ولا عزاء للحكومات العربية المُطبّعة..

شكراً للجزائر وإفريقيا بعد طردهما "اسرائيل" من الاتحاد الافريقي

شكراً للجزائر وإفريقيا بعد طردهما
الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠٢٣ - ٠٦:٥٦ بتوقيت غرينتش

الحدث الأهم يوم السبت الماضي رأينا قيام مجموعة من الحراس والمنظمين، وقبل لحظات من افتتاح أعمال قمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا بطرد الدبلوماسية الإسرائيلية شارون بارلي نائبة مدير الشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية من القاعة التي “تسللت إليها” واصطحابها إلى الباب الخارجي، وسحب بطاقة الدخول كعضو مراقب التي وضعتها على صدرها، وحصلت عليها بطرق غير قانونية.

لا مكان لكيان الاحتلال العنصري الفاشي في أوساط الدول الإفريقية وقادتها الشرفاء، هذا الكيان الإرهابي الذي كان الحليف الأكبر لنظام الفصل العنصري في القارة، وزودته بالمال والتكنولوجيا النووية، هذا الكيان الذي يرتكب المجازر في حق الشعب الفلسطيني بصفة يومية، وينهب أرضه، وثرواته، ويقتل الأطفال دون رحمة، بكل غطرسة وغرور، وبحماية من يطلق على نفسه العالم الديمقراطي الحر بزعامة الإرهاب الأمريكي.

وزارة الخارجية الإسرائيلية التي فتحت سرادق العزاء، ولم تجد إفريقيا واحدا يواسيها في مصابها، اتهمت الجزائر وجنوب إفريقيا، بالوقوف خلف عملية الطرد المهينة والمذلة هذه، ولكنها لا تعرف أن هذه التهمة تشرف الجزائر دولة وشعب المليون شهيد، وجنوب إفريقيا حامية إرث الزعيم الخالد نيلسون مانديلا، ومعظم، إن لم يكن كل، الشعوب الإفريقية.

كيان الاحتلال، وفي ذروة الهيمنة الأمريكية والخنوع العربي الرسمي، حصل في آب (أغسطس) عام 2021 على صفة عضو مراقب في الاتحاد الإفريقي وبقرار من رئيسه موسى فيكي محمد للأسف، ودون الرجوع للدول الأعضاء، ولكن انتفاضة الجزائر وجنوب إفريقيا الغاضبة، وهبتهما، نجحتا في تجميد هذا القرار، وإصدار قرار بالإجماع من الاتحاد في هذا الصدد، وتشكيل لجنة من سبع رؤساء بتحويل التعليق إلى طرد دائم.

الأمانة العامة للاتحاد سحبت دعوة وجهتها للحكومة الإسرائيلية، وطلبت فيها عدم إرسال أي مندوب للحضور، ولكنها كعادتها، أي الحكومة الإسرائيلية، تجاهلت هذه الخطوة، وأرسلت مندوبتها المذكورة آنفا إلى أديس أبابا لتتسلل على حين غفلة إلى قاعة الاجتماع، ونحمد الله أنها فعلت ذلك، حتى يتحول هذا التسلل إلى فضيحة سياسية عالمية.

طرد إسرائيل وسحب عضويتها كمراقب من الاتحاد الإفريقي، يتصدر القضايا المطروحة على جدول أعمال هذه القمة التي شارك فيها 36 رئيسا، وأربع رؤساء حكومات، وكل المؤشرات تؤكد، وبفضل جهود رئيسي الجزائر وجنوب إفريقيا، ودعم جميع القادة المشاركين، ومن بينهم السيد غزالي عثماني رئيس دولة جزر القمر رئيس الدورة الحالية، وزعماء وممثلي مصر وتونس وليبيا وموريتانيا علاوة على جزر القمر والصومال وجيبوتي.

شهر العسل الإسرائيلي في القارة الإفريقية جاء أقصر بكثير مما توقعه قادتها، وداعميها في أوروبا وأمريكا، بل وحتى في بعض، العواصم العربية المطبعة التي وقعت معها اتفاق “سلام أبراهام” المغشوش والمسموم.

القارة الإفريقية تستعيد قوتها، ومكانتها، وتضع قيم العدالة ومصالح شعوبها الوطنية فوق كل اعتبار، وها هي تقطع أشواطا طويلة لإصدار عملتها الخاصة، ودينارها الذهبي، وتحرر اقتصادها من التبعية الغربية، وتعزز تحالفاتها مع أقطاب النظام العالمي الأمني والمالي الجديد بزعامة الصين وروسيا، والفضل في ذلك يعود إلى قياداتها الوطنية الجديدة.

نقول شكرا من القلب لأهلنا في الجزائر وقائدها ووزير خارجيتها الذين لعبوا دورا كبيرا في إغلاق أبواب القارة الإفريقية في وجه هذا التسلل الصهيوني الخبيث، ونقول شكرا أيضا إلى الأشقاء في جنوب إفريقيا الذين حافظوا على عهد زعيمهم، والعالم الثالث بأسره، نيلسون مانديلا، ووقفوا دائما وبصلابة في خندق القضية الفلسطينية العادلة، ولم يتخلوا عن هذا العهد مطلقا رغم الضغوط الكبيرة والمغريات الأكبر.

إفريقيا تنتصر لفلسطين وشعبها وقضيتها وحقوق شعبها، في هذا التوقيت الصعب حيث تتفاقم المجازر الإسرائيلية، وعمليات الاستيطان، ومخططات الطرد والإبعاد، وتهويد الثروات، فشكرا لشعوبها الشقيقة وقياداتها الوطنية، ونحن على ثقة أنها، وبسبب هذه المواقف المشرفة ستستعيد مكانتها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي، وفي مكان بارز في خريطة القوى الأهم عالميا، فالمسيرة انطلقت نحو الهدف المأمول ولن تتوقف.. والأيام بيننا.

مقالة بقلم عبدالباري عطوان