وأشار رئيس الأركان الايراني "فيروز ابادي" في حديث له مع "وكالة أنباء اِرنا"، إلى أن الحرب التي شهدها العالم في صيف عام 2006 بين حزب الله و الكيان الاسرائيلي والتي سميت في ما بعد بـ "حرب الـ 33 يوماً"، کانت حرباً فريدةً من نوعها، و كانت بداية ً لتحولاتٍ كبيرة ٍ جداً في المؤسسة الداخلية للكيان الاسرائيلي من جهة و في المنطقة أجمعها من جهةٍ أخرى، و الآن أصبحت أبعاد و تأثيرات هذه الحرب أكثر وضوحاً للعيان حين غدت تُدرَّس في مختلف الجامعات العسكرية.
و أضاف: لقد أثبتت استراتيجية حزب الله في القتال فعاليتها في مواجهة الهجمات الكلاسيكية التي شنتها قوات الاحتلال الاسرائيلي على الأراضي اللبنانية، و بهذا انكسرت أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر، و أصبحت حرب الـ 33 يوماً كابوساً لن ينساه الكيان الاسرائيلي ووصمة عارٍ على جبينه.
و أشار رئيس الأركان إلى أن فاعلية حرب الـ 33 يوماً قد ظهرت في عام 2009 عندما شن الكيان الاسرائيلي بتمام قوته هجوماً على قطاع غزة حيث غيرت هذه الحرب نظرة الخبراء العسكريين حين استخدم الجناح العسكري لحماس و الجهاد الإسلامي نموذج حزب الله القتالي داخل غزة و الذي أعطى ثماره.
و اعتبر رئيس الأركان أن هنالك الكثير من الدروس التي يمكن تعلُّمها من حرب الـ 33 يوماً، كالاستعانة بالقيادة الذكية و الدقيقة كسلاحٍ فعال في الحرب، الاستفادة من استراتيجية انتقاء الأهداف و الأسلحة الفعالة، العمل على التحضيرات الجيدة و الهجمات المفاجئة، التأكيد على أهمية نظام المخابرات في حفظ و حماية خطط الحرب، استخدام الحرب النفسية ضد قوات الكيان و أعوانه، الملاءمة بين طبيعة أرض المعركة و نوعية الأسلحة المستخدمة، وفي النهاية الاستعانة بوحدة الشعب المظلوم و المتألم في الدفاع عن المقاومة الإسلامية.
هذا، و لخص فيروز آبادي استعدادات حزب الله خلال الحملة الشرسة من قبل جيش الكيان الاسرائيلي و طريقة إدارته للمعركة بالنقاط التالية: على عكس توقعات الكيان الاسرائيلي وقادته، فإن حزب الله ليس فقط لم يتوقف عن المقاومة بعد عام 2000، بل إضافةً إلى ذلك فقد حوَّل المنطقة الحدودية اللبنانية الاسرائيلية إلى أرض للمعركة، حيث عمل على تطوير حرب العصابات و جهز نفسه بالاستعانة بالأسلحة المناسبة و التدريب المناسب لمواجهة العدو الاسرائيلي.
كما أشار رئيس الأركان إلى الوضع الانساني المأساوي بعد الحرب فقد كلفت هذه الحرب المفتوحة و العنيفة اللبنانيين أكثر 1200 شهيد إضافةً لآلاف الجرحى ومئات الآلاف من المشردين ومليارات الدولارات، و الأقسى السكوت المميت الذي ساد المجتمع الدولي الذي لم يقم سوى بالدفاع عن الكيان الاسرائيلي رغم كبر الفاجعة و شناعة الجرائم المرتكبة.
و أضاف : حرب الكيان الاسرائيلي على كامل أراضي لبنان بشكل طبيعي جاءت لتخدم مصالح الأميركيين و المحافظين الجدد الحاكمين آنذاك، و اعتبرت بنظرهم ولادةً للشرق الأوسط الجديد الذي رسموه في المنطقة.
و أشار إلى أن الهزيمة التي مني بها جيش الكيان في حربه مع حزب الله فضحت فقدان التنسيق في المؤسسة الأمنية و العسكرية للكيان و غياب الخطط النافعة في مواجهة استراتيجية حزب الله القتالية و غياب التنظيم الدقيق، الأمر الذي نجم عنه فيما بعد تغييرات واسعة في جيش و مخابرات الكيان الاسرائيلي طالت كل المستويات.
و شدد رئيس الأركان على أن الممارسات و التدابير السنوية و الشهرية الكثيرة للكيان الاسرائيلي أفقدت الاسرائيليين ثقتهم بأنفسهم و أصبحت دليلاً على مدى ضعفهم و عدم قدرتهم على الاستمرار، لهذا السبب كرر الكيان مراراَ و تكراراً ادعاءاته بأن حرب الـ 33 يوماً كانت بطلب ٍمن الجانب الأميركي واللوبي الاسرائيلي هناك بهدف ولادة الشرق الأوسط الجديد، لكن حكم القرآن الكريم هو أبلغ رد على إدعاءاتهم (و مَكروا و مَكَرَ الله والله خير الماكرين) و بذلك فإن انتصار حزب الله و سطوع المقاومة خلق فضاءً جديداً في الصحوة الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة.