شمخاني في موسكو.. إيران وروسيا وإرهاصات النظام الدولي الجديد

شمخاني في موسكو.. إيران وروسيا وإرهاصات النظام الدولي الجديد
الخميس ٠٩ فبراير ٢٠٢٣ - ٠٣:٥٠ بتوقيت غرينتش

بمبادرة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تم تأسيس منتدى "الحوار الأمني ​​الإقليمي" عام 2017، واستضافت طهران الاجتماع الأول والثاني للحوار، واليوم تستضيف موسكو الاجتماع الخامس، بمشاركة الأمناء والمستشارين وممثلي مؤسسات الأمن القومي لروسيا وإيران والهند والصين وطاجيكستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان.

العالم كشكول

كانت ايران تهدف من وراء هذه المبادرة، الحيلولة دون تسري تداعيات الأوضاع الأمنية في أفغانستان الى جيرانها، والتي ساءت بعد الغزو الامريكي لهذا البلد، عبر المساعدة على تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والتقدم في أفغانستان، وهو ما يتطلب تجاوبا ايجابيا من قبل الاطراف الافغانية كافة دون استثناء، فبدون هذا التجاوب لا يمكن لدول الجوار من فعل اي شيء لافغانستان.

كما كانت ايران تهدف من خلال هذه المبادرة، الى ما يمكن ان نسميه بـ"إقلمة الحلول"، اي حل مشكل الاقليم بعيدا عن اي تدخل من خارجه، وهو تدخل لن يساهم إلا في تأزيم الاوضاع اكثر، وتعقيد الحلول، واثارة الفتن والاضطرابات بين الدول الجارة.

في اجتماع موسكو امس، القى الادميرال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني، كلمة اشار فيها الى ان سبب المشاكل التي تواجهها دول المنطقة، تعود الى قضيتين، الاولى وجود خلافات طبيعية، والثاني منع حل الخلافات الإقليمية بمشاركة دول المنطقة، الامر الذي يكثف ضرورة ان ترفع دول المنطقة الموانع التي تحول دون ان تتوالى مسؤولية حل خلافاتها بنفسها بعيدا عن اي تدخل خارجي.

وذكّر شمخاني، إن أولئك الذين لعبوا الدور الأكبر في تدمير أفغانستان هم الآن المسؤولون عن توفير تكاليف إعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية لأفغانستان ويجب ألا نسمح لهم بالتنصل من هذه المسؤولية.

يمكن اعتبار لقاءات شمخاني مع المسؤولين الروسي وخاصة نظيره نيكولا باتروشوف، بانها جاءت ردا عمليا على الضجة التي افتعلها الغرب بتحريض من الكيان الاسرائيلي، حول كذبة "تسليح ايران لروسيا بمسيرات انتحارية"، والتي كان الهدف منها، منع اي تقارب ايراني روسي في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وخاصة الاقتصادية من اجل اجهاض اجراءات الحظر الأمريكية الأحادية الجانب المفروضة على ايران و روسيا.

الكيان الاسرائيلي ومن خلفه الغرب، كان يعتقد ان الحرب النفسية التي تُشن على ايران وروسيا، ستدفع البلدين الى التراجع عن المضي قدما في تنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والعسكرية، الا ان الذي حدث كان على عكس ما كان يعتقد المحور الامريكي الغربي الاسرائيلي، فقد اكد شمخاني، إن العلاقات الإيرانية الروسية بمختلف أبعادها الاقتصادية والدفاعية والأمنية والعلمية والتجارية تتطور بشكل أساسي أكثر مما كانت عليه في الماضي.

وقبل ايام من زيارة شمخاني الى موسكو، حل رئيس الدوما الروسي فيلاتشلاف فالدين ضيفا على طهران، والتقى رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قالیباف، وتم عقد الاجتماع الثالث للجنة البرلمانية العليا بين البلدین، حيث تم فيه بحث قضايا الطاقة، وشارك فيه من الجانب الايراني كل من وزير النفط، والمتحدث باسم منظمة الطاقة النووية، ومساعد وزير الطاقة، الى جانب رئيس لجنة الطاقة البرلمانية، ومن الجانب الروسي، شارك مساعد وزير التنمية الاقتصادية ورئيس اللجنة الاقتصادية المشتركة مع ايران، ورئيس لجنة الطاقة في الدوما، ومساعد وزير الطاقة ومعاون رئيس شركة روس اتم.

يبدو ان محاولات الكيان الاسرائيلي وامريكا منع التقارب الروسي الإيراني، جاءت بنتائج عكسية، لاسيما المحاولة المفضوحة التي كشف عنها موقع "أكسيوس" الامريكي ، نقلا عن "مسؤولين إسرائيليين" قولهم "إنهم يأملون استغلال التركيز الحالي على المساعدات التي تقدمها إيران للجهود الحربية الروسية في أوكرانيا كوسيلة لزيادة الضغط الدولي على طهران"، واضاف هؤلاء "المسؤولون"، أن "وزارة الخارجية الإسرائيلية أرسلت في 20 أكتوبر/ تشرين الاول الماضي برقية سرية إلى عشرات السفارات الإسرائيلية في الدول الغربية تطلب منها البدء في إثارة قضية نقل الطائرات المسيرة الإيرانية إلى روسيا، بالإضافة إلى احتمال نقل صواريخ باليستية"!!.

هذه الاكاذيب "الاسرائيلية"، لن تدفع روسيا وايران، الى ترك الساحة الدولية، ليثبت فيه الغرب محوريته في النظام العالمي، فإن التفاعل بين إيران و روسيا، في طليعة النظام الدولي الجديد، سيعزز محور القوى الناشئة.