إغراءات لتهجير سكان منطقة ميناء العريش

إغراءات لتهجير سكان منطقة ميناء العريش
الثلاثاء ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٧:٤٣ بتوقيت غرينتش

بدأت جهات حكومية مصرية تسهيل صرف تعويضات للمتضررين من توسيع ميناء العريش في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، رغم أن آلاف المهجرين في بقية مدن المحافظة لا يزالون ينتظرون التعويض بعد سنوات على رحيلهم عن منازلهم، في حين أن سكان منطقة الميناء ما زالوا في بيوتهم.

العالم - مصر

ويؤشر صرف الحكومة التعويضات والأراضي والشقق السكنية إلى رغبة في تجنب ردة فعل عنيفة من السكان، أو ظهور القضية مجددًا في وسائل الإعلام، وذلك بعد تسرب الأنباء حول بدء الهدم في المنطقة، في ظل رفض قاطع من الأهالي لترك منازلهم، أو قبول التعويضات الحكومية.

وصدرت تعليمات لمسؤولي مجلس مدينة العريش بصرف التعويضات لكافة المتضررين من توسعة الميناء، مع زيادة المبالغ المالية للتعويضات، ووضع عدة خيارات أمام المتضرر، من بينها توفير سكن مؤقت في المباني الحكومية إلى حين بناء منازل جديدة لهم.

وأشارت مصادر محلية لموقع "العربي الجديد" فضلت عدم الكشف عن هويتها، إلى أنه تم رفع قيمة التعويضات، وتعويض كل السكان، حتى الذين يقطنون في مبان غير مسجلة رسمياً، ما يؤكد رغبة الحكومة في إرضاء المتضررين، رغم أن المحافظة تكفلت بتحديد التعويضات خلال الإزالات السابقة في مدينة رفح، ومناطق الشيخ زويد، وجنوب العريش، والتي جرت خلال السنوات الماضية.

وقال محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الفضيل شوشة، إن المحافظة قامت بحصر شامل للمباني والمنشآت الموجودة بمنطقة الميناء، وتشمل 1108 منشآت سكنية، و32 مبنى تجارياً، و23 منشأة حكومية، بخلاف منشآت أخرى مثل "شاليهات نجمة سيناء"، وطبقا للقرار الجمهوري، فإن المنشآت الحكومية لا تُصرف تعويضات عنها، مبيناً أن قيمة تعويضات الأراضي حدّدت قيمتها هيئة الخدمات الحكومية، وكانت تقديراتها أكبر من تقديرات المحافظة، في حين سيُعوّض أصحاب المباني السكنية، سواء أكان المبنى مرخصاً أم غير مرخص، طبقا للأسعار القائمة في المنطقة، ومن يرغب فى الحصول على شقة سكنية مؤقتة، فهناك شقق خُصّصت لاستضافة سكان منطقة الميناء لمدة من 3 إلى 4 أشهر.

وتابع أن البدائل المطروحة المتاحة للأراضي كائنة بمنطقة "جنوب الريسة"، وتضم أراضي بمساحات من 120 إلى 130 مترا مربعا، مع إمكانية ضم قطعتين بنفس مساحة أرض المستفيد، وإن زادت عن المساحة المخصصة للمستفيد، يُحاسَب عن الزيادة بنفس أسعار الأراضي المقررة لمنطقة الميناء، وجرى اختيار منطقة جنوب الريسة لقربها المكاني، ووجود الخدمات المختلفة بالمنطقة من المدارس والجهات الحكومية، والتقسيم الثاني للأراضي هو جنوب حي الزهور.

وقال المحافظ إنه سيتم اعفاء المواطن عند توصيل مرافق الكهرباء والمياه من دفع الرسوم، وإن هناك توجيها رئاسيا بإعطاء الأولوية لتعيين أحد أبناء أهالي المنطقة بميناء العريش البحري، وستُصرف قيمة التعويض للسكان، أو يُسلمون كافة الأوراق بمبنى المحافظة القديم.
في المقابل، يقول أحد سكان المنطقة المهددة بالإزالة لـ"العربي الجديد" إن "ما أعلن عنه المحافظ من تعويضات وتسهيلات وإغراءات جزء يسير مما قدم لأهالي المنطقة بعيداً عن الإعلام بهدف إنهاء الأزمة من دون ضجة، لكن هذه التعويضات والاغراءات قوبلت بالرفض وإصرار السكان على عدم ترك منازلهم، ورفض كل محاولات الحكومة للالتفاف على مطالبتهم بعدم تهجيرهم، لكن الأهالي قلقون في الوقت نفسه من استخدام القوة ضدهم في حال فشلت المساعي الحالية لدفعهم نحو قبول التعويضات".

وأضاف المصدر أن "الوضع في المنطقة يشوبه الحذر مما تحمله الأيام المقبلة، في ظل تزايد الحديث عن ضرورة القبول بالتعويضات التي تغيرت قيمتها أكثر من مرة لدفع المواطنين على الموافقة ومغادرة منازلهم، وثباتهم في مواجهة التهديدات والإغراءات الحكومية يحتاج إلى دعم من المصريين، ومن الجهات الحقوقية والإنسانية، في ظل تخلي كل الجهات والشخصيات المحلية عنهم في هذه الأزمة، بعد أن كانوا في بدايات الأمر يقفون إلى جانبهم، وذلك بعد تزايد الضغوط على الجميع من طرف الأزمة الثاني المتمثل في رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع".
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2021 حتى مارس/آذار 2022، زاد الضغط الشعبي من أهالي مدينة العريش على الجهات الحكومية، عبر فعاليات على الأرض، وأخرى إلكترونية، رفضاً للقرار الجمهوري القاضي بتوسعة ميناء المدينة، وإزالة ما يعترض ذلك من أحياء سكنية، مع العلم أن قدرات الميناء متواضعة وتجهيزاته قديمة، وبُني في المنطقة السكنية الوحيدة المتبقية على طول ساحل المحافظة، ما يعني وجود مناطق بديلة لإنشاء ميناء جديد.

وبدا واضحاً، خلال السنوات الماضية، الاهتمام الرسمي بميناء العريش، من خلال التدرج في السيطرة عليه عبر تحويله بداية إلى أغراض المنفعة العامة، ونزع الملكية الخاصة للعقارات الواقعة في نطاق حدوده، ثم قضى قرار رئاسي بنقل تبعية الميناء إلى الجيش، وتخصيص الأراضي المحيطة به اللازمة لأعمال التطوير لوزارة الدفاع، وذلك بإجمالي مساحة 541 فداناً، وإبعاد الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عن استخدامه، أو إدارته، ليصبح منطقة عسكرية.
ويؤدي القرار الأخير إلى تهجير آلاف المواطنين من سكان المنطقة، بعدما مكثوا فيها منذ عقود، ما دفع المواطنين إلى إنشاء مجموعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنشر صور منازلهم المعرضة للهدم.

تصنيف :