العلاقات السورية الهندية تاريخ مشترك وطريق إلى الأمام

العلاقات السورية الهندية تاريخ مشترك وطريق إلى الأمام
الجمعة ١٨ نوفمبر ٢٠٢٢ - ٠١:٠٣ بتوقيت غرينتش

آلاف السنين مرت على عبور قوافل تحمل بضائع مادية وغير مادية عبرت الأرض من سورية القديمة إلى الهند والعكس بالعكس – هي واحدة من أقدم التبادلات الحضارية والثقافية في التاريخ بين المنطقتين – فيما انعكس تبادل الأفكار والتقاليد ووجهات النظر في العلاقات الودية بين البلدين والمتجذرة بعمق في ضمير الشعبين.

العالم - سوريا

اليوم، كلا البلدين يتجه نحو التنمية ونحو مستقبل مشترك قائم على احترام القانون الدولي والالتزام بميثاق الأمم المتحدة وتعزيز التعاون الدولي ودعم نظام عالمي عادل حيث تتمتع جميع الدول بسيادتها واستقلالها، فمنذ زيارة رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد للهند عام 2008 تم استكشاف آفاق جديدة للتعاون المتبادل، وتم تعزيز العلاقات المختلفة على مستويات سياسية واقتصادية وثقافية متعددة وتم التأكيد على هذه الحقيقة بقوة في دعم الهند لسورية خلال الحرب التي شنت عليها وموقف الهند من احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها ورفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

كلا البلدين كافح ضد الاحتلال الأجنبي وكونهما عضوين في حركة عدم الانحياز اجتمعا للحفاظ على حقوق ومصالح الدول النامية ولا يزال التعاون المتبادل مستمراً في جميع المحافل ذات الصلة بما يخدم تطلعات شعوبنا.

سورية تدعم الهند بقوة في مختلف المنظمات الدولية وتتطلع إلى دور هندي أكثر فاعلية على المستوى الدولي للدفاع عن مبادئ العدالة والقانون، ومنع محاولات الهيمنة التي تمارسها بعض الدول في العديد من المناطق حول العالم.. وفي هذا الصدد نقدر تقديراً عالياً الدور الإيجابي والفعال للسياسة الخارجية الهندية من خلال عضويتها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وعلى الصعيد الاقتصادي تم إنشاء العديد من المشاريع في سورية برعاية الحكومة الهندية وتم توقيع اتفاقيات التجارة والاستثمار ذات الصلة لتعزيز التعاون ومما لا شك فيه أن المبادلات التجارية والاقتصادية تأثرت بالإرهاب الذي ترعاه جهات خارجية في سورية وبفرض إجراءات قسرية أحادية الجانب على شعبها، ومع ذلك فإن العلاقات القوية بين سورية والهند صمدت أمام اختبار الزمن وستثبت مرة أخرى أن إرادة الشعب يمكن أن تكسر كل الحدود، حيث تبنت سورية في السنوات الأخيرة (سياسة التوجه نحو الشرق) التي ستعطى فيها الأولوية للدول الصديقة لها في آسيا مع اعتبار الهند أولوية في كل ما يتعلق بالتجارة والاستثمار والاقتصاد.

و مع بدء عملية إعادة بناء سورية فإن مشاركة الشركات الهندية موضع ترحيب كبير وسيتم تسهيلها وتم افتتاح قبل بضعة أسابيع المعسكر الثاني لتركيب الأطراف الاصطناعية في دمشق وهي مبادرة هندية لمساعدة ضحايا الحرب على العودة إلى حياتهم الطبيعية.. كما قال المهاتما غاندي: “يجب ألا نفقد الإيمان بالإنسانية”.

العلاقات السورية الهندية تظهر أعماق التعاطف الإنساني في الوقت الذي يشهد فيه العالم تصاعد الأنانية وعلو المصالح على القيم وفي هذا السياق ليس غريباً على بلد له مثل هذا التاريخ أن يمد دعمه للشعب السوري في أوقاته الصعبة بدءاً من برامج بناء القدرات المختلفة إلى تقديم المساعدات الطبية والإنسانية وأن سورية تقدر جهود الهند.

وكما هو الحال في أجزاء أخرى من العالم، تم الاحتفال باليوم العالمي لليوغا مؤخراً في دمشق وأجزاء أخرى من سورية نظراً لأن هذا التقليد الهندي القديم يهدف إلى جلب ممارسيه إلى أعلى حالة ممكنة من السلام والهدوء، وربما تجلب جهودنا المشتركة وتطلعاتنا المشتركة السلام والازدهار والمزيد من التنمية لدولنا والعالم بأسره.

الدكتور فيصل المقداد - صحيفة (هندوستان تايمز)