في لقاء خاص مع قناة العالم..

سفير إيران السابق في بغداد: لا يحق لأي أحد التدخل في شؤون العراق الداخلية

الإثنين ٠٢ مايو ٢٠٢٢ - ٠٦:٠٦ بتوقيت غرينتش

أكد السفير الإيراني السابق في العراق إيرج مسجدي، أن العراق بلد مستقل بقادة سياسيين محترمين، وهم من يقررون مصيرهم، ولا يحق لاي احد ان يتدخل في شؤونه الداخلية.

العالم - لقاء خاص

استضافت قناة العالم الاخبارية في لقاء خاص السفير الايراين السابق لدى بغداد ايرج مسجدي فترة مهمامه في العراق والاحداث التي طرت على الساحة العراقية خلال هذه الفترة.

واليكم نص المقابلة:

العالم: بدأتم عملكم كسفير للجمهورية الاسلامية في بغداد منذ عام 2017 وطيلة هذه الأعوام الخمسة كنت شاهدا على الأحداث المهمة التي طرأت على الساحة العراقية هل تحقق ما كنت تصبو اليه منذ تسلمك مهامك عام 2017؟

مسجدي: في البداية اسمحوا لي ان ابارك لكم حلول عيد الفطر المبارك واسأل المولى القدير ان يتقبل طاعاتكم وعباداتكم في شهر رمضان الفضيل . من الطبيعي ان تكون للعراق ظروف خاصة حيث كان ولايزال يواجه تحديات سياسية وغير سياسية ، ما يمكنني قوله وخلال خدمتي كسفير في العراق، هو ان العراق شهد احداثا كثيرة خلال هذه الفترة فيما يتعلق بالحكومة والانتخابات و القضايا السياسية والاقتصادية والمواضيع الاخرى وانا ارى ان العراق يتقدم الى الامام وان المنحى هو منحى ايجابي.

بعد سقوط صدام عام 2003 عاش العراق تجربة ديمقراطية حديثة العهد ونمطا جديدا من النظام السياسي. ونظرا للظروف السياسية والاجتماعية والقومية والجغرافية ونظرا للقوانين في العراق فمن الطبيعي ان نشهد بعض المشاكل والتحديات ، لذلك فاني اعتقد ان العراق سائر نحو الامام بخطى ثابتة رغم كل المشاكل التي يعاني منها البلد، واتمنى ان تستمر هذه الوتيرة الايجابية في المستقبل المنظور.

العالم: نعلم انه تربطك علاقات قديمة وتاريخية مع معظم القوى السياسية العراقية منذ فترة المعارضة خلال فترة الحكم الاستبدادي السابق صدام حسين الى أي مدى لعبت هذه العلاقة مع القوى السياسية دورا في حلحلة بعض الأزمات في الداخل العراقي وكيف كانت علاقتك مع الحكومات العراقية خلال فترة عملك أثناء حكومة السيد عادل عبد المهدي وكذلك في الحكومة الحالية للسيد مصطفى الكاظمي؟

مسجدي: تجربتي وعلاقاتي السابقة مع المسؤولين السياسيين ايام المعارضة ، والمعرفة السابقة بالكثير من قادة الاحزاب والمسؤولين ، ساعدتني في اقامة افضل العلاقات فيما بيننا ، والهدف طبعا هو تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين . اثناء رئاسة وزراء الدكتور عادل عبد المهدي شهدت العلاقات بين البلدين تطورات كبيرة ، وكانت المحصلة زيارة الرئيس الدكتور حسن روحاني الى بغداد وعقد اتفاقيات مهمة بين البلدين .

بعد ذلك وفي فترة السيد مصطفى الكاظمي استمرت هذه العلاقات ، وشهدنا تطورا في الكثير من المجالات ، وشهدنا احداثا مهمة وجيدة . كما ان هناك امورا يتم الترتيب لها في الوقت الراهن ، لذلك فان الجمهورية الاسلامية نظرا لاعتبارها العراق بلدا صديقا وجارا وبلدا مسلما تسعى دائما لاقامة افضل العلاقات معه في المستوى السياسي والاقتصادي ، كما ان تغير الحكومات في العراق لا يؤثر على متانة وصلابة هذه العلاقات ، قد نشهد بعض التغيرات على المستوى التنفيذي وهي تغييرات بسيطة وجزئية لكن استراتيجية البلدين هي توثيق العلاقات باعتبار ان البلدين يحتاجان لبعضهما الاخر ويجب ان يكونا ظهيرين لبعضهما البعض ، كما ان سياسة البلدين هي توثيق هذه العلاقة وتوطيدها، لذلك فاننا نشهد وجود هذه العلاقة المتينة في السابق وفي الوقت الراهن ايضا.

العالم: شهدت العلاقات بين بعض القوى السياسية المحسوبة على المقاومة مع الحكومة العراقية بعض التوترات بين الحين والآخر هل تدخلتم الى خفض هذا التوتر وأين كانت ذروة تلك المساعدة في خفض التوتر بين الحكومة وبين فصائل المقاومة؟

مسجدي: حسب رأيي فان فصائل المقاومة هي جزء من الواقع السياسي والاجتماعي في العراق، كما اننا نشهد وجود احزاب وتيارات سياسية مختلفة في العراق ، فان لتيار المقاومة هوية خاصة ، وله متطلبات خاصة وانا كممثل للجمهورية الاسلامية في ايران يمكنني القول ان الدولة والحكومة والنظام السياسي في العراق يجب ان يتجاوب مع مطاليب تيار المقاومة وما يريده هذا التيار ، واعتقد ان لا توجد مشكلة لقوى المقاومة مع الحكومة العراقية ، مشكلتهم هي مع القوى الخارجية والقوى الاجنبية، قوى الاستكبار والولايات المتحدة والصهاينة، لذلك فان الجمهورية الاسلامية وفي فترات مختلفة قدمت يد العون للعراق ، كما فعلت ذلك في اطار الكثير من القضايا السياسية والامنية وغيرها من امور.

العالم: هل كانت مؤثرة هذه المساعدة؟

مسجدي: لن تكون من دون اي تاثير لان الجميع يكن الاحترام لايران، مواقف ايران محترمة من قبل الحكومة والشعب العراقي العزيز وايضا الاحزاب السياسية وتيار المقاومة، كلها محبة للجمهورية الاسلامية ، وايران تدعم الصلح والسلام واستتباب الامن والتطور في العراق، لذلك فان ما تطرحه الجمهورية الاسلامية قد يكون مؤثرا بكل تأكيد.

العالم: ماذا عن علاقتكم مع القادة الكرد هل تربطكم علاقات شخصية وتاريخية مع القادة الكرد ومن بينهم السيد مسعود البرزاني وباقي القادة الى أي مدى لعبت هذه العلاقات دورا في تعزيز العلاقات الإيرانية مع كردستان والبعض يقول أن هذه العلاقات التاريخية عادت الى الفتور في الآونة الأخيرة هل هذا صحيح ولماذا؟

مسجدي: علاقاتنا مع القادة الاكراد كما اشرتم هي علاقات وثيقة وتاريخية ، وتعود الى ايام المعارضة، وتعود الى ما قبل عام 1991 والانتفاضة التي شهدها العراق . علاقاتنا متينة مع السيد برزاني وكذلك كانت متينة مع السيد طالباني ولازالت كذلك مع اتباعه وانصاره، ونشهد ذلك مع باقي الاحزاب الكردية، هذه العلاقات شهدت تطورات كبيرة بعد عام 1991 ، لكن بعد عام 2003 وتغيير النظام السياسي في بغداد شهدت العلاقات بين ايران والاطراف الكردية تطورات ملحوظة ، علاقاتي الشخصية كسفير وايضا كشخص كانت تربطه علاقات وطيدة بالقادة الاكراد هي علاقة ممتازة .

اليوم ايضا نشهد هذا الدفء في العلاقات ، قد تكون هذه العلاقة تأثرت في بعض الفترات الخاصة وذلك بسبب بعض التحديات كالموضوع الاخير الذي حدث في اربيل لكن ذلك لا يؤثر على عمق ومتانة العلاقة بين ايران والاقليم .

لحسن الحظ فان القيادة الكردية والمسؤولين الاكراد على دراية كاملة بظروف ايران ومدركون لتعاملنا بحساسية كبيرة مع مواضيع مثل الامن الداخلي، والامن القومي في بلدنا ، لذلك اعتقد ان العلاقات لم تشهد فتورا بل كانت هناك بعض المطبات والمشاكل التي تحل عبر الحوار بين الطرفين ، نحن واقليم كردستان نسعى لاقامة علاقات ودية وجادة في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، تفصلنا حدود طويلة لذلك فان كلينا يحتاج لهذه العلاقات .

العالم: على ذكر موضوع قصف القاعدة الاسرائيلية في أربيل هل تفهّم الجانب الكردي القلق الايراني من هذا الوجود؟

مسجدي: نعم نحن طلبنا من القادة الاكراد ان يتفهموا الهواجس الامنية لايران واعتقد انه نظرا لما حدث فاننا لن نشهد مثل هذه المشاكل في المستقبل ، انا ارى وجود ارادة سياسية قوية لدى القادة الاكراد في توطيد العلاقة مع ايران ، كما اننا نطمح الى علاقات ايجابية مع الاقليم نظرا لوجود الكثير من المشتركات الثقافية والعرقية وايضا الجوار وكوننا مسلمين ، لذلك علينا توطيد الصداقة والمودة فيما بيننا، اعتقد ان الساسة الاكراد مدركون تماما لهواجسنا الامنية واتمنى ان لا نشهد اي تحديات في العلاقة بين ايران والاقليم في المستقبل.

العالم: وماذا عن علاقتكم مع الأخوة السنة في العراق حيث أننا نعلم أن السنة كان قد قاطعوا العملية السياسية في البداية لكنهم الآن دخلوا العملية السياسية، كيف تبدو العلاقة ما بين الجمهورية الاسلامية مع السنة في العراق لقاء كل تلك المتغيرات؟

مسجدي: علاقاتنا مع الكيان السني بابعاده المختلفة ان كان على مستوى الشخصيات السياسية او الاحزاب والكتل السياسية وكذلك التيار العلمائي وايضا اهالي المحافظات السنية علاقات ودية وجادة ، السنة هم قسم مهم ومؤثر في المجتمع العراقي ، ايران لا تنظر الى العراق بمنظار القومية والطائفية، العراق بلد كبير بكل طوائفه ، الشيعة والسنة والاكراد والتركمان المسيحيين والاقليات المختلفة .

لذلك فان للجمهورية الاسلامية علاقات بناءة مع الكيان السني، المثال على ذلك زيارة السيد الحلبوسي الاخيرة الى طهران وكانت تحمل رسالة واضحة مفادها احترام ايران للمسؤولين العراقيين من اهل السنة وتوجه لهم الدعوة لزيارتها ، ولا نفرق في الحقيقة ان كان سنيا او كرديا او شيعيا او من اي طائفة اخرى، المهم بالنسبة لنا انهم جميعا يمثلون الشعب العراقي، كلهم مسؤولون سياسيون عراقيون، الاختلاف موجود في كل انحاء العالم، في نفس ايران هناك العرب والكرد والاتراك وطوائف اخرى، لذلك الجمهورية الاسلامية تحترم الكيان السني وكل الكيانات الاخرى وتطمح لاقامة افضل العلاقات مع جميع هؤلاء الاعزاء.

العالم: تغادرون العراق بينما يبقى ملف تشكيل الحكومة يواجه الانسداد السياسي حيث أن كل طرف متمسك بموقفه ما هي الجهود التي بذلتموها من أجل الخروج من هذا الانسداد السياسي وبرأيكم ماهي الاشكالية الاساسية التي تقف عائقا أمام تشكيل الحكومة؟

مسجدي: من الطبيعي فان موقف الجمهورية الاسلامية هو انه نظرا لكل هذه التفاصيل السياسية والاجتماعية التي يعيشها العراق فان المفاوضات والحوار بين كل الجهات السياسية الفاعلة يمكن ان يفتح الطريق لحل المشاكل وتجاوز الاشكاليات ، الوضع الذي نشهده اليوم وبعد اجراء الانتخابات النيابية حيث لم تنجح الاطراف السياسية في تشكيل الحكومة ، حسب اعتقادي فان الجميع بحاجة للاتفاق ، فلا يمكن اقصاء تيار سياسي عن المشهد السياسي في العراق ، نحن شهدنا مثل هذه الحالة في السابق وفي مناسبات مختلفة، الحل حسب رأيي هو ضرورة اتفاق كل الاطراف السياسية بعد عيد الفطر المبارك، وهذا سيساهم في الخروج من هذا المأزق السياسي ونشهد تشكيل البرلمان والحكومة الجديدة.

العالم: البعض يقول ويتهم إيران بأن تدخلاتها تعيق تشكيل الحكومة وآخرون يقولون بأن نفوذ إيران قد تراجع على أصدقائها في العراق وهذا أحد الأمور الاساسية التي أدت الى الانسداد السياسي وعدم تشكيل الحكومة العراقية في موعدها المقرر، كيف تردون على تلك الاتهامات؟

مسجدي: الجمهورية الاسلامية لم تتدخل قط بل ان الجمهورية الاسلامية قدمت الدعم دائما، ودائما قدمت المساعدة ، العراقيون اذا ما فاوضونا وطلبوا رأينا فنحن كجمهورية اسلامية نعلن مواقفنا كما نطرح مقترحاتنا ، العراقيون استفادوا بعض الاحيان من هذه الاستشارات، في الكثير من الاحيان قبلوا هذه الاستشارات، لذلك لا يمكن تسمية هذه الامور بانها تدخلات في الشأن الداخلي، بل هي استشارات و تقديم المشورة ، وحسب رأيي هي تقديم المساعدة وهي شيء يشبه التعاون الاقتصادي ، هل تسمون التعاون الاقتصادي تدخلا في الشأن الداخلي ؟

فهناك تجارة بين ايران والعراق ، هناك ايضا تعاون في المجال الامني، هذه ليست تدخلات وانما تعاون، في الشق السياسي فان الامر لهو كذلك ، تعاون وتقديم استشارات، وبما ان الجمهورية الاسلامية قصدها وهدفها كان دائما الخير والاستقرار للعراق، فمن الطبيعي ان يقبل اصدقاؤنا العراقيون الكثير من تلك الاستشارات وقد لا يتقبلوها في بعض الاحيان ، اليوم ايضا الامور تجري بهذا الشكل، لا نتدخل أصلا بشكل مباشر او غير مباشر، لكن نعلن موقفنا، حالنا حال البلدان الاخرى.

من الطبيعي ان يكون لايران اصدقاء كثيرون في العراق ، يهمهم رأي الجمهورية الاسلامية ، لانهم يعتبرون ايران بلدا صديقا لهم، يعتبرون ايران حريصة على العراق، لا يعتبرون ان ايران تفكر بمصالحها فقط، بل ان مصلحة العراق ومصلحة الشعب العراقي تكون مهمة لايران ، لذلك فان ايران لطالما قدمت المساعدة للعراق في جميع المجالات.

العالم: البعض يقول ان كل الحكومات العراقية التي تشكلت بعد عام 2003 جاءت بعد ضوء أخضر أمريكي إيراني هل هذا صحيح؟

مسجدي: انا اعتقد ان هذه المصطلحات غير صحيحة ، قد تكون هناك بعض المحاولات الامريكية، لكن للجمهورية الاسلامية مواقف خاصة بها، العراق بلد مستقل، قادة واحزاب هذا البلد هم اشخاص محترمون جدا ، لذلك فان هذه التعابير والاوصاف غير صحيحة، الجمهورية الاسلامية تطرح رأيها وقد يكون للاميركان مواقف خاصة بهم ، لكن العراق بلد مستقل بقادة سياسيين محترمين ، وهم من يقررون مصيرهم ، ولا يحق لاي احد ان يتدخل في شؤون العراق الداخلية.

العالم: كيف كانت علاقتكم مع المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف وتأثير هذه المرجعية على الساحة السياسية في العراق؟

مسجدي: المرجعية هي الملجأ وهي الحاضن بالنسبة للشعب العراقي، المرجعية المحترمة في السابق وفي الوقت الراهن وفي المستقبل هي افضل ملجأ للعراقيين ، هي افضل داعم لتطلعات الشعب ، لان المرجعية لا تريد شيئا لنفسها ، المرجعية عينها على الباري تعالى والسماء والقوانين الاسلامية وكل ما تسعى اليه هو خدمة الشعب، هكذا نعرف المرجعية، لذلك فان مكانة المرجعية في الساحة العراقية هي مكانة مميزة ، الجمهورية الاسلامية لها نفس النظرة حيال المرجعية ، ايران تكن احتراما كبيرا للمرجعية، من سماحة القائد حتى المسؤولين الاخرين الجميع يحترم المرجعية ، لذلك ، المهم هو ان آراء المرجعية ومواقفها يجب ان تلقى آذانا صاغية، لكن مدى ابداء المرجعية لآرائها وفي الامور هل تصمت عن بعض الامور ام تبدي رأيها ، هذا يعود للمرجعية ونحن لا نتدخل بهذه الامور لكن ما يمكنني قوله هو ان آراء ومواقف المرجعية محترمة جدا بالنسبة للجمهورية الاسلامية.

العالم: بالنسبة للوجود الأمريكي في العراق كيف تقيمونه هل ازداد هذا الوجود أم خف بعد اعلان الولايات المتحدة الأمريكية بانها سحبت قواتها القتالية من العراق هل بالفعل لا يوجد حضور أمريكي عسكري في العراق، هل يشكل هذا الوجود هاجسا بالنسبة للجمهورية الاسلامية الايرانية وماذا بالنسبة للموقف العراقي بالنسبة لهذا الوجود؟

مسجدي: انا اعرض عليكم موقف الجمهورية الاسلامية، وهو ان الاميركان لا يعيرون اي اهتمام بمصالح البلدان الاخرى، لا العراق ولا غير العراق، الاميركان يبحثون عن مصالحهم فقط فوجودهم ووجود معسكراتهم ومقراتهم في المنطقة او في اي بلد اخر ، حسب رأيي لن نجني من الامريكي سوى المشاكل والشر ، هذا هو الرأي الواضح للجمهورية الاسلامية، لكن ماذا عن دورهم في العراق فهذا يعود لسياسة العراق الخارجية، انظروا الى ما بعد استشهاد الحاج قاسم سليماني وابو مهدي المهندس أقر البرلمان العراقي قانونا بخروج القوات الاجنبية من البلاد بما في ذلك القوات الامريكية ، وهذا ما يجب ان تتابعه الحكومة العراقية، انا اعتقد ان الحضور الامريكي في العراق هو في حال انحدار وتنازل، لكن ما يقوله قانون البرلمان العراقي هو ضرورة خروج القوات الاجنبية من البلاد.

العالم: خلال فترة عملكم كسفير للجمهورية الاسلامية الايرانية في بغداد هل جرى اتصال بينكم وبين السفير الأمريكي في العراق على مختلف القضايا كالمساعدة في العراق أو حتى فيما يخص العلاقات الثنائية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكي

مسجدي: لا ، لم تتم حتى الان اي مفاوضات او اي لقاء ، وموقف الجمهورية الاسلامية هو عدم اجراء اي حوار.

العالم: لم يتم تبادل أي رسائل بشكل مباشر أو حتى بشكل غير مباشر؟

مسجدي: لم يكن بأي شكل من الاشكال.

العالم: بالنسبة للحوار السعودي الايراني كما نعلم عدة جولات عقدت هنا في العاصمة بغداد وكان للسفارة الايرانية دورا كبيرا في هذه المحادثات كيف نضجت فكرة عقد تلك اللقاءات في العراق ولماذا في العراق واين هي هذه المحادثات الان وما هو مستقبل هذه المحادثات؟

مسجدي: في البداية اشكر الحكومة العراقية والسيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي المحترم الذي بذل جهودا كثيرة لتتم المفاوضات بين ايران والطرف السعودي، وساعد في عقد خمس جولات من المفاوضات بين البلدين، مجرد ان تعقد المفاوضات في بغداد و يستضيف العراق وفدي البلدين فهذا امر مهم، الارادة السياسية اليوم في كلا البلدين ايران والسعودية مبنية على اساس حل المشاكل العالقة.

والوصول الى اتفاقات تاخذنا الى الامام وتحل المشاكل القائمة بين البلدين، المفاوضات التي تمت لاسيما في الجولة الاخيرة اي الخامسة كانت ايجابية وتوصل الطرفان لخارطة طريق مشتركة يمكنها ان تساعد في انجاح المفاوضات المستقبلية.

العالم: متى نتوقع ان تجري الجولة المقبلة للمحادثات؟

مسجدي: حسب رأيي ونظرا للسير الايجابي للمباحثات نتمنى ان نشهد في المستقبل تطورا ملحوظا فيها وان تؤدي الى عقد اتفاقيات تنفيذية بين البلدين ، قد نشهد تطورا في مستوى التمثيل السياسي الحاضر في هذه المفاوضات.

العالم: البعض يقول بان طبيعة الجولات المقبلة للمحادثات بين ايران والسعودية سوف تتحول من الملف الامني الى الملف الدبلوماسي هل هذا صحيح؟

مسجدي: لم يتم الاتفاق على تاريخ محدد لكن سيتم الاتفاق على تواريخ محددة للقاءات القادمة، لم تقتصر المفاوضات السابقة على الشق الامني فقط ، بل إن المسؤولين الأمنيين كانوا هم من تولى ادارة المفاوضات ، فلم تكن المواضيع التي طرحت امنية فقط ، قد نشهد في المستقبل تطور وتقدم هذه المفاوضات.

العالم: وهل يمكن ان يكون هذا الحوار الايراني السعودي على الاراضي العراقية نموذجا لبعض اللقاءات وحلحلة بعض الازمات على سبيل اللقاءات بين ايران والولايات المتحدة الأمريكية في الاراضي العراقية للتطرق الى بعض الازمات الاقليمية وحتى العلاقات الثنائية ؟

مسجدي: موضوع الامريكان هو موضوع آخر، ان تصبح مفاوضاتنا مع السعوديين نموذجا لمفاوضات مع الاميركان يجب البحث في هذا الموضوع ، نحن لدينا مشاكل مع الامريكان وهي ليست مشاكل جديدة ، ولا ترتبط حصرا بالملف النووي ومفاوضات فيينا، هي مشاكل قائمة منذ اربعين عاما، لذلك فان الامر يحتاج لاسلوب آخر لكن فيما يتعلق بالمفاوضات مع السعودية يمكن ان تكون هذه المفاوضات نموذجا لمباحثات مع دول اخرى، تصوروا لو قمنا بمفاوضات مع دول عربية اخرى مثل مصر والاردن والامارات وبلدان اخرى فان هذه المفاوضات تشكل نموذجا جيدا ويمكن الاستفادة من هذه التجربة ، وحسب اعتقادي فان المفاوضات يمكن ان تفتح آفاقا جديدة وتساهم في ان يسمع الطرفان كلام بعضهما البعض ، واذا توفرت الارادة لدى الطرفين لحل الاشكاليات القائمة فان الامور ستأخذ منحى ايجابيا.

العالم : السفير الايراني الجديد الذي سيحل محلكم في السفارة الايرانية سيد آل صادق هو ينتمي لنفس المدرسة التي تنتمون اليها وعمل لفترة طويلة معكم خلال الاعوام الخمسة الماضية وكذلك مع السفراء السابقين هل يعني أن السياسة الايرانية تجاه العراق سوف تكون كما كانت عليه أو ربما قد نشهد بعض التغييرات في السياسة بين العراق وايران؟

مسجدي: السيد آل صادق السفير الايراني الجديد في العراق والذي سيبدأ مهامه بعد عطلة عيد الفطر السعيد هو زميل وصديق لي منذ سنوات، كما انه كان مساعدا لي اثناء حضوري في بغداد، يمتاز بشخصية فذة ومحترمة، اعتقد انه سينجح في مهمته ، يجب ان اشير الى ان هذا التغيير هو تغيير اداري وطبيعي ، بعد فترة 5 سنوات يجب ان يتم تعيين سفير جديد ، حاله حال اي تغيير نشهده في المناصب السياسية كتغيير الحكومات والانتخابات والبرلمانات الجديدة ، فهو تغيير طبيعي ، فترة مهمتي كانت اربع سنوات لكني استمريت في عملي لعام اضافي.

المسالة الاخرى التي يجب ان اشير لها هو ان الجمهورية الاسلامية لها ضوابط محددة في علاقتها مع العراق، تغيير السفراء لن تنعكس على هذه السياسة وعلى هذه الضوابط، ان كنت انا او السيد آل صادق او اي شخص آخر فانه سيكون تابعا لتلك السياسة.

ماذا هي سياستنا ؟ سياستنا هي توطيد العلاقات، وتوثيق الأواصر فيما بيننا، ومساعدة العراق، والاستفادة من امكانيات البلدين خدمة للشعبين الايراني والعراقي، من هذا المنطلق فان سعادة السفير الجديد سيعمل ضمن هذا الاطار.

العالم: بالتزامن غيرت الولايات المتحدة الاميركية ايضا سفيرها في العراق، بعض الاوساط السياسة تفسر بان هناك ارتبط بين هذا التغيير تغيير السفير الايراني في العراق وتغيير السفير الاميركي في بغداد، هل بل فعل هناك ارتباط؟

مسجدي: لا اعتقد ان هناك علاقة بين هذين الامرين، هذا التزامن هو موضوع عادي وبسيط، استبعد ان تكون هناك علاقة بين تغيير السفير الامريكي ، فنحن نعمل ضمن سياساتنا ولا علم لي بسبب تغيير السفير الامريكي في بغداد ، لكن ان تكون هناك صلة لهذا الموضوع بتغيير سفيرنا فهذا امر غير وارد.

العالم: بالتاكيد خلال فترة خمس السنوات التي امضيتها هنا في السفارة الايراينة واجهت الكثير من الاحداث، البعض منها مرة، البعض منها صعبة وهناك احداث ربما تكون نوعا ما جيدة، ما هو اسوء خبر او حدث واجهته خلال هذه الفترة، وافضل واحلى خبر سمعته

مسجدي: اصعب حادثة شهدتها اثناء حضوري في بغداد كان استشهاد القائد الحاج قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس، هذه الحادثة كانت صعبة جدا علينا ، جريمة ارتكبها الاميركان واغتالوا قائدين من قادة الحرب ضد الارهاب وسجل التاريخ هذه الجريمة، يجب ان اشير هنا الى اننا لن ننسى للاميركيين جريمتهم هذه، وسيبقى هذا الملف مفتوحا. هذه الحادثة كانت مريرة للجمهورية الاسلامية بشكل عام وعلي انا بشكل خاص باعتباري احد الاصدقاء المقربين للشهيد سليماني، وكنت اعشقه واحبه كثيرا وكنا قد عملنا سوية على مر سنوات طوال، لذا فان هذه الحادثة كانت صعبة ومريرة.

لكن شهدت ايضا احداثا جميلة خلال فترة الخمس سنوات التي كنت فيها سفيرا في بغداد، على سبيل المثال الحضور المليوني لابناء الشعب الايراني في مسيرات الاربعين وحسن الضيافة والكرم الكبير لابناء الشعب العراقي العزيز، والمواكب، والمسؤولون، والعشائر، واهالي مدينتي كربلاء والنجف، والخدمات التي قدموها بدء من المناطق الحدودية وصولا الى باقي مناطق العراق، هذه الظاهرة هي مؤشر على اواصر اجتماعية متينة وقوية مبنية على اساس حب ومودة اهل البيت عليهم السلام وسيدنا ومولانا الامام الحسين عليه آلاف التحية والسلام، هذه الظاهرة كانت رائعة شهدناها خلال سنوات عديدة رغم بعض التلكؤ اثناء جائحة كورونا والتي لم تؤثر على زيارة الاربعين فحسب بل اثرت على العالم اجمع، واعتقد انه نظرا لتقلص عدد الاصابات فاننا سنشهد زيارة عظيمة هذا العام.

العالم: من بين الإنجازات التي تحققت خلال فترة مسؤوليتكم هو موضوع إحياء اتفاقية الجزائر 1975 هل يمكن ان تعطينا تفاصيل اكثر بهذا الخصوص، أهمية هذه الاتفاقية؟

مسجدي: اتفاقية عام 1975 في الجزائر وهي اتفاقية مهمة جدا بين ايران والعراق وتم اعتمادها من قبل الامم المتحدة واستطاعت حل الكثير من المشاكل التي كانت من رواسب الماضي ، المؤسف ان صداما خرق هذه الاتفاقية من طرف واحد، وكان يتصور انه يستطيع ايذاء الجمهورية الاسلامية، لكنه واجه ما واجه، بعد سقوط صدام واثناء تولي الدكتور عادل عبد المهدي منصب رئاسة الوزراء وزيارة الدكتور حسن روحاني الى بغداد، صدر بيان مشترك يؤكد التزام البلدين بهذه الاتفاقية، كما تمت مباحثات معمقة حول القضايا الاخرى كقضية الحدود و ميادين الالغام و موضوع شط العرب وقضايا اخرى ساهمت في توطيد العلاقات بين البلدين.

العالم: موضوع الجفاف الذي يعاني منه العراق وايضا ايران تعاني من الجفاف لكن البعض يحاول استغلال هذه الظروف وتوجيه التهم الى ايران، بأن ايران تغلق انهارها عدت سدود على الحدود العراقية ادت الى مشاكل مائية في العراق كيف تردون على هذه الاتهامات؟

مسجدي: نعاني لسنوات عدة من معضلة الجفاف ليس في ايران والعراق فحسب، بل في كل المنطقة، المؤسف ان قلة الامطار والجفاف أثرا على مستوى المياه في الانهار وكذلك المياه الجوفية، نحن في المنطقة نواجه شحة في المياه، في ايران وكما تعلمون فان نهر كارون مثلا، او نهر كرخه او زاينده رود والانهار الاخرى في المناطق الحدودية والمركزية لايران كلها تعاني من الجفاف وشحة المياه، فيما يتعلق بايران والعراق فهناك قوانين ومعاهدات دولية تنظم تقسيم المياه فيما يتعلق بالأنهر الحدودية، ايران تتعهد بشكل كامل بالالتزام بهذه المواثيق والمعاهدات الدولية.

ايران لن تستولي على المياه او تقلل حصة العراق من المياه لكن المشكلة هي قلة الامطار والجفاف، فلا يمكن ان نقوم نحن بمنع دخول المياه الى العراق، او نغير مسار المياه ، هذا كلام غير منطقي ، لطالما اقترحت انه بدلا من الكلام في الاعلام علينا الجلوس على طاولة الحوار، وهذا ما يقوم به مسؤولو البلدين في كل الملفات الاخرى ، يجب البحث عن طرق وآليات لحل هذه الاشكاليات ، هنا ايضا يجب ان يجلس الجميع على طاولة المفاوضات ويضعوا حلولا لمشكلة شحة المياه والجفاف، ما الذي يجب ان نقوم به وماذا عن الجانب العراقي، اصدقاؤنا في ايران والعراق هم خبراء في هذا المجال، لذلك بدل توجيه الاتهامات وتسييس مثل هذه الملفات والقاء المشكلة على عاتق الاخرين يجب ان يركن الجميع للمفاوضات، ليقم الطرف العراقي بتوجيه الدعوة للمسؤولين الايرانيين او ليتم العكس لبحث الآليات الفنية والتقنية لحل هذه المشكلة.

العالم: العراق الیوم لیس کما کان عنچما تسلمت مسؤولية السفارة في عام 2017، حدث الكثير من المتغيرات على الساحة العراقية، برأيك كيف سيكون العراق في المستقبل واين هو حاليا العراق، واين هو حاليا وفي المستقبل وما هي رسالتكم للقادة السياسيين وكذلك قادة القوى السياسية العراقية؟

مسجدي: عراق المستقبل حسب وجهة نظري هو عراق متطور ، القادة السياسيون بتوحيد كلمتهم ومودتهم يدا بيد سينهضون بالعراق نحو التطور والتقدم، كلما تطور العراق من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فان الجمهورية الاسلامية ستكون فرحة ومسرورة بذلك، نظرة ايران للعراق هي نظرة العراق الموحد المستقل القوي والمتطور، الجمهورية الاسلامية هي صديقة العراق الحقيقية ودائما تتمنى التطور والتقدم للعراق ، لذلك ونظرا للدخل القومي في العراق ونظرا للوضع الاقتصادي وبيع النفط والامكانيات المتوفرة في هذا البلد ووجود العلماء والمتخصصين وجيل الشباب ، فان للعراق كل مؤهلات ومقومات التطور والتقدم.

أنت سألتني عن نصيحتي للعراقيين، انا لا يمكنني ان اقدم النصائح، انا اصغر من ان افعل هذا، لكن يمكنني ان اتمنى من كل المسؤولين والسياسيين العراقيين ان يتوحدوا وان يخدموا هذه الارض المقدسة وهذا الشعب الأبي ، وأن ياخذوا البلد الى حيث التطور والازدهار، العراق يحتاج الى جهد جبار ، هناك الكثير من المشاكل ، يجب خدمة هذا الشعب وبناء هذا البلد وبذلك يمكنهم ان يبنوا عراقا قويا متطورا ومرفها.

العالم: ما هو أهم انجاز حققته برأيك خلال هذه الفترة؟

مسجدي: لقد حصل تطور مهم في العديد من القضايا والملفات، في الجانب الاقتصادي والتجاري والجانب السياسي، العلاقات والتبادلات المصرفية، الشؤون الاجتماعية والثقافية والجامعية، لذلك وعلى مدى هذه الاعوام الخمسة كانت علاقات البلدين في تطور مستمر، طبعا يجب ان يقيم الآخرون ما تم خلال هذه السنوات لكن تقييمي هو ايجابي جدا.

العالم: ما هو العمل أو المهام التي تتطلع اليها في المستقبل بعد مغادرة السفارة؟

مسجدي: يجب ان اعود الى طهران وبعد فترة قصيرة من الراحة، سأكون في خدمة بلدي العزيز كجندي وفي وان يكون لي شرف خدمة وطني وشعبي ، ليس لدي فكرة عما سأفعله بعد العودة الى طهران ، يجب علي العودة ونحن نأتمر بأوامر مسؤولينا وسأكون حيث القدر الالهي.