ما أسباب فشل مجلس نواب لبنان لانتخاب رئيس جمهور جديد؟

ما أسباب فشل مجلس نواب لبنان لانتخاب رئيس جمهور جديد؟
الجمعة ١٤ أكتوبر ٢٠٢٢ - ٠٧:٠٢ بتوقيت غرينتش

للمرة الثانية وبشكل غير مفاجئ، تنتهي جلسة انتخاب رئيس للجمهورية الى نتيجة: لا انتخاب. وكما ان المكتوب يُقرأ من عنوانه، فإنّ ما آلت اليه الجلسة كان معروفاً منذ تحديد موعدها. 

العالم - لبنان

وكما كان متوقعاً، طارت جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية أمس بسبب فقدان النصاب، ما يشير إلى أن الشغور الرئاسي يبدو قدراً محتوماً، فيما تزداد القناعة لدى عاملين على الملف الحكومي بأن التعقيدات تكبر يوماً بعد يوم رغم أن خطر الشغور وما قد يسببه من فوضى. وقال مطلعون إن الاتصالات في شأن تشكيل الحكومة متوقفة تماماً، والأيام الماضية لم تشهد أي مشاورات في هذا الشأن.

وجلسة الامس ابقت القديم على قدمه ولكنها وضعت الجديد في خانة الضائع، واظهرته انه لن يقدّم في المعادلة ولن يؤخّر، وان التحرك الذي قام به لم يستند الى اسس وركائز قويّة تمكّنه من احداث خروقات معيّنة، انما العكس كان صحيحاً حيث تبيّن ان الخرق لحق بالنواب الجدد الذين كانوا يسوّقون انفسهم على انهم الخميرة التي ستحدث التغيير المنشود.

وحسب موقع النشرة اليوم الجمعة لن يقع احد في فخ البازار الرئاسي الذي يتم الترويج له، والعين الموضوعة على المرشحين الابرز تظهر جدية مسعاهم لكسب الثقة من قبل الجميع. ومع عدم اهلية النائب ميشال معوض للحصول على اكثرية الاصوات، يبقى لافتاً التحرك "الصامت" للمرشحين الآخرين سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون، اذ يقومان بنشاطهما من دون ضجة لانهما يعلمان تماماً انهما تحت المراقبة واي خطوة ناقصة من شأنها ان تطيح بأحدهما، فيما دخل اسم الوزير السابق زياد بارود الى البازار على الرغم من عدم تأمينه الاصوات الكافية لجذب الرئاسة اليه.

بات من شبه المؤكد ان رئيس الجمهورية المقبل، اياً يكن اسمه، سيتسلم منصبه من فخامة الفراغ، وخلال تلك المرحلة، ستسير الامور كالمعتاد، ولن تكون الفترة الزمنية الفاصلة بين مغادرة عون ووصول خلفه الى بعبدا، مريرة بسبب فراغ المنصب، بل ستشكل مادة دسمة لالباسها كل المصائب والويلات التي تسرح وتمرح في البلد، وسيتم التركيز على ان انتخاب رئيس جديد هو الخلاص والنهاية لكل المعاناة والالم، فيما يعلم الجميع ان هذا الامر غير صحيح، ولا هدف منه الا اضاعة الوقت وابقاء الناس مشغولة بهذا الاستحقاق فيما يتم تمرير الكثير من الامور الاقتصادية والمالية والحياتية و... تحت صيغة الضروري والملحّ ولا بديل عنه لاستمرار الحياة. واذا كان الكلام عن "صفقة" ما يتردد في الاروقة في ما خص مسألة ترسيم الحدود البحرية، فإنه من المؤكد ان "صفقة" ما تتحضر ومدّتها ست سنوات تبدأ بايصال رئيس جديد ومن غير المعلوم كيف ستنتهي مع ركوب اللبنانيين باخرة سندباد لخوض مغامرة جديدة على امتداد فترة الرئاسة المقبلة، ستكون حافلة حتماً بصراعات ومعارك مع وحوش محلية وخارجية من دون معرفتها او معرفة نتيجة هذه المواجهات.

وحتى موعد الجلسة المقبلة، لا بد من متابعة تطورات برنامج آخر: تشكيل الحكومة.

مع الإشارة إلى أن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي قد يتقدّم في الأيام المقبلة بصيغة رفع عتب حكومية يعلم مسبقاً بأنها ستُرفض من الرئيس ميشال عون، وإلى أن ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط «لا يرغبون في إعطاء عون إنجازاً آخر بعد اتفاق الترسيم في نهاية عهده.

في المقابل، تراهن مصادر في التيار الوطني الحر على تهيّب الرئيس المكلف من تداعيات عدم تشكيل الحكومة، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من توتر سياسي قد يصل إلى الشارع، ناهيك عن أن التيار مصمّم على عدم السماح لحكومة تصريف أعمال مستقيلة بأن ترث صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو مستعد للذهاب بعيداً جداً في التصعيد من أجل منع ذلك أياً تكن النتائج. وتبدي المصادر عتباً على حزب الله القادر على الضغط على ميقاتي من أجل التأليف عبر تهديده بمقاطعة وزيريه جلسات حكومة تصريف الأعمال.

و كتبت صحيفة الاخبار ، فإن لضغوط الخارج دورها أيضاً في تبطيء العمل على تأليف الحكومة. ويرسّخ هذه القناعة ما يؤكّده من يلتقون ديبلوماسيين أجانب وعرباً، خصوصاً سفراء الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، بأن الملف الحكومي غائب تماماً في حديث هؤلاء لمصلحة الحث على انتخاب رئيس للجمهورية. ولا تستبعد المصادر أن يكون هدف اللااهتمام الخارجي بعدم التأليف، الضغط من أجل تسريع انتخاب رئيس للجمهورية سريعاً بعد الفراغ، خصوصاً إذا ما أدى التصعيد إلى توتير يصبح معه انتخاب رئيس ضرورة للجميع. وهنا، يبرز اسم قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشح يحتاج انتخابه إلى توتير في الشارع كمدخل لطرحه مرشح تسوية قادر على لملمة الوضع، معتبرة أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون "حاسمة وخطيرة".

بدورها لفتت صحيفة البناء الرئيس بري أرجأ الجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية الى الخميس المقبل بسبب فقدان النصاب المطلوب لانعقاد الجلسة أي 86 نائباً، وبلغ عدد النواب الحاضرين في الجلسة لحظة بدء الجلسة 71 نائباً.
وفي حين قاطع تكتل لبنان القوي الجلسة لمصادفة موعد الجلسة مع ذكرى 13 تشرين، حضرت مختلف الكتل النيابية الى داخل المجلس، لكن النصاب لم يتأمن داخل قاعة الجلسة، إذ طلب الرئيس بري عدّ النواب الحاضرين فبلغ 41 نائباً فطلب ممازحاً مناداة بعض النواب في الخارج ثم أعلن رفع الجلسة الى الخميس المقبل، وأعلن عن عقد جلسة في الثامن عشر من الحالي لانتخاب أعضاء اللجان النيابية.

وفي حين اتهمت القوات اللبنانية والكتائب تكتل لبنان القوي وكتلة الوفاء للمقاومة وكتلة التنمية والتحرير بتطيير النصاب، أشارت مصادر كتلة الوفاء الى أن الكتلة لم تطيّر النصاب، بل حضرت في بداية الجلسة وكان هناك بعض النواب المتغيبين من الكتلة لكن أعضاء كثر من الكتل الأخرى تغيبوا أيضاً عن الجلسة وآخرين خرجوا من القاعة قبل بدء الجلسة فكيف نتّهم بأننا طيّرنا الجلسة؟ علماً أن الجميع يدرك أن تأمين النصاب للانعقاد والأكثرية للانتخاب يتطلب معادلة توافقية بين الكتل النيابية، مضيفة رداً على النواب الذين يتّهمون الكتلة بتطيير الجلسة: «حتى لو تأمّن النصاب فهل سننتخب الرئيس؟». وشددت المصادر على ضرورة الحوار بين الكتل لإنتاج رئيس توافقيّ، موضحة أن فريق الثنائي والحلفاء لم يطرحوا مرشحاً كي لا تتحول الجلسة الى صدام وتحدٍ انتخابي، لذلك نعطي مهلة للتشاور للتوصل الى رئيس توافقي.
وفيما علمت صحيفة البناء من مصادر عليمة أن فرنسا ستدخل بقوة على خط الاستحقاق الرئاسي متسلحة بزخم إنجاز ترسيم الحدود، بهدف طرح مبادرة توفيقية بين الكتل للتوصل الى رئيس توافقي لإبعاد شبح الشغور، وتعمل السفيرة الفرنسية في لبنان على التواصل مع الكتل لا سيما مع حزب الله، أعلنت السفارة الفرنسية في لبنان، أن وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية، كاترين كولونا، تقوم بزيارة إلى بيروت يومَي الخميس 13 والجمعة 14 تشرين الأول 2022، وستجري محادثات مع رئيس الجمهورية اللبنانية الجمهورية ميشال عون، بحضور نظيرها، عبد الله بو حبيب، وستلتقي أيضاً برئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، وبرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.