"شارلي إيبدو".. وحقيقة "حرية التعبير"

السبت ٠٧ يناير ٢٠٢٣ - ٠٤:٥٥ بتوقيت غرينتش

تفتخر صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية الأسبوعية الساخرة، بعدم إعترافها بإي خطوط حمراء، دينية او عرقية او مذهبية، وان الشيء الوحيد الذي تقدسه هو "حرية التعبير"، لذلك تعطي لنفسها الحق بتناول جميع المقدسات الدينية، والرموز الوطنية بسخرية، في غاية البذاءة والانحطاط، وهي طريقة وصفها رئيس تحريرها، وبفخر، بالطريقة "الصادمة".

العالمقضية اليوم

هناك من أبدى إعجابه، باسلوب الصحيفة الفرنسية، ورأى فيها "شجاعة" على "اقتحام" ما يسمونه بـ"التابوهات". فلا سلاح امضى للتصدي لها، سوى نهج صحيفة "شارلي ايبدو" المتسلحة بـ"حرية التعبير" المطلقة والمجردة من اي قيود، و بـ"روح شجاعة" يتمتع بها القائمون على الصحيفة.

هذا هي صورة "شارلي ايبدو"، التي يفتخر الفرنسيون، وبعض المفتونين من ابناء جلدتنا بها، ولكن لو أمعنا النظر قليلا بنهج الصحيفة، سوف يتضح لنا، ان نشرها رسوم مسيئة للنبي صلى الله عليه واله وسلم، عام 2015، ونشرها اليوم، رسوم مسيئة للمرجعيات الدينية الاسلامية، لا يمكن درّجه في خانة "حرية التعبير"، كما عبر عن ذلك الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، بل في خانة النفاق المدروس والمنظم، فالحكومة الفرنسية، لم ولن تسمح للصحافة الفرنسية يوما، بإنتقاد الاحداث والجرائم التي طبعت التاريخ الفرنسي، الاستعماري منه والحديث عنه، فـ"حرية التعبير" تفقد كل "قدسيتها" امام "مصلحة فرنسا".

نتحدى صحيفة "شارلي ايبدو"، التي تدعي "الشجاعة والجرأة" في قول كل شيء ورسم كل شيء، وانها تملك الحق المطلق في الاستهزاء بالاديان الالهية والرموز الدينية والوطنية للامم والشعوب انطلاقا من حقها في "حرية التعبير"، ان تنطلق من هذا الحق ، حق "حرية التعبير"؟، وتتهجم او تسيء او تنتقد تاريخ الحركة الصهيونية، او ان ترسم رسما ساخرا عن "الهولوكوست"؟. من المؤكد انها لم ولن تجرأ على ان تكتب كلمة واحدة، او ترسم خطا، عن ذلك.

اين كانت "حرية تعبير" "شارلي ايبدو"، من نزع حجاب الفتيات المسلمات بالقوة في المدارس الفرنسية؟، وطرد المحجبات من الدوائر والمعامل والشركات والمدارس والجامعات؟. الا يعتبر هذا نفاقا فاضحا؟. فالسلطات الفرنسية تدعي "حرية التعبير"، وتقوم بقمع كل من يعبر عن فكر يخالف رأيها، او يرتدي زيا لا ترتضيه. الا يكشف ذلك عن وجود نزعة فاشية لدى السلطات الفرنسية، التي تحاول فرض افكارها وتصوراتها على الجميع بالقوة، سالبة اي حرية تعبير للاخر، ولسان حالها يقول لا حرية غير "الحرية" التي أؤمن بها انا.

كلنا يتذكر كيف قمعت السلطات الفرنسية، الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، لانه شكك بعدد ضحايا "الهولوكوست"، فقد تم ادانته امام المحاكم ، وطرده من الجامعة وتجريده من كل حقوقه، بينما الرجل لم يستخدم الا حريته في التعبير كفيلسوف ومفكر ومؤرخ، ومع ذلك لم نر اي موقف مساند له من قبل صحيفة "شارلي ايبدو" ولا غيرها، لان "حرية التعبير" المقصودة هي "حرية تعبير" السلطات حصرا، ولا يحق للاخرين ان يقولوا غير الذي تقوله.

من الواضح ان الغرب، ادرك ان محور المقاومة الممتد من ايران مرورا بالعراق وسوريا ولبنان وانتهاء باليمن، مازال رقما كبيرا وكبيرا جدا في المنطقة، رغم اغتيال قادة النصر قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، لذلك تفتقت العقول المهزوزة والمهزومة، عن فكرة في غاية الدناءة والخسة، تتمثل بالتعرض لشخص قائد الثورة الاسلامية في ايران، بإعتباره الشخصية الرئيسية، التي تقف وراء كل هذا الاندفاع لمحور المقومة في المنطقة، وكل هذا الانكفاء للمحور الامريكي الغربي الاسرائيلي العربي الرجعي، متناسين ان هذه الهجمة البائسة والسوقية والمبتذلة، عبر استخدام "شارلي ايبدو" سيئة الصيت، فضحت عجزهم عن مجاراة محور المقاومة، كما فضحت إكذوبتهم عن .. "حرية التعبير".

سعيد محمد - العالم