مبادرة سرقة موصوفة للنفط السوري

مبادرة سرقة موصوفة للنفط السوري
الخميس ١٤ يوليو ٢٠٢٢ - ٠٦:٢٦ بتوقيت غرينتش

مع استمرار العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والحاجة العالمية للطاقة، والقلق الأوربي الأمريكي من اقتراب موعد فصل الشتاء، يأتي دور منطقتنا في حسم الصراع على امدادات الطاقة، ويقفز الى الواجهة النفط السوري كجزء من البديل للقارة العجور، بالرغم من الصراع المحتدم في شمال شرق البلاد المنطقة الغنية بالنفط، وازدياد معاناة السوريين نتيجة قانون قيصر، وشبه انعدام بالمشتقات النفطية.

العالم- كشكول

الاشتباك العسكري الذي هدأ في شمال شرق سوريا، سمح لواشنطن باستغلال ثروات تلك المنطقة، في محاولة فرض ثقلها في أي حراك سياسي او اقتصادي او اجتماعي هناك، بل وصل الامر بأن تعمل على الضغط على دمشق، من خلال حرمانها من ثرواتها الباطنية، ليشكل النفط السوري مادة متجددة في الصراع القائم أصلا، ومع وصل العجوز الأمريكي بايدن الى المنطقة، والانطلاق فيها من زيارة الكيان المؤقت، ليشغل بيده عنفة ضخ النفط والغاز الى اوربا، كانت دوائر الاستخبارات البريطانية والأمريكية تخطط الى سرقة النفط السوري بشكل مختلف هذه المرة، حيث تؤكد مصادر إعلامية ان شركة الطاقة البريطانية "Gulfsands Petroleum" قدمت مبادرة تحمل اسم (النفط مقابل الغذاء) وتهدف بحسب عضو الشركة، جون بيل إلى عودة شركات النفط الدولية للعمل في سورية، مع إيداع عائدات مبيعات النفط في صندوق يُدار دولياً بإشراف الأمم المتحدة. وتدعو المبادرة إلى حرمان الدولة السورية من عائدات النفط، ودعت إلى استخدام عائدات النفط السوري لتمويل مشاريع إنسانية واقتصادية وأمنية في مناطق خارج سيطرة الدولة. هذه المبادرة، طُرحت على البيت الأبيض ووزارتي الخارجية الأميركية والبريطانية وتتم حالياً مناقشتها، واكدت المصادر الإعلامية انها ستتوافق مع العقوبات المفروضة على الدولة السورية، وأنها صُممت لتشابه مبادرات سابقة عُمل بها في دول خاضعة للعقوبات، مثل العراق.

اذا هي مرحلة متقدمة من السرقة الموصوفة، بعد مراحل عديدة تدرجت فيها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا، بسرقة وحرمان الشعب السوري من ثرواته الطبيعية، وبالذات في المناطق شمال شرق البلاد، فمنذ الأشهر الأولى للحرب التي فرضت على البلاد، سارت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة على درب العقوبات الاقتصادية، وكان تركيزهم كله على قطاع الطاقة، وتحديداً النفط ومشتقاته والكهرباء، وبعدها ضيق الخناق اكثر عبر قانون قيصر، بالرغم من ان المجتمع الدولي يدرك ان تلك العقوبات انعكاسها المباشر على المواطن السوري، والذي تركه بدون مقومات حياة، وجعل اكثر من 85% منهم يعيشون في دائرة الفقر، بحسب بيانات الأمم المتحدة، والان بدأت المرحلة الأخرى بعد سرقة عدة صهاريج من هنا وهناك، الى وضع اليد بشكل كامل على ابار النفط وحقول الغاز.

المشروع الذي قدمته الشركة، يقوم على إعادة تفعيل الشركات الأجنبية للاستخراج والتنقيب، ما يعني ان عقوبات قيصر هي حالة هلامية، لا تملك حدود وحجم، بل تتشكل بحسب الحاجة الامريكية والغربية، هذه الشركات كانت قد شملها قرارات العقوبات الاوربية والأمريكية منذ عام 2011، يومها عند توقفها عن العمل أعلنت انها تحت سلطة "قوة قاهرة" باعتبار هذه العقوبات تمنعها من العمل، وكذلك تم توقيف أعمال الاستكشاف والتنقيب عن النفط، ما ترك تأثيره على الاقتصاد السوري، لتأتي هذه المبادرة لتشكل تطور طبيعي للحصار المفروض على الشعب السوري، وجزء من سلسلة إجراءات وقرارات، سينتج عنها مأساة إنسانية حقيقية نتيجة استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية، والمستفيد الوحيد هو دول الاتحاد الأوربي وامريكا، التي ستتزود بكمية من النفط والغاز، ومن ثم ستغطي نفقات قواعدها في المنطقة عبر الصندوق المذكور، وكل ذلك سيدور في دوامة العقود التي ستوقع مع المستثمرين بعد رفع العقوبات عن الشركات، ما سيخلق بيئة حقيقية لانتشار الفساد والمحسوبيات والسرقات، كما حدث في المشروع العراقي من قانون النفط مقابل الغذاء والتي لم تنتهي فصولها الى الان، بالإضافة الى ذلك ان كل ما تقوم به أمريكا يجلب الدمار على شعوب المنطقة، بدلا عن والازدهار الاقتصادي المفترض، فالولايات المتحدة الامريكية التي دمرت قطاع النفط السوري عبر العقوبات المتتالية من بداية الحرب حتى قيصر، وقضت على القطاع الزراعي والصناعي، ودفعت المجموعات المسلحة لتدمير البنى التحتية للدولة، ودمرت هي بطائراتها ما لم يدمره الارهابيون، تأتي بهذه المبادرة، بعد تدمير العمود الفقري لسوريا، لتستكمل بالسيطرة على المقدرات الاقتصادية التي من شانها ان تنقذ البلاد في مرحلة أعاد الاعمار.