولى الضغط على دولها لتقوم هذه الدول بالضغط على الاحتلال، ومن الناحية الدولية نحن لا نعوّل على الموقف الدولي لانه معروف كونه مرهون بأمريكا وهي مصير "اسرائيل" وبالتالي ليس لها أي مطمع في مواقفها، فعلى العرب المسلمين والذي يبلغ تعدادهم مليارين، ونحن نبحث على الموقف الدولي لا يجوز اصلا ان نعول على الموقف الدولي بل علينا ان نعول على انفسنا ونحن لسنا قصّرا، حيث أن مليارين من المسلمين عليهم أن يقوموا بواجبهم وان يحلوا مشاكلهم بأنفسهم لا أن نعتمد على مواقف دولية.

العالم: ما الكلمة التي يمكن توجيهها في الأيام الأخيرة من هذا الشهر الفضيل، ويوم العيد للامة العربية والاسلامية وفي يوم القدس العالمي؟

الشيخ صبري: يوم القدس العالمي يذكرنا بهذه المدينة المباركة المقدسة التي هي صنع مكة المكرمة والمدينة المنورة، هذه القدس المرتبطة بالسماء فهي بوابة الأرض الى السماء وهي بوابة السماء الى الأرض، وهذا اليوم يذكرنا بالقدس لنتذكر دائما القدس، ليس في يوم واحد وانما هذا اليوم يعطينا دفعة الى الامام لتبقى القدس في موضع اهتمامنا وموضع برامجنا ونقول في خلال نهاية شهر رمضان المبارك نقول للمسلمين تقبل الله الطاعات وكل عام وانتم بخير ونسأل الله عز وجل أن يعيد علينا هذا الشهر المبارك وقد تحققت الآمال وتحقق النصر انه سميع بصير سميع الدعوات ان شاء الله.