المشهد الرئاسي  في لبنان ينتظر جلسة الخميس

المشهد الرئاسي  في لبنان ينتظر جلسة الخميس
الثلاثاء ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٢ - ٠٧:١٥ بتوقيت غرينتش

الانسداد والمراوحة في أزمة الفراغ الرئاسي رغم الحراك الخجول على طريق الحلحلة، وتتجه الأنظار نحو الموعد المحدد لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل التي قد تفتح ثغرة أمام الحوار وتفتح الباب أمام تسوية بين الكتل النيابية خصوصًا بعدما كشف عددٌ من نواب تكتل لبنان القوي الاتجاه للإقلاع عن التصويت باوراق بيضاء.

العالم _ لبنان

كتبت صحيفةالجمهورية اليوم الثلثاء وسط الوضع السوداوي، يأتي انعقاد الجلسات الانتخابية الفاشلة، ومن ضمنها الجلسة الجديدة المقررة بعد غد، حيث ان مجريات هذه الجلسات تقدم اجابات واضحة عن عمق الانقسام الذي يسمّم الاستحقاق الرئاسي.

وتبعاً لذلك تؤكد مصادر مجلسية انه لا يمكن القبول بأن تستمر مسرحية الفشل الى ما شاء الله، مسرحية يتلهّى فيها البعض بترشيح ميشال معوض رغم علمهم بأنه لا مجال له لأن يعبر ويؤمن الاكثرية التي تؤهله للفوز، بل بالعكس يسجل في كل جلسة فشلا جديدا، وفي المقابل تواجهه الاوراق البيض، وتصويت أقل من متواضع لبعض الاسماء المغمورة، وسيبقى الامر على هذا المنوال طالما ان التوافق على مرشح جدي معدوم.

ورداً على سؤال حول المطالبات بأن يأخذ المجلس النيابي دوره في انتخاب رئيس للجمهورية، قالت المصادر: المجلس يمارس دوره، فالدعوات التي توجّه الى المجلس هي دعوات تنم عن جهل او عن تقصّد افتراء، فالمجلس يختزل المكونات السياسية في البلد، وها هو ينعقد ويسجّل فشلا تلو الفشل في انتخاب الرئيس. ولذلك قبل التوجه الى المجلس وتحميله المسؤولية ينبغي التوجه الى المكونات المنقسمة على بعضها البعض، اما بدعوات صادقة لا تنطوي على اي تحامل ضمني، واما بحراك مساعد لتقريب المسافات بين تلك المكونات التي يقدّم بعضها يومياً وصفات لتمديد عمر الفراغ الرئاسي.

إن الكواليس السياسية وفق معلومات الجمهورية يتجاذبها كلام صريح ومباشر يعبّر عن حالة ضياع بلا افق. وتبرز فيها مصارحة جرت بين احد كبار المسؤولين وشخصية سياسية وسطية عاكَست كل الكلام القائل إنّ أمد الفراغ الرئاسي لن يكون طويلا.

في هذه المصارحة، تبدّت مقاربة شديدة التشاؤم للملف الرئاسي. جوهرها القلق البالغ من انزلاق الامور الى حضيض متفجر وتداعيات دراماتيكية. مع وضع تحولت فيه المكونات السياسية الى مجموعة اضداد، ضبطت المشهد السياسي على حافة الصدام. حيث تتزايد الخشية من ان يتخذ التصعيد القائم، في اي لحظة، حركة كرة الثلج، في اتجاه تطورات كبرى تفتح ابواب الصراع الداخلي على مصاريعها، ما قد يخلق تداعيات سترخي بآثار سلبية اضافية على مجمل الملفات الداخلية الملتهبة اصلاً.

وتستند هذه المصارحة السوداوية الى انّ المؤشرات مثيرة للقلق في حقل الاضداد السياسية، وتشي بأنّ بعض المكونات الداخلية مأسورة برغبة التصادم، وتغرد خارج سرب التلاقي والتوافق، وتتخذ من أجنداتها وحساباتها الشخصية والحزبية والشعبوية منطلقاً للهجوم على كل الاتجاهات لفرض مزيد من التعقيدات على مجمل المشهد الداخلي، علماً ان هذا المنحى يشكل اعتداء صارخا مباشرا على استقرار البلد.

وينقل عن المسؤول الكبير قوله: لا يمكن ان نشهد تغييرا طالما هناك من هو غير مستعد لأن يغير ما في نفسه، ومن هنا نحن لسنا امام استحقاق رئاسي معطل فحسب، بل امام عقلية معطلة وكارهة لكل عناصر الاستقرار وعوامله، ورافضة للبننة الاستحقاق الرئاسي".

صحيفة البناء كتبت ً، حدّد رئيس مجلس النواب موقفه من الكثير من القضايا المطروحة خلال لقائه بمجلس نقابة الصحافة، حيث أكد دعوته لجلسة انتخاب رئاسي كل أسبوع، كاشفاً قناعته بأن لبنان لن يتحمل أكثر من أسابيع، داعياً للتوافق على انتخاب الرئيس لأن هذا هو الطريق الوحيد للخروج من الفراغ، وعن اتفاق الطائف قال إن الطائف ليس إنشاء عربياً بل هو دستور ساوى بين اللبنانيين، مشيراً الى الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية وسعيه مراراً لتشكيلها وإقرار قانون انتخابات خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس للشيوخ، لكن محاولاته لم يكتب لها النجاح.

ولم يُسجل المشهد الرئاسي أي جديد رغم الحراك السياسي الخجول على خط رئيس المجلس بانتظار انعقاد جلسة مجلس النواب الخميس المقبل التي تشكل بالون اختبار لمدى التغير في مواقف الكتل النيابية، وما إذا كان تصويتها سيكون نسخة عن الجلسات السابقة أم تفتح ثغرة أمام الحوار وتفتح الباب أمام تسوية بين الكتل النيابية لجوجلة المرشحين لاختيار مرشح يتم تأمين نصاب 86 لانعقاد الجلسة وأكثرية 65 لانتخابه. وتتجه الأنظار الى اجتماع تكتل لبنان القوي مساء اليوم حيث من المرجّح أن يحسم التكتل مرشح التيار الوطني الحر للرئاسة وفق ما علمت «البناء»، على أن تبقى الكتل النيابية الأخرى على مواقفها السابقة.

وأشارت مصادر التيار الوطني الحر الى أن تكتل لبنان القويّ سيحسم الموقف من مسألة الاستحقاق الرئاسي، وقد يخرج باتفاق على مرشح معين وليس بالضرورة أن يحظى بتوافق الآخرين وأن يكون له حظوظ بالفوز، لكن التيار سيمارس حقه الديموقراطي ويقدّم مرشحاً للتوافق عليه بعد تحميله مسؤولية عرقلة التوافق بتصويته بورقة بيضاء، لكن المصادر أبقت الورقة البيضاء كخيار قائم ووارد ولم يلغَ حتى الساعة بانتظار اجتماع اليوم. وشدّدت على أن اسم المرشح لن يعلن في الإعلام وسيبقى طي الكتمان حتى يوم الخميس المقبل، وهو لا ينتمي الى التيار وإن كان مقرباً بمكان ما، لكنه شخصية وطنية ويحظى بالثقة والكفاءة وسياديّ ومستقل.

وعلمت البناء أن كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة ستصوتان بورقة بيضاء ولن تقدّما مرشحاً في جلسة الخميس، ويعتبر ثنائي حركة أمل وحزب الله بأن الظروف لم تنضج بعد لإعلان مرشحهما الجدّي ولن يضيعا الوقت بمرشحين غير جديين ولن يقابلا مرشح التحدّي الذي يقدمه الطرف الآخر بمرشح تحدٍّ مقابل ما يرفع السقوف ويؤدي الى مزيد من التعقيد في المشهد الرئاسي ويقفل أبواب الحوار.

ولفتت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير إلى أن الأمور لم تتبدل وما زلنا على موقفنا أن التوافق وفق المواصفات التي وضعها الرئيس بري هي أقصر الطرق الى انتخابات رئيس بمواصفات وطنية جامعة، وبالتالي الرئيس بري لن يقفل أبواب الحوار بشكل كامل بل سيقوم بحوارات بالمفرق لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الكتل.

ولفتت مصادر مطلعة على اللقاء بين الرئيس بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الذي زار رئيس المجلس أمس الأول، أن العلاقات بين الطرفين تاريخية وليست مستجدّة وخلال أي قضية كانت تحصل لقاءات بين الرجلين ولذلك اللقاء الأخير طبيعي، حيث تمّ خلاله التداول بكل ملفات الساعة وتم التشديد على ضرورة التفاهم والتوافق على الاستحقاق الرئاسي وهذا ما ألمح إليه جنبلاط في تصريحه.

ولا تستبعد المصادر أن يتقدّم جنبلاط خطوة الى الأمام إذا ما لمس تقارباً في مواقف ثنائي أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر على مرشح معين، وإن كان أعلن التزامه بالتصويت للنائب ميشال معوض بجلسة الخميس، لكنه مستعدّ للحوار والتفاهم على مرشح بديل يحظى بتوافق أوسع عدد من الكتل النيابية. لكن حتى توفر هذا التوافق سيبقى في المكان نفسه.

كتبت صخيفة الديار أيضا تحول الفراغ الرئاسي وشبه الفراغ الحكومي الى عقم سياسي وتشريعي، تجلت اسوأ صوره في تكرار الفشل في التوافق على قانون «الكابيتال كونترول» في مقر المجلس. هذا التعثر غير المفاجىء يصاحبه تكرار لدعوت خارجية بضرورة تطبيق اصلاحات باتت شماعة يعلق عليه الفشل بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، والفشل ايضا في تسييل الاتفاق مع الاردن ومصر لاستجرار الكهرباء والغاز من الاردن ومصر، فيما يدرك الجميع ان الطبخة الاقليمية والدولية لم تنضج بعد للافراج عن الاستحقاقات السياسية والاقتصادية على الساحة اللبنانية.

وهكذا يتلهى المسؤولون اللبنانيون بلقاءات تشاورية لن تثمن ولن تغني عن جوع، البعض يناور بمرشح للحرق، وفريق آخر يناور بالورقة البيضاء، وفريق ثالث يحاول التمايز مع العودة الى احلام اليقظة الرئاسية، فيما يفرمل الخارج اي تحرك جدي بانتظار تبلور نجاح الطبخة العراقية من عدمها، وهو امر سيؤجل البت يالاستحقاق الرئاسي الى العام المقبل على اقل تقدير. فيما العين تبقى على حكومة الاحتلال الاسرائيلي الجديدة، وما ستقوم به من خطوات قد تؤدي الى حريق كبير في المنطقة.

اذا، لا جديد يوحي بأن جلسة انتخاب الرئيس الخميس المقبل ستشهد مفاجأة من خارج السياق، فالانتظار لا يزال سيد الموقف، حتى تنضج الظروف الاقليمية والدولية في ظل عجز داخلي عن احداث اي خرق يسمح بوصول رئيس تسوية الى بعبدا، حيث يرجح الكثيرون استمرار «المراوحة» حتى العام المقبل، على اقل تقدير. وفي هذا السياق، لفتت مصادر ديبلوماسية معنية بالشأن اللبناني الى ان العراق سيكون «مختبرا» واقعيا لما ستؤول اليه الامور في لبنان، فاذا نجحت التجربة العراقية في ايصال البلاد الى بر الامان، ستكون الخطوة الاقليمية والدولية التالية ايجاد تسوية مقبولة تراعي توازنات القوى الحالية على الساحة اللبنانية.