"دعم مستقبل سوريا والمنطقة".. الغرب يتابع تسييسه المقرف للأزمة

الأحد ٠٨ مايو ٢٠٢٢ - ١١:٥١ بتوقيت غرينتش

مازال الغبار المثار حول المؤتمر السادس لـ"دعم مستقبل سورية والمنطقة"، المنعقد في بروكسل في 9 و10 مايو/أيار الحالي، لم ينجل بعد، هذا الغبار الذي اثارته زوابع التصريحات الخارجة من كهف التمنيات السياسية، وصولا الى امنيات تتعلق ببعض المتوهمين يمنون بها النفس، وفي النهاية سيعود الجميع الى قواعدهم بعد المؤتمر، لتبدأ مرجلة جديدة من النحيب السياسي، وليشعل المعارك الهامشية والمفتعلة على الزوايا التي علقت في المؤتمر كما حدث في نسخه السابقة. 

العالم - كشكول

الغريب في هذا المؤتمر ان الهدف المعلن له هو مواصلة دعم السوريين في بلدهم والمنطقة، إلا أن بروكسل قررت هذه المرة الذهاب أبعد من ذلك وعدم توجيه الدعوة لحضور الفعالية إلى المسؤولين السوريين او الروس والاكتفاء بحضور الأمم المتحدة على مستوى الخبراء فقط، وانزلاق منظميه الى التسييس للقضايا الإنسانية، حيث تتنوع الافتراضات عشية عقد هذا المؤتمر، وتترافق مع رهانات في اتجاهات عديدة، والجميع من الذين يشاركون فيه، لا يأخذون بعين الاعتبار ان الفاصل بين افتراضاتهم ومطالبهم، وما يليها، لا يتطابق أصلا مع المساحة المستجدة في التطورات السياسية والميدانية في سوريا، وحتى الإقليم والعالم، وهنا نستدل بما قاله ما يسمى برئيس الائتلاف المدعوم من تركيا، إنه سيقدم " ملفاً يشمل مسائل عديدة، وفي مقدمة هذا الملف ما يتعلق بالعملية السياسية وتحديداً مفاوضات اللجنة الدستورية"، لتتضح الرهانات التي لا تنطبق مع معادلات سياسية تتدخل فيها عوامل داخلية وخارجية، وما يميز كل تلك التحضيرات والتصريحات انها لا تتسق مع الفهم الحقيقي، لدور كل طرف مشارك بهذا المؤتمر ومساحته، ما يجعل كل من يدور في الفلك الأمريكي، ينتابه حالة من التورمات الناتجة عن الخطأ بالحسابات السياسية، وسوء تقدير للممكن، حيث يرشح عن الترتيبات لهذا المؤتمر بنسخته السادسة، محاولة الإدارة الامريكية التعويل على مخرجات تكون لها انعاكسات مباشرة على سوريا والإقليم، والتشويش على كل إنجازات الدولة السورية فيما يخص عودة اللاجئين، والاتصالات التي تجريها مع بعض الدول لتسهيل وصولهم الى قراهم ومدنهم، بالإضافة الى تعطيل عملية إعادة الاعمار، والتزامن هنا ليس بريئا مع قرار الدولة التركية إعادة مليون لاجئ سوري الى مخيمات بنتها على الحدود السورية التركية، وافتتاح احد تلك المخيمات بالقرب من مدينة سرمدا في ريف ادلب، ما يعني ان الاجندات من هذا المؤتمر لا تقتصر على الوضع السوري بل تتعدى ذلك الى الوضع الإقليمي، واستحضار العامل الجغرافي الذي يتعلق بدول الجوار التي باتت تتسول المال في هكذا مؤتمرات، واستغلال قضايا إنسانية، في محاولة من الأمريكي والاوربي، وبعض دول الجوار السوري، ملئ الفراغ الذي بدأ الجميع يتلمسه بسبب انقسامات المعارضة الخارجية، وقرب انتهاء دور المجموعات المسلحة في ادلب وشمال شرق البلاد، ما يعني محاولة جديدة لإعادة التموضع السياسي الأمريكي، وإعطاء مساحة أوسع للأدوات الامريكية في المنطقة، بعد شعورها بالعجز الكلي امام الإنجازات السياسية والعسكرية والإنسانية التي حققتها الدولة السورية والحلفاء.

ان المراجعة البسيطة لنتائج مؤتمر بروكسل 5 الذي أقيم في نهاية مارس/آذار الماضي انتهى بتعهد الدول تقديم 6.4 مليارات دولار لصالح دعم جهود المساعدات الإنسانية في سورية ودول اللجوء، وهو دون المبلغ الذي طالبت به الأمم المتحدة والبالغ 10 مليارات، بالتزامن مع تصريحات تؤكد ان عدد كبير من الدول لم تلتزم بالمبالغ المترتبة عليها. هذه المراجعة تؤكد ان ما يجري فيه هو تسلق للمشهد الانساني، ما يتناقض مع العرف السياسي والعمل الإنساني، وكل ذلك من اجل ان تساهم تلك التبرعات برفع قدرة الدول ذات الوظيفة عند الأمريكي، بأداء دورها المطلوب، الا ان النقاشات والتداعيات والتفرعات المتصلة بمؤتمر بروكسل، تؤكد انه لم يعد مجديا، وانه بات مشهد لهزيمة جديدة، مسجلة باسم الولايات المتحدة الامريكية واتباعها من اوربيين ودول إقليمية، وهو للتغطية على خيباتهم وخيبة المنظومة التي يمثلوها.

إن الغرب الذي ببذل قصارى جهده بغية منع عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، تسعى بعض دوله من خلال قضية اللاجئين والدعم الإنساني، الى ترميم موقعها السياسي، والتماهي مع التغول الأمريكي ان كان عبر التجاذبات السياسية او الاقتصادية، ما يزيد الخشية من استلاب للقرار السياسي الحر، الذي تعانيه دول تدعي انها كبرى، ومازالت تحاصر الشعب السوري وتمنع انطلاق عجلة إعادة الاعمار بشكل واسع.

كلمات دليلية :