فشل لخريطة الطريق الليبية بعد 18 شهراً من تنفيذها

فشل لخريطة الطريق الليبية بعد 18 شهراً من تنفيذها
الأربعاء ١٥ يونيو ٢٠٢٢ - ٠٨:٤٥ بتوقيت غرينتش

أسبوع فقط يفصل عن نهاية صلاحية خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي التي صاغت شكل الحياة السياسية في ليبيا، خلال السنة والنصف سنة الأخيرة، من دون أن يتم تطبيق أبرز بنودها، بفعل الانقسامات السياسية والعسكرية وتعدد السلطات.

العالم - ليبيا

ولا يملك أي طرف ليبي، حتى اليوم، معلومات كافية عما سيحدث بعد 22 يونيو/حزيران الحالي عقب تعثر إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها وتعثر وضع حد للفترة الانتقالية. كما لن تكون واضحة آلية التعاطي مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في ظل وجود حكومة موازية مكلفة من مجلس النواب يقودها فتحي باشاغا وتمارس مهماتها من سرت بعد تعثر دخولها إلى العاصمة.

وتتجه الأنظار إلى الاجتماعات اللليبية المستمرة في القاهرة، التي تعد بمثابة فرصة أخيرة، لمعرفة ما إذا كانت اللجنة الدستورية المشتركة المكونة من 24 عضواً، بالمناصفة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، ستتمكن في جولتها الثالثة والأخيرة، من إيجاد مسار دستوري يفضي إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي أم أن الإخفاق سيستمر لتكون البلاد أمام سيناريوهات مفتوحة في مقدمتها الفوضى.

فما الذي تحقق من هذه الخريطة؟ وإلى أين وصل المشهد مع اقتراب نهايتها؟ جاءت خريطة الطريق على أنقاض حرب العاصمة طرابلس، التي تعد من أكبر الحروب في البلاد، وامتدت لعام ونصف العام، منذ أطلقها اللواء المتقاعد خليفة حفتر بشكل فجائي في إبريل/نيسان 2019، بدعم من دول إقليمية، في مقدمتها مصر، والإمارات. كما كشفت الحرب عن وجود دعم دولي، تمثل في مقاتلين يتبعون شركة "فاغنر" الروسية للمرتزقة، ودعم فرنسي أيضاً.

على الطرف الآخر استعانت حكومة الوفاق الوطني في طرابلس بتركيا، بعد توقيع اتفاقية ذات شقين، أمني وبحري. ومكّن الشق الأول أنقرة من تقديم الدعم العسكري المباشر لقوات الحكومة، الأمر الذي زاد من توسع رقعة تشابك الصراع الليبي مع مصالح دول أخرى، مثل اليونان وقبرص، بالإضافة إلى استعانة الطرفين بمرتزقة سوريين، وأفارقة انعكس استخدامهم على أمن المحيط الأفريقي، وخاصة في تشاد.

حرب حفتر أدت لانخراط دولي واسع

وترتب على الحرب، التي طال أمدها بين كر وفر، انخراط دولي واسع، كان أبرز تجلياته اجتماع عدد من قادة الدول الكبرى في مؤتمر برلين الأول، في يناير/كانون الثاني 2020، والذي مهد الطريق لأولى التفاهمات الليبية.

وتزامن لقاء الأطراف الدولية المعنية بالملف الليبي في مؤتمر برلين الثاني، في يونيو/حزيران 2021، مع توقف القتال عند حدود مدينة سرت، بعد انهيار قوة مليشيات حفتر وتراجع سيطرتها بعيداً عن محيط طرابلس.

وكان من أبرز نتائجه التركيز على ثلاثة ملفات: سياسي هدفه تنظيم انتخابات عامة تُغيِّر الأجسام السياسية، وأمني لوقف نهائي لإطلاق النار وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، واقتصادي. وتم وفقاً لذلك تشكيل لجان مختصة، أبرزها اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" التي تضم 5 ضباط من طرفي الصراع في شرق البلاد وغربها.

مع نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2021 وقعت اللجنة العسكرية اتفاق وقف إطلاق النار. ورغم تنفيذ عدد من بنوده، كفتح الطريق الرابط بين شرق وغرب البلاد، وتبادل المحتجزين من الطرفين، إلا أن باقي بنوده استعصت على التطبيق، وأبرزها إجلاء المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وتفكيك المجموعات المسلحة، وإعادة دمجها بمؤسسات الدولة.

وكانت الأمم المتحدة ركزت جهودها على المسار السياسي، بسبب الانسداد العميق الذي نتج من وجود جسمين تشريعيين: مجلس النواب المنتخب في العام 2014، والمجلس الأعلى للدولة (المؤتمر الوطني العام السابق، والمنتخب في العام 2012)، وحكومتين، هما الوفاق الوطني في طرابلس، وتلك المنبثقة عن مجلس النواب في شرق البلاد.

ولاختراق جدار الانسداد السياسي الصلب، خصوصاً بين المجلسين، شكلت البعثة الأممية في ليبيا نهاية 2020، ملتقى للحوار السياسي من 75 عضواً، يمثل المجلسان ثلثهم، مع طيف سياسي واجتماعي.

وتم بعد عدة اجتماعات بين تونس وجنيف إنتاج خريطة طريق في نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وأبرز نتائجها الاتفاق على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية. ولتمهيد الطريق إليها، اتفق أيضاً على تشكيل سلطة تنفيذية، تعمل على معالجة قضايا بسط السيادة الوطنية على كامل الأراضي الليبية، وإنهاء الوجود الأجنبي، وتوفير الأمن للمواطنين، وإنهاء حالة النزاعات المسلحة، وتوحيد مؤسسات الدولة، وتحرير القرار السيادي الوطني.

كما تم الاتفاق على أن تعمل السلطة التنفيذية على تحسين الخدمات والأداء الاقتصادي، وتطوير عمل مؤسسات الدولة، فضلاً عن إطلاق مصالحة وطنية شاملة، والالتزام بالوسائل الديمقراطية في إدارة التنافس السياسي، ورفض اللجوء للعنف، والقبول بمبدأ التداول السلمي للسلطة، والالتزام بقواعد النزاهة والشفافية في الانتخابات، والإقرار بنتائجها.

وتم الاتفاق على تطبيق مخرجات الملتقى في مدة لا تزيد على 18 شهراً، على أن تجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية وفق الاستحقاق الدستوري، في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.

تصنيف :
كلمات دليلية :