الانزال الامريكي في ريف حلب مسرحية مكررة واهداف متجددة

الانزال الامريكي في ريف حلب مسرحية مكررة واهداف متجددة
السبت ١٨ يونيو ٢٠٢٢ - ٠٦:٠٥ بتوقيت غرينتش

مشهد من الفيلم الاميركي الطويل في منطقتنا، ومكان التصوير وتنفيذ السيناريو كان ريف حلب الشمالي بالقرب من مدينة جرابلس، انه الكذب الأمريكي المرسوم بدقة للتضليل الإعلامي، والتجسيد الحقيقي لمعارك الدونكيشوت مع طواحين الهواء، لكن عبر الطائرات المروحية ومسلحي قسد، انه باع طويل في اختلاق الفوضى وفرض اسراتيجيات تخريبية تستخدم كل وسائل الحرب والخراب والكذب، ولا تراعي بشرا ولا حجرا ولا عقلاً. 

العالم - كشكول
الجزء الجديد من الفيلم الأمريكي المسمى كذباً "مكافحة الإرهاب"، جاء بالتعاون مع قسد الشريك الدائم للقوات الامريكية، حيث اعلن عملية إنزال جوي للقوات الأمريكية في إحدى قرى مدينة جرابلس السورية الحدودية مع تركيا، والمستهدف في العملية في قرية حيمرة ريف جرابلس زعيم إرهابي كبير، وأوضحت مسؤولة في التحالف لاحقاً أن اسم القيادي المعتقل هو هاني أحمد الكردي، ويُعرف بأنه "والي الرقة"، بحسب بيان القوات الامريكية.

ان هذا الخبر لم يتصدر جدول اعمال وسائل الاعلام، الا من باب التحليق الاستطلاعي في فضاء الكذب الأمريكي، وضمن ما يعرف بتكبير حجر الإنجاز، حيث تباينت ردود الفعل والتخمينات حول الفيلم الهوليودي الأمريكي، وارتفعت وتيرة التكهنات لأبعاد وخفايا هذا الانزال، في توقيت يبدو مقصودا بحد ذاته، وربما العنصر الأساسي المهم في الانزال هو العمل خارج نص الاحداث الجارية في المنطقة، خصوص مع التهديدات التركية لعدوان جديد، والذي هو بالأصل خارج سياق اهتمامه.
من الضروري ان نتفق ان ما تقوم به القوات الأميركية ليس بريئاً، ولا يمكن أن يكون كذلك، وفي القراءة التحليلية لهذه العملية الامريكية، تتأكد امامنا ان ما تقوم به الولايات المتحدة وقسد، ما هو الا اللعب في الوقت المستقطع، والتمترس خلف حواف ازمة منزلقة قد تصل الى مستوى الحرب، فالمعلومات الواردة – ولم نستطع ان نؤكدها من مصدر مستقل – تؤكد ان ما جرى هو ضمن لعبة يتقاسم فيها مسلحو قسد والقوات الامريكية دور البطولة والتنفيذ، حيث تقوم قسد باعتقال مدني من مناطق سيطرتها، ومن ثم تطلق سراحه بمبررات قانونية منها الكفالة المالية او كفالة الإقامة، ومن ثم تبدأ بالتضييق عليه، وترسل له التهديدات انها ستعتقله من جديد او تصفيه، وتدفعه للخروج من مناطقها الى مناطق سيطرة المجموعات المسلحة التابعة لتركيا او جبهة النصرة، ومن ثم تزود القوات الأمريكية باسم الشخص ومكان اقامته ومعلومات استخبارية عنه، انه جزء من منظومة ما، ممكن الإرهاب او ممكن ان يكون داعم وممول او أي تهمة أخرى ويجري التنسيق لتنفيذ عملية عسكرية امنية بحق هذا الشخص، وبحسب مصادر، فأن هذا الأمير " الداعشي المزعوم والذي تم اعتقاله في الانزال الجوي، تؤكد مصادر محلية انه كان معتقلا عند ما يسمى بالتحالف الدولي، ومن ثم قسد، وتم اطلاق سراحه في وقت سابق، ومن ثم انتقل هو وعائلته للعيش في مناطق سيطرة المجموعات المسلحة التابعة للجيش التركي، وكان يعيش باسمه الحقيقي وشخصيته الحقيقية وبدون أي إجراءات تخفي، وكان يعمل في بيع المحروقات في تلك المنطقة، أي انه شخص معروف، وتحدثت المصادر حول علاقته بتنظيم داعش، ان ذلك الأمير المزعوم لم تكن له علاقة تنظيمية مع داعش، بل كان والده احد الإرهابيين ويسمى بالشرعي الأول في الرقة، وان والد المعتقل كان قد قتل في غارة أمريكية بوقت سابق في مدينة الرقة، ولو كان هذا الأمير المزعوم إرهابي، لماذا اطلق سابقا من سجون ما يسمى بالتحالف او قسد، كل ذلك بحسب المصادر، الا ان القرائن الأخرى المتداولة، تؤكد التنسيق مع التركي، والاستفادة من المجموعة المسمى ب " الجبهة الشامية" لتنفيذ هذا الانزال، وهذا ما يفسر احد أسباب الاشتباكات الدائرة في هذا التوقيت مع ما تسمى بالجبهة الشامية في ريف حلب الشمالي، ومحاولة انهاء وجودها بعد افتضاح امر التنسيق الأمريكي وقسد مع الاتراك عبر الجبهة الشامية في ريف حلب الشمالي، وبين المعلن والمخفي، يبقى الواضح تماما ان هذا الحماس الأمريكي للإعلان عن هذا الانزال بهذه الطريقة، لا يأتي من فراغ، بل هو ضمن الدعاية الامريكية لاحتلالها لاجزاء من سوريا، ولتبرير بقائها فترة أطول، وديمومة الفوضى، واطالة امد الحرب، تحت ذريعة محاربة الإرهاب، التي توكل واشنطن الأدوار فيه لداعش او لجبهة النصرة، للاستمرار باستهداف الدولة السورية امنيا وعسكريا واقتصاديا.

إن الولايات المتحدة الامريكية التي تدعي انها تواجه الإرهاب، اين هي بالفعل من الإرهاب المنظم الذي يتطلق بمسميات مختلفة في الشمال السوري، ويصول ويجول على مرأى من أعينها، ولم تحرك ساكناً، بل فرض على مجموعة دول تدور في فلكها، تمويل وتسليح وحتى رعاية تلك المجموعات، وما جرى كان مسرحية هزلية بإخراج سيء وغير مهني، لكن ما نقراه منه هو محاولة أمريكية بائسة للاستفادة من الاضطراب في الشمال، واللعب على تخوم الوقت الذي يحدده اردوغان لبداية عدوان جديد، ليقول للجميع ان الأمريكي موجود في الساحة والجغرافيا، وبالذات بعد استخدامه للقاعدة في منطقة خراب عشك بريف حلب، لهبط الطائرات المروحية قبل عملية الانزال بساعتين والاقلاع منها لتنفيذ تلك العملية.

ان الشكوك الواضحة تلك كانت الأبرز في سياق ردود الفعل المختلفة على الاستعراض الأمريكي، فيما يسمى بملاحقة الإرهاب، وهو الراعي الرسمي له انطلاقا من قاعدة التنف حتى اخر حدود العالم، وعلى جميع الدول والمجموعات التي تدور في فلك الأمريكي، ان لا تراهن عليه كثيراً، فأبناء اليانكي يستثمرون بمخلفات الفوضى في سوريا وخارجها، من بيته وارتباطه بالامريكي من زجاج فليتعقل.

*بقلم حسام زيدان