ما هو تعريف واشنطن لـ 'الردّ البنّاء'؟

ما هو تعريف واشنطن لـ 'الردّ البنّاء'؟
الجمعة ٠٢ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٥:٠٠ بتوقيت غرينتش

نظرا الى سوابق الإدارة الأمريكية في إبداء سوء النية وأوروبا في التقاعس، علاوة على السلوك المسيس للوكالة الدولية، التي لم تبدي أي إستعداد وسط المفاوضات لرفع يدها عن تدخلاتها التخريبية، إن أي اتفاقية ليس لها ضمان قوي ولا تضع حداً لمزاعم الضمانات من خلال نهج سياسي لن تكون قوية وموثوقة دون أدنى شك.

العالم - إيران

أعلن موقع "نور نيوز" في وقت سابق من الأسبوع الجاري، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سترسل الردّ على الجواب الأمريكي بشأن المقترح الأوروبي لإحياء الإتفاق النووي نهاية الأسبوع، وتم تسليم هذا الرد لمنسق الاتحاد الأوروبي اليوم.

إلاّ أن الطرف الأمريكي الذي تنبأ بأن طبيعة رد إيران سيكون على غرار المنطق السابق، دون أن يتطرّق الى إسرافه في الطلبات، سارع كعادته لرمي الكرة في ملعب إيران.

في السياق، أكد "فيدانت باتيل" نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تلقيه رد إيران على مفاوضات إحياء الإتفاق النووي عبر الجانب الأوروبي، وأوضح: "تلقينا رد طهران على اقتراحنا من الجانب الأوروبي ونحن ندرسه، لكن لسوء الحظ رد ايران ليس بناء".

لابد لنا من استحضار بضعة نقاط تعليقاً على هذا الموقف الأمريكي الهدّام:

أولا: مواقف وتصرفات أمريكا خلال مباحثات إحياء الإتفاق تُظهر أن هذا البلد يعتبر الرد البناء الوحيد الذي يرضي مطالب واشنطن، وأي رد يسعى لإرضاء وضمان مطالب الطرف الآخر هو رد غير مجد في رأيهم.

ثانيا: لم يطرأ أي تحوّل في موقف الجمهورية الإسلامية الراسخ بشأن استعدادها للتوصل الى اتفاق قوي ومستقر وموثوق، وأظهرت طهران منذ بداية مفاوضات رفع العقوبات ذلك بالقول والأفعال من خلال تقديم حل مبتكر ومهني، وفي حال اقترب الجانب الآخر من أن يكون منطقياً في ردوده، فإن الاتفاقية في المتناول.

ثالثا: نظراً الى سوابق الإدارة الأمريكية في إبداء سوء النية وأوروبا في التقاعس، علاوة على السلوك المُسيّس للوكالة الدولية، التي لم تبدي أي إستعداد وسط المفاوضات لرفع يدها عن تدخّلاتها التخريبية، إن أي اتفاقية ليس لها ضمان قوي ولا تضع حداً لمزاعم الضمانات من خلال نهج سياسي لن تكون قوية وموثوقة دون أدنى شك.

رابعاً: عن مسألة الضمانات، لن يتحقّق في اتفاق غير مستقر وبدون ضمانات، مطلب إيران الرئيسي المتمثّل في الحصول على المنفعة الاقتصادية وتوفير فرص الاستثمار للشركات الأجنبية، لذلك لا يمكن اعتبار مثل هذه الاتفاقية قوية ومتوازنة.

خامساً: خلافاً للنهج الأمريكي المُسرف في المفاوضات، لم تأل الجمهورية الإسلامية جهدا نظرا لإيمانها بالدبلوماسية لحل النزاعات، إلاّ وبذلته لإبقاء طاولة المفاوضات نشطة من خلال تقديم مبادرات جديدة وستواصل هذه العملية طالما أن هناك إمكانية لتقارب وجهات النظر لإحياء الإتفاق.

سادساً: لم ينفك الجانب الغربي يحاول خلال المفاوضات الإدعاء بأن موقف إيران المنطقي والمبدئي يشكّل عقبة في طريق الوصول إلى اتفاق، وذلك عبر استخدام أدوات تفاوض إضافية وضغط إعلامي مكثف، من ثم توجيه أصابع الإتهام الى الجانب الإيراني بعدم رغبته في التوصل الى اتفاق.

يتواصل هذا النهج الأمريكي رغم إعطاء إيران ردّها الأخير على مقترحات هذا البلد، حيث سارعت واشنطن لوصف ردّ إيران بأنه "غير بناء"، الأمر الذي يُظهر أن واشنطن على ما يبدو ليست مستعدة لتحمل المسؤولية عن أخطائها الماضية بعد شهور من المفاوضات الصعبة والمعقدة، وقبول مطالب إيران المنطقية والمشروعة.

أفضى هذا النهج الأمريكي حتى الآن إلى إطالة أمد عملية المفاوضات وصعّب من مهمة التوصل إلى اتفاق، لكن مرور الوقت لن يغير نهج إيران تجاه السعي الحازم لإستيفاء حقوق الشعب.

الجدير بالذكر، أنه ورغم أن التقدّم والتراجع هو جزء من جوهر المفاوضات، إلا أن أمريكا أكدت هذه الحقيقة أيضا من خلال إعلانها "نحن ندرس رد إيران للرد عليه"، ولكن من أجل الحفاظ على الاتجاه التقدمي السائد في هذه المرحلة من المفاوضات حتى الوصول إلى اتفاق، فإن إتخاذ واشنطن لـ "قرار سياسي" هو خطوة ضرورية وإلزامية يمكن أن تنتهي مفاوضات طويلة مع تحقيق نتيجة متوازنة.

*نور نيوز