العالم - كشكول
هذا التصريح الامريكي الوقح، هو تأكيد إضافي على ان السبب الاول والاخير، وراء كل الازمات والحروب والصراعات، التي تشهدها المنطقة ومن ضمنها سوريا، هو امريكا وتواجدها غير المشروع في المنطقة، وتدخلها السافر في شؤونها، وهو تدخل لا هدف له الا مصلحة "اسرائيل"، وهي مصلحة قائمة على خراب ودمار دول المنطقة وشرذمة شعوبها.
ان امريكا وبهذا المنطق المتعجرف والصلف، تتعامل مع دول العالم وكأنها عبارة عن أشخاص غير ناضجين، لا يحق لهم التصرف بمحض ارادتهم، وهم بحاجة لشخص بالغ، يحدد لهم الخطأ من الصواب، وما يجب ان يفعلوه ولا يفعلوه، واذا ما تجرأ شخص ما، ان يرفض الخضوع للاوامر، سيقع حتما في دائرة الغضب.
اللافت ان امريكا اعلنت وبشكل صريح ورسمي رفضها لاي تقارب تركي سوري، رغم رفض الجانب السوري، لحد الان، فكرة عقد اي لقاء بين الرئيس السوري بشار الاسد و الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما لم تنهي تركيا احتلالها للارضي السورية، وتوقف دعمها للجماعات الارهابية.
صحيح ان سوريا اكثر حرصا من تركيا على ان يعم السلام والوئام المنطقة، بعد عقد من الحروب والصراعات التي اشعلتها امريكا و"اسرائيل" والرجعية العربية، ولكن سوريا تدرك ايضا ان جانبا من الاندفاعة التركية نحو التطبيع معها، هو لاهداف انتخابية، بعد فشل اردوغان في تحقيق اهدافه عبر التدخل العسكري في سوريا ودعم الارهاربيين، والذي ارتد سلبا على مستقبله السياسي، وعلى احتمالات فوزه بالانتخابات.
من الواضح ان امريكا، التي تستخدم كل امكانياتها للضغط على دول المنطقة للتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وترفض محاولات تركيا، للتطبيع مع سوريا، وهما بلدان مسلمان جاران، تربطهما علاقات تاريخية واجتماعية وثقافية واقتصادية متشعبة ومتجذرة، تصر من خلال ذلك على الابقاء على نار الفتن مشتعلة بين البلدين، لتلتهم ثرواتهما وامكانياتها وفرصهما، ناهيك عن تداعياتها الكارثية عليهما كوجود، فتركيا لم ولن تبقى كما هي، في حدودها الجغرافية الحالية، في حال تقسمت سوريا، الامر الذي يجب ان يشكل حافزا للقيادة التركية، من اجل تجنيب بلدها وشعبها، المزيد من الازمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والامنية، وان تتعامل مع قضية التطبيع مع سوريا، بعيدا عن اجندات انتخابية مرحلية، بعد ان تكشفت نوايا امريكا الحقيقية من وراء الحرب على سوريا.