ترسيم  على وقع رسائل المقاومة المسيّرة

ترسيم  على وقع رسائل المقاومة المسيّرة
الإثنين ٠٤ يوليو ٢٠٢٢ - ٠٨:١٦ بتوقيت غرينتش

أربك صوت الطائرات المسيّرة التي أرسلتها المقاومة فوق حقل كاريش العدو الصهيوني ومن خلفه الوسيط الأمريكي، وطغت الرسالة التي وجهتها للداخل والخارج على ما سواها من ملفات.

العالم - لبنان

وكتبت صحيفة الاخبار اليوم الاثنين إرسال ثلاث طائرات مسيّرة غير مسلحة باتجاه حقل كاريش، على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، ليس حدثاً آنياً ينتهي مع نهاية الحدث نفسه، ولا يشبه أياً من العمليات التي نفّذها حزب الله ضد العدو في السنوات القليلة الماضية، سواء في ما يتعلق بالدافع، أو بالظرف المرافق، أو بالغاية النهائية منه.

عبارة وصلت الرسالة، كما وردت في بيان حزب الله الذي تبنّى فيه إرسال الطائرات الثلاث، تختصر التحليلات. لكن ما هي الرسالة، وما هو موجبها، وإلى أين تريد أن تصل؟ أكثر من سؤال بات مطروحاً على طاولة البحث في واشنطن وتل أبيب، عن أصل الحدث وعن رسائله.

من الواضح للجميع الارتقاء في رسائل حزب الله، من الموقف السياسي المعلن والحازم إلى خطوات عملية ولو بالحدّ الأدنى.

كذلك يبدو أن ما فرض هذه الخطوة التصعيدية، المحدودة، هو مسار مفاوضات الترسيم برعاية الوسيط الأميركي، والذي باتت تل أبيب وواشنطن فيه رهينتين للحسابات الخاطئة ولأطماع زادت عن حدها.

ويمكن التقدير أن مسار المفاوضات ونتائجها الآنية، أو تلك التي يدفع باتجاهها العدو والوسيط، لم تعد تسمح لحزب الله بالامتناع عن إرسال رسائل تحذير، عملية هذه المرة، كي يكف الجانبان، الإسرائيلي والأميركي، عن الحسابات الخاطئة التي قد تقود - بل تقود - إلى خيارات متطرفة.

أما في النتائج المباشرة لتسيير المسيّرات الثلاث، فيمكن إيراد الآتي:

أولاً، على "إسرائيل" من الآن أن تخفض سقف اطمئنانها المبني على توقع أن حزب الله لن يجرؤ على تحويل موقفه السياسي إلى خطوات عملية.

ثانياً، رهان العدو والوسيط على أن الأزمة المالية والاقتصادية عامل كابح وضاغط على حزب الله، بات متضعضعاً، إن لم يكن قد تبدّد.

ثالثاً، بيّن تسيير المسيرات عقم رسائل التهديد التي أطلقها قادة العدو أخيراً ضد حزب الله ولبنان، وتحديداً عن وزير الأمن بني غانتس ورئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، وهي تهديدات لم تؤثر في قرار حزب الله، بل حفّزته أكثر للمبادرة.

رابعاً، تبديد نظرية استغلال أزمات لبنان ودفعه لـقبول أي شيء يعرض عليه. وهي نظرية الوسيط الأميركي التي أعلنها جهاراً، ويبدو أنه عمد بمعية العدو إلى دفعها على طاولة المفاوضات، أو «طاولة الفرض» كما تريدها "إسرائيل".

وأياً يكن الأمر، فإن مبادرة حزب الله من شأنها تعزيز الموقف الرسمي اللبناني المفاوض، أي موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، علماً أن معظم البقية يتمايلون للانزياح لإرادة الأميركي. وفي محصلة النقاط المثارة هنا، سيكون العدو معنياً بأن يبحث جيداً في رسالة حزب الله: هناك سقوف لا يمكن القبول بها. فهل وصلت الرسالة؟ وكيف سيكون الرد عليها؟

ردود الفعل لدى المسؤولين الإسرائيليين، كما لدى الخبراء، تسمح بتلخيص الموقف الإسرائيلي على الشكل الآتي:

على المستوى الرسمي جاء موقف وزير الأمن مطابقاً لما عاد وقاله رئيس الحكومة الجديد يائير لابيد الذي لم يغيّر كثيراً من العبارات. فقد حذر الجانبان من إرباك المسار التفاوضي. واعتبر غانتس أن إرسال المسيّرات «يقوّض المفاوضات والاتفاق الذي يتبلور، ما يؤكد حقيقة التوجه لفرض الإرادة وإعطاء لبنان فتات الثروة الغازية، وهو التفسير أكثر معقولية من تفسير آخر قيل إنه يتعلق بخشية "إسرائيل" على مسار المفاوضات لذاتها. والمعنى استطراداً: خطوة المسيّرات هي بدء رد مقابل على خطة العدو و«الوسيط» لفرض حل بعيداً من مصلحة لبنان.

بات العدو، كما يفهم من المواقف الرسمية أو تلك التي وردت على لسان الخبراء والمراسلين والمصادر، أمام خيارات عملانية متعددة، وهي كلها تحت سقف الرد المباشر في لبنان نتيجة الخشية من التداعيات، وكما يرد في التعبيرات العبرية: «"إسرائيل" تدرك أنه في مقابل حزب الله لا يمكن للجيش الإسرائيلي الرد بشكل واضح وعلني لأن المسألة معقدة.

بدّدت المسيّرات نظرية الوسيط الأميركي باستغلال أزمات لبنان ودفعه لـقبول أي شيء يعرض عليه ويمكن اختصار مروحة الرد غير المعقدة بثلاثة خيارات:

أولاً، اللارد لأنه لم يحدث أي ضرر. لكن اللارد سيؤدي إلى تشجيع محاولات مماثلة من حزب الله في المستقبل.

ثانياً، الرد. على البنية التحتية لحزب الله في سوريا، وهو ما سيظهر أننا غير معنيين (خائفون) من المهاجمة في لبنان.

الرد: بـحرب الوعي سيبرانياً، لكن هذا الرد أيضاً سينظر إليه على أنه تعبير عن موقف "إسرائيل" ضعيف.

المصدر - صحيفة الاخبار