عودة المدنيين في السودان ليست أولوية أميركا.. واشنطن تُطبّع مع العسكر

عودة المدنيين في السودان ليست أولوية أميركا.. واشنطن تُطبّع مع العسكر
الأربعاء ٣١ أغسطس ٢٠٢٢ - ٠٤:٣٢ بتوقيت غرينتش

تثير عودة السفير الأميركي إلى السودان، بعد نحو رُبع قرن من التمثيل الديبلوماسي المتدنّي لواشنطن في هذا البلد، تساؤلات كثيرة حول ما يدور في الحوار الجانبي بين الولايات المتحدة، وسلطة العسكر الحاكمة في الخرطوم منذ انقلاب تشرين الأول.

العالم - السودان

والظاهر، وفق بعض المراقبين، أن الأميركيين بدأوا، بالفعل، مسار تطبيع مع السلطة الحالية لِما يرون فيها من منافع لصالح استراتيجيتهم المتركّزة على مواجهة نفوذ موسكو وبكين المتنامي في أفريقيا، وذلك على حساب مطلب عودة "المسار الديموقراطي المدني" والذي صدّعت واشنطن الآذان به منذ وقوع الانقلاب

تَوّج وصول السفير الأميركي، جون جودفري، إلى الخرطوم (24 الجاري) مرحلة جديدة من التقارب مع السودان، بعد نحو ثلاثة أعوام من إعلان الولايات المتحدة (كانون الأول 2019) عزمها رفع تمثيلها الديبلوماسي في هذا البلد. وأَدرجت واشنطن هذه الخطوة في سياق "تعزيز العلاقات الثنائية، ودعم تطلّعات الشعب السوداني إلى الحرية والسلام والعدالة والانتقال الديموقراطي، والنهوض بأولويات السلام والأمن والتنمية الاقتصادية والأمن الغذائي"، وفق ما أوردته سفارتها في واشنطن، والتي بيّنت أن جودفري هو أوّل سفير أميركي في السودان منذ 25 عاماً (تاريخ خفْض أميركا تمثيلها من سفير إلى قائم بالأعمال في عام 1997). وجاء ذلك التطوّر وسط تقدُّم نسبي في تفاهمات واشنطن مع إدارة المرحلة الانتقالية، في أعقاب إعلان رئيس "مجلس السيادة"، عبد الفتاح البرهان، عزم الجيش تسليم إدارة تلك المرحلة لحكومة مدنية يتمّ التوافق عليها.

شهدت العلاقات السودانية - الأميركية تحسُّناً ملموساً منذ كانون الأول 2019، بإعلان البلدَين عزمهما تبادل السفراء، وما أعقبه من إرسال الخرطوم سفيرها إلى واشنطن، نور الدين ساتي، في أيار 2020، ثمّ إعلان البيت الأبيض في شباط من العام الجاري ترشيح جودفري سفيراً في السودان.

كذلك، أعلنت الإدارة الأميركية، مطلع آب الحالي، تقديم أكثر من 88 مليون دولار كـ"مساعدات إنسانية إضافية لشعب السودان" عبر "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية"، في خطوة مخالِفة لمسار تجميد المعونات إثر انقلاب تشرين الأول الماضي، ربّما تؤشّر إلى تحوُّل في مسار الحوار بين الجانبَين، حول مسائل إدارة "المرحلة الانتقالية"، ومن بينها ملفّ محاكمة رموز نظام عمر البشير أمام "المحكمة الجنائية الدولية".

وفي هذا الملفّ الأخير تحديداً، لفت تأكيد نائب المندوب الأميركي في الأمم المتحدة، ريتشارد ميلز، خلال اجتماع لمجلس الأمن بحضور المدّعي العام لـ"الجنائية الدولية"، كريم خان، حول السودان ومحاكمات دارفور (23 الجاري)، إلى أن السلطات السودانية سهّلت زيارات المدّعي العام وطاقمه، واتّخذت أخيراً خطوات لتقديم بعض المساعدات لهما في تحقيقاتهما في مسألة دارفور، وهو ما "يجب أن يستمرّ ويتحسّن".

وحثّ ميلز السلطات السودانية على "مواصلة الالتزام بمقتضيات القانون الدولي وفق القرار الرقم 1593، والتعاون مع الجنائية الدولية" (في إشارة ضمنية إلى رفض تلك السلطات السماح لمسؤولي المحكمة بمقابلة الرئيس المعزول، عمر البشير). كما نشرت السفارة الأميركية، في يوم وصول جودفري إلى الخرطوم، بياناً مشتركاً لسفراء ورؤساء بعثات ديبلوماسية غربية (11 دولة)، يدعو السلطات السودانية إلى تجديد التعاون الكامل وغير المحدود مع "الجنائية الدولية، تماشياً مع اتفاق جوبا للسلام ومذكّرة التفاهم الموقَّعة بين مكتب المدّعي العام والسودان في آب الماضي".

(الأخبار)