قانون الكبتاغون.. مساعي امريكا تتواصل لخنق السوريين

قانون الكبتاغون.. مساعي امريكا تتواصل لخنق السوريين
الأربعاء ٢٨ ديسمبر ٢٠٢٢ - ٠٧:٣١ بتوقيت غرينتش

بمرتبة عدوان، سلة عقوبات أمريكية جديدة من فصيلة قيصر، لزيادة خنق الاقتصاد السوري، وتتخذ منحى اخر ضمن مسار الحرب الامريكية ضد دمشق، وخطوة متجذرة في العدوانية التي تؤكد حقيقة أفعال واشنطن ضد الشعوب، وتدق ناقوس الخطر في ظل صمت عربي ودولي. 

العالم - كشكول
في الخبر، تتحدث الانباء عن توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن، قانون "مكافحة الكبتاغون" ضد سوريا، الذي يستهدف فقط المناطق الموجودة تحت سيطرة الدولة السورية، إذ يشكّل القانون مادةً جديدةً لتشديد الضغوط الاقتصادية والمعيشية أكثر على دمشق، ولا سيما في ظلّ الحديث علنياً عن ضرورة منْع الحكومة السوريّة من الحصول على القَطع الأجنبي، كما يضع القانون بعض المواد الأوليّة اللازمة لصناعات عدة ومنها الأدوية تحت حصارٍ جديد.
يلف الغموض هذا القانون الجديد، فحتى الساعة، لا وضوح في تحدد اليات عمل او عقوبات بعينها، وانما مدار مفتوح كلفت فيه المؤسسات الامريكية لتقديم استراتيجية لخطة القانون المكونة من ستة بنود، وكلها تدور في فلك التوجه الأمريكي أمنيا وسياسياً واقتصادياً بشكل متكامل، بهدف تطويق سوريا أكثر، وقطع عنها أي مواد أولية أو أصول مالية وصولا إلى تدخل عسكري أمني، بهدف استمرار تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد، وهو ما يمكن فهمه من خلال ما تم نشره في وسائل اعلام عديدة، كون القانون، سيسعى لإعاقة وصول البضائع والمستوردات إلى سوريا، تحت حجة استخدامها في صناعة المخدرات، ما يعني أن الصناعيين سيجدون صعوبة كبيرة في إيجاد المواد الأولية لصناعتهم، وهو ما يضع معامل صناعة الادوية في عين العاصفة، كونها مستهدفة بشكل رئيسي، ما يهدد عمل المستشفيات والمراكز الصحية، ومن مخاطر القانون الضغط على دول الجوار للتضيق على الصادرات السورية، أو دول العبور للمنتجات المصنوعة في البلاد، والتضييق على المعابر الحدودية بالذات مع الأردن، وبعيدا عن الاقتصاد، يشكل هذا القانون خطراً أمنيا، بعد زج الإدارات الأميركية الأمنية بكل اذرعها، والطلب منها تشكل غرف عمليات إن صح التعبير في دول الجوار السوري، لتقديم الدعم والتعاون الأمني والديبلوماسي لتلك الدول، بالإضافة الى التدريب والدعم المادّي، ومن جهة أخرى التفويض لطائرات الولايات المتحدة استهداف منشآت ومؤسسات، تحت ذريعة أنها احد مخابر صناعة المخدرات، ولتضييق الخناق اكثر ستعمل الولايات المتحدة على استهداف مؤسسات ومنشآت خدمية، صناعية وتجارية وبنى تحتية.
هذا القانون هو استكمال للعدوان الأمريكي، وضمن الطريقة القديمة الجديدة لشن حربها الاقتصادية على الدول والشعوب، لتصبح بحق حرب التجويع والتنكيل والتدمير دون إطلاق رصاصة واحدة، لكن نتيجتها ضحايا كثر. وهي تقليد امريكي متعب منذ سقوط جدار برلين، بعد أن أحجمت واشنطن عن التدخل بشكل مباشر في الدول، والاعتماد على العقوبات، كأداة ضغط فاعلة، بعد ان أصبحت الولايات المتحدة غير قادرة على تحمل أعباء العمليات العسكرية، ما جعل من الحرب الاقتصادية الامريكية صيغة مطورة عن الوحشية المتبعة في الحروب العسكرية، ويشكل الكونغرس الأمريكي رأس الحربة في شن العدوان على الدول التي تراها أمريكا عدو، ولدينا من الأمثلة الكثير على تحريض الكونغرس على فرض اجراءات حظر على دول عديدة، مثل إيران وليبيا (كينيدي داماتو)، أو كوبا (هيلمز-بيرتون)، وبعد احداث 11 أيلول، طورت حكومة الولايات المتحدة هذه التقنيات لاستخدامها ضد من تصنفهم وفقا لسياساتها بالإرهابيين، ومن حينها باتت العقوبات تشكل جزءًا مركزيًا من استراتيجيات العدوان الأمريكي على الشعوب. وهنا يجب الإشارة الى ان جميع المستهدفين هم كل الرافضين للسياسة الامريكية، والممانعين أمام تمرير مشاريعها، في ظل مجتمع دول يرى بعين واحدة ويسمع بإذن واحدة، وصناع ما يسمى بالقانون الدولي الإنساني، عاجزون عن التفوه بأي كلمة، وميثاق الأمم المتحدة أصبح جزء من العدوان على بعض الدول، بالرغم من ان ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولية الإنساني يعتبر العقوبات وتسليطها بشكل جائر على الدول بمثابة عدوان مباشر، ويحرم الشعوب حق البقاء، وبنفس الوقت تعتبر الدول شخصية قانونية تحولها الرد على تلك العقوبات بكل التدابير اللازمة لحماية نفسها من الاستهداف غير المباشر عبر الحصار الاقتصادي، ما يعني انه يحق للدولة السورية ممارسة حقوقها في الدفاع عن كل ما ينعكس سلبا على الاقتصاد والحياة الاجتماعية، وما يدفع الى زعزعة الامن وتشجيع الحروب، وتقر جميع الأنظمة القانونية في العالم بحقها الطبيعي والشرعي في الدفاع عن شعبها، كون القانون الدولي يعتبر ان العقوبات القاسية بكل تفاصيلها وما تتركه من اثار، يصل الى مستوى الاعتداء العسكري بقوة السلاح، ووفق هذا المنطق من حق الدولة الدفاع عن نفسها، ومواجهة العدوان. القياس هنا مشروع لاننا نتحدث عن ادوات حرب بامتياز لا تقل خطورة عن استخدام القوة العسكرية التقليدية.

ان العقوبات الامريكية من قيصر وفصيلته، تندرج ضمن أدوات حرب الجيل الخامس، وهي مصدر تهديد وتدمير، ومن حق الحكومة السورية المطالبة بإسقاطها كونها تعتبر اداة اجرام دولي تنتهك حقوق الانسان، لذلك تتحمل الولايات المتحدة الامريكية المسؤولية الدولية على كل التداعيات الناجمة عن الإجراءات الضغط الاقتصادية والحصار التي تستخدمها، وتثبت التجربة ان الدولة السورية قادرة على كسر واختراق هذه العقوبات، وتثبت التجربة مع الأمريكي في لبنان والمنطقة ان العقوبات وسيلة للضغط والهيمنة الامريكية تستخدمها كأداة حرب لكن فعاليتها محدودة وهذا دليل على ان كسرها واختراقها، وما التضييق الاقتصادي الا تفصيلة من تفاصيل الحرب التي فرضت على البلاد، وان من انتصر على أمواج الإرهابيين، سيشد الحزام ويمارس حقه بالبقاء في وجه العقوبات الجائرة.

حسام زیدان